غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر أطباء بلا حدود تخرج عن صمتها وتدعو إلى أخذ المدنيين الفلسطينيين بعين الاعتبار

نوفال أوبسارفاتور 

في حين أنّ منظمة أطباء بلا حدود، غير حكومية، معتادة على الحفاظ على الحياد؛ إلا أنها خرجت عن صمتها يوم الأربعاء للتنديد بـ”المعايير غير المقبولة لعدّة عقود من الاحتلال الإسرائيلي”. فيما يلي، يفسر لنا مدير بعثات أطبّاء بلا حدود في القدس، إروان غريون، لماذا بات من الضروري أن تضيف أطباء بلا حدود صوتها إلى صوت غيرها من الجهات الفاعلة على الميدان في المنطقة.

لم تعتد منظمة أطبّاء بلا حدود على اتّخاذ مواقف على الأراضي الّتي تعمل فيها. لماذا هنا والآن؟

ليست هذه المرّة الأولى تمامًا الّتي نتحدّث فيها عن مشاكل جابهتنا على الميدان في فلسطين؛ إذ إن لنا مواقف حيادية ونحافظ عليها، ولكن اليوم بات علينا أن نندد بالسياسة الإسرائيلية للإذلال والقمع الّتي ليست قوية جدًّا فحسب؛ بل أصبحت أكثر وضوحًا منذ الحرب الأخيرة. كفى! ما حدث قبل عام في غزّة كان في حدّ ذاته غير مقبول، والمرضى الّذين نقابلهم كلّ يوم أصبحوا ضعفاء وفقدوا أسلحتهم النفسية شيئًا فشيئًا. ولهذا؛ نريد التنديد بصوت عالٍ بهذا الاحتلال الّذي يمنع الناس من إعادة بناء أنفسهم. يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار المدنيين الّذين يعانون.

فيما يتعلّق بقضية غزّة، هل تخشون اندلاع حرب جديدة مع قتلى وتدمير مرّة أخرى؟

نخشى دائمًا تصاعد التوترات واندلاع حرب جديدة. واليوم، هناك حرب محدودة قائمة على الأرض، وإمكانية تصاعد العنف يمكن أن تتحقّق في الواقع، ولكنّ المشكلة المباشرة الّتي يعاني منها سكان غزّة تكمن في أنّهم محبوسون تمامًا؛ إذ ليس بإمكانهم الخروج، سواءً لأسباب اقتصادية أو لأسباب صحية.

وعندما نطالب بتوفّر الشروط من أجل أن يبني الفلسطينيون أنفسهم، نحن لا نتحدّث فقط عن إعادة بناء العمارات؛ بل نتحدّث أيضًا عن إعادة بناء الإنسان. يجب أن يتمكّن الناس من الحصول على حياة كريمة وهياكل صحية أفضل ومنتجات استهلاكية متوفّرة.

يجب التذكير بأنّ طفلًا لم يتجاوز عمره الثامنة لم يعش إلاّ الحروب في غزّة؛ وهذا صادم على الورق، ولكن عندما نلتقي بهؤلاء الأطفال الّذين لم يعد لديهم أيّ أفق لا يمكننا إلا التفكير في رغبتنا في إخراجهم من هذا.

ولكن كيف؟ في مواجهة هذه المآسي، يقدّم الجانب الإسرائيلي الحجة الأمنية وإطلاق الصواريخ من غزّة نحو جنوب “إسرائيل” ليبدو كما لو أنه يعطي لنفسه الحقّ…

الحصار والاحتلال العسكري غير متناسبين مع الوضع؛ فغزّة قطاع تقدّر مساحته بـ 363 كم مربّع ببابي دخول: الأول للشعب والثاني للممتلكات، في حين أنّ نقطة العبور مع مصر مغلقة بشكل دائم تقريبًا منذ 24 أكتوبر. ويأتي بعد ذلك البحر، ولكنه أيضًا مغلق على بعد 3 أميال من الساحل، ويجب أن يضاف إلى هذا الرقابة المستمرة من قبل سلاح الجوّ. إذن؛ كيف يمكن تخفيف المعاناة؟ هذا يتعلّق برفع الحصار وتهديم الجدران للسماح للفلسطينيين أن يتحركوا بحرية أكثر.

لقد خلق الاحتلال هذه الإشكالية؛ إذ إنّه هو من دفع إلى الحرب، نحن لا نبرّر بالطبع العنف من أيّ طرف كان، ولكن انعدام التناسب في الردّ على إطلاق الصواريخ الصيف الماضي كان مذهلًا: أكثر من 2250 قتيلًا، 70% من المدنيين و25% من الأطفال و15% من النساء.

الوضع معقد والاحتلال لن يرفع بين ليلة وضحاها، والردّ لا يأتي من قبل أطباء بلا حدود، ولكن يجب أن يحصل هؤلاء الناس على حقّ التنقّل بحريّة. يجب أن تحلّ الأمور بالسياسة.

ماذا عن الضفة الغربية؟ هل أنّ الإشكالية نفسها مطروحة؟

طرق التحسين تكاد تكون نفسها؛ إذ إنّها مسألة حقّ دولي إنساني. ولكن الضفة الغربية تتعرّض إلى احتلال أكثر وضوحًا مما يحدث في غزّة، بالإضافة إلى الإذلال اليوم. نحن نواجه احتلالًا مستمرًّا منذ عقود، مع سياسة تسير دائًما في الاتّجاه نفسه: توسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي.

يجب أن يتوقف الاستيطان وتسحب المستوطنات غير الشرعية، والإيمان بتعددية فلسطين، والاعتراف بالدولة الفلسطينية. يجب أن يسمح لفلسطين بالتحليق بأجنحتها الخاصّة دون احتلال عسكري.

لا يمكنكم أن تتخيلوا عدد المرضى الّذين نستقبلهم والمصابين بحالات قلق واكتئاب شديد، أمّا الأطفال فأصبحوا يعانون من حالات تبوّل لا إرادي؛ كلّ هذا نتيجة العملية العسكرية والمداهمات الليلية وهجمات المستوطنين. كلّ هذا يجب أن يتوقّف.