قائمة الموقع

خبر أطفال عائلة بكر.. رحلت الأرواح وبقيت الصور

2015-07-12T09:54:53+03:00

شمس نيوز/ عزالدين أبو عيشة

"رغم مرور عام كامل على رحيلهم، لا زالت أم عاهد بكر، تحتضن صور أطفالها الأربعة الذين مزقت أجسادهم الغضة قذائف وحمم الزوارق الإسرائيلية خلال عدوان صيف 2014، الذي قتل كل معالم الطفولة والبراءة لدى شعب محاصر منذ سنوات، عانى ويلات ثلاثة حروب متتالية أتت على أخضره ويابسه.

مع إشراقة شمس كل صباح، تستقبل أم عاهد ذلك اليوم بلمسة وفاء لأطفالها الذين عاهدتهم بأن تقبل صورهم وتضمها إلى صدرها، ليبقوا الحاضر الغائب، الذي يملأ عبقه جنبات غرفتهم الصغيرة المطلة على شاطئ البحر، حيث كانت لحظات حياتهم الأخيرة على تلك الرمال.

أم عاهد، لا تفعل ذلك رغبة منها في تجديد أحزانها، لكن كل ما يؤلمها أنها لم تحظً بنظرة وداع على فلذات كبدها، قبل مواراتهم الثرى، فقد رحلوا كالطيف، فجأة وبدون استئذان.

وأم عاهد بكر (45 عاما) هي والدة لأربعة شهداء قضوا على شاطئ بحر منطقة الميناء في الحرب الأخيرة على غزة وهم عاهد (12 عاما)، زكريا (10 سنوات)، محمد (11 سنة)، وإسماعيل (9 سنوات)، أثناء لعبهم كرة القدم، لتتحول أجسادهم إلى أشلاء تناثرت فوق رمال البحر.

ذكريات لا تنسى

يظهر على ملامح أم عاهد التعب والمشقة والحزن، بصوتها الشاحب عندما تتحدث عن ذكريات أطفالها الأربعة الذين لم تفرح بطفولتهم.

عرضت أم عاهد لمراسل "شمس نيوز" بقايا ألعاب الأطفال الأربعة وآثار الدماء عليها، لم تحاول يوما مسحها، حيث اصطحبوا تلك الألعاب معهم وهم على شاطئ البحر".

تقول أم عاهد: كانوا يلعبون، لم يحملوا لإسرائيل صاروخا، لكنهم لم ينجوا من همجية الاحتلال التي لم ترحم صغيرا ولا كبيرا، رحل أطفالي وقلبي رحل معهم، كانوا يملئون علي البيت بصوتهم وضحكاتهم التي لم تفارق خيالي حتى اليوم".

أما عم الشهداء إسماعيل بكر (54 عاماً) الذي يعمل صياداً، فكان متواجدا في مكان الحادثة، حيث يروي لمراسلنا الأحداث التي كان شاهدا عليها وقت استشهاد الأطفال الأربعة.

 يقول إسماعيل بكر: يركض عاهد ابن العاشرة، على شاطئ بحر غزة، مع إخوانه محمد وإسماعيل وزكريا، بحثاً عن لعبة تنسيهم ويلات الحرب، فهم أطفال لم يدركوا مجريات هذه الأحداث، وصوتهم يعلو فوق صوت الطائرات وقذائف البوارج".

في ذلك الوقت على شاطئ البحر لا صوت يعلو فوق صوت القذائف، إلا صوت أولئك الأطفال الذين خرجوا بحثا عن أي شيء بعيداً عن مذياع لا يسكت عن بث أخبار الحرب ومجرياتها، وأرقام القتلى والجرحى التي تزداد ساعة بعد أخرى.

ويضيف إسماعيل: كان الأطفال يلعبون كرة القدم على الشاطئ، وما هي إلا لحظات قليلة وحصل ما لم أكن أتوقعه، أطلقت بوارج بحرية الاحتلال ثلاثة قذائف متتالية قضت على الأطفال الأربعة وتحولوا أشلاء تناثرت فوق الرمال".

بصوت شاحب والدموع تغمر عينيه يكمل عم الأطفال الشهداء: لم أكن أقوى على الوقوف لإسعافهم، المنظر شلّ كل قواي، فرأيت رأس عاهد منفصلا عن جثته، وبترت قدم إسماعيل، ومحمد وزكريا أصبحوا أشلاء".

لم يكن صدى هذه الكلمات تتحمله أذن أم عاهد، فبشكل هستيري صرخت: ابني حبيبي رحل إلى جنات الخلد"، وتبكي الأم الثكلى طفلها، وهي أقرب إلى فقدان الوعي: "ما ذنب عاهد ومحمد، وإسماعيل، وزكريا؟" وكأنها لا تصدق بأن أبناءها استشهدوا رغم مرور عام على تلك الحادثة.

وتضيف أم عاهد: أتذكر أطفالي في كل وقت، حتى أني أنادي عليهم بأسمائهم في كل مرة أعد سفرة الطعام، لعلي أسمع أحدا منهم يجيب".

لم تستوعب ام عاهد حالة الفراق المفاجئة، فهي لم تنس عاهد الذي كان يقول لها دوما "سأدفع لكي ثمن حجك عندما أتوظف". استشهد عاهد، ورحل الحلم معه، وبقيت ذكراه تدق ناقوسها في أذن أمه عندما تسمع اسمه.

وأوضحت أم عاهد أن أي جهة مسؤولة لم تتحرك للمطالبة بحقوق أطفالها،علما بأنها طالبت المؤسسات برفع قضايا على العدو.

وقتلت إسرائيل خلال حربها العدوانية على قطاع غزة صيف العام 2014، أكثر من 2000 فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنساء.

اخبار ذات صلة