غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر الإمام الأوزاعي.. لا يخشى في الله لومة لائم

هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يُحْمَد الأَوْزَاعِيُّ. قال محمد بن سعد: "والأوزاع بطن من همدان". وقال البخاري في تاريخه: "الأوزاع: قرية بدمشق إذا خرجت من باب الفراديس". وقد وُلِد في بَعْلَبَكَّ سنةَ 88هـ/ 707م، ونشأ في البقاع، وسكن بيروت.

طفولة الإمام الأوزاعي وتربيته

قال ابن كثير: "نشأ - أي الأوزاعي - بالبقاع يتيمًا في حجر أمه، وكانت تنتقل به من بلد إلى بلد، وتأدب بنفسه، فلم يكن في أبناء الملوك والخلفاء والوزراء والتجار وغيرهم أعقل منه، ولا أورع ولا أعلم، ولا أفصح ولا أوقر ولا أحلم، ولا أكثر صمتًا منه".

ملامح من شخصية الإمام الأوزاعي

كثرة علم الإمام الأوزاعي وفقهه:

يُعَدُّ الإمِامُ الأوزاعي أحد الفُقَهَاءِ الأعلام الذين أثَّرُوا في مَسِيرةِ الفِقْهِ الإِسْلاَمِيِّ، خَاصَّةً في بلادِ الشَّامِ والأَندلُسِ. قال الحافظ ابن كثير: "وقد بقي أهل دمشق وما حولها من البلاد على مذهبه نحوًا من مائتين وعشرين سنة".

ثم انتقل مذهبه إلى الأندلس وانتشر هناك فترة، ثم ضعف أمره في الشام أمام مذهب الإمام الشافعي، وضعف في الأندلس أيضًا أمام مذهب الإمام مالك الذي وجد أنصارًا وتلاميذ في الأندلس، بينما لم يجد مذهب الأَوْزَاعِيِّ الأنصار والتلاميذ.

وقد حجَّ مرةً فدخل مكة وسفيان الثوري آخذ بزمام جمله، ومالك بن أنس يسوق به، والثوري يقول: أفسحوا للشيخ. حتى أجلساه عند الكعبة، وجلسا بين يديه يأخذان عنه.

عبادة الإمام الأوزاعي وورعه وزهده:

قال بشر بن المنذر: "كان الأوزاعي كأنه أعمى من الخشوع". وقال ابن مسهر: "كان يُحيي الليل صلاة وقرآنًا". وقال الوليد بن مسلم: "ما رأيت أحدًا أشدَّ اجتهادًا من الأَوْزَاعِيِّ في العبادة".

الإمام الأوزاعي لا يخشى في الله لومة لائمٍ:

لما سأله عبد الله بن علي - عم السفاح الذي أجلى بني أمية عن الشام، وأزال الله سبحانه دولتهم على يده - عن بني أمية قائلاً: يا أوزاعي، ما ترى فيما صنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة عن العباد والبلاد؟ أجهادًا ورباطًا هو؟ فقال الأوزاعي: أيها الأمير، سمعت يحيى بن سعيد الانصاري يقول، سمعت محمد بن إبراهيم التيمي يقول، سمعت علقمة بن وقاص يقول، سمعت عمر بن الخطاب يقول، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه".

فغضب عبد الله بن علي، ثم قال: يا أوزاعي، ما تقول في دماء بني أمية؟ فقال الأوزاعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة".

فاستشاط الأمير غيظًا، ثم قال: ما تقول في أموالهم؟ فقال الأوزاعي: إن كانت في أيديهم حرامًا فهي حرام عليك أيضًا، وإن كانت لهم حلالاً فلا تحل لك إلا بطريق شرعي. فأمره الأمير بالانصراف، ثم أمر له بعطيَّةٍ، فأخذها الأوزاعي ثم تصدق بها.

شيوخ الإمام الأوزاعي

روى عن عطاء بن أبي رباح، والقاسم بن مُخَيْمرة، ومحمد بن سيرين حكايةً، والزهري، ومحمد بن علي الباقر، وإسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر، وقتادة، وعمرو بن شعيب، وربيعة بن يزيد، وشداد، وأبي عمار، وعبدة بن أبي لبابة، وبلال بن سعد، ومحمد بن إبراهيم التيمي، ويحيى بن أبي كثير، وعبد الله بن عامر اليحصبي، ومكحول، وأبي كثير السحيمي، وخلق كثير.

تلامذة الإمام الأوزاعي

روى عنه مالك، وشعبة، والثوري، وابن المبارك، وابن أبي الزناد، وعبد الرزاق، ومحمد بن حرب، وخلق كثير. وروى عنه من شيوخه: الزهري، ويحيى بن أبي كثير، وقتادة، وغيرهم.

مؤلفات الأوزاعي

1- كتاب السنن في الفقه.

2- كتاب المسائل في الفقه.

3- كتاب السير.

4- كتاب المسند.

ثناء العلماء على الإمام الأوزاعي

قال عنه أبو نعيم في الحلية: "الإمام المبجل، والمقدام المفضل، عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأَوْزَاعِيُّ، رضي الله تعالى عنه، كان واحد زمانه، وإمام عصره وأوانه، كان ممن لا يخاف في الله لومة لائم، مقوالاً بالحق لا يخاف سطوة العظائم". وقال عنه الحافظ ابن كثير: "الإمام الجليل، علامة الوقت... فقيه أهل الشام وإمامهم".

وقال عنه الإمام مالك: "كان الأَوْزَاعِيُّ إمامًا يُقتدى به". وقال سفيان بن عيينة وغيره: "كان الأَوْزَاعِيُّ إمام أهل زمانه". وقال محمد بن عجلان: "لم أر أحدًا أنصح للمسلمين من الأَوْزَاعِيِّ". وقال يحيى بن معين: "العلماء أربعة: الثوري، وأبو حنيفة، ومالك، والأَوْزَاعِيُّ".

من كلمات الأوزاعي الخالدة

- اصبر على السنة، وقف حيث يقف القوم، وقل ما قالوا، وكف عما كفوا، وليسعك ما وسعهم.

- العلم ما جاء عن أصحاب محمد، وما لم يجئ عنهم فليس بعلم.

- لا يجتمع حب علي وعثمان إلا في قلب مؤمن.

- إذا أراد الله بقوم شرًّا فتح عليهم باب الجدل، وسدَّ عنهم باب العلم والعمل.

- العافية عشرة أجزاء، تسعة منها صمت، وجزء منها الهرب من الناس.

وفاة الإمام الأوزاعي

توفي ببيروت يوم الأحد 28 من صفر سنة 157هـ/ 16 يناير 774م، وهو دون السبعين بسنة واحدة. رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته.