قائمة الموقع

خبر عائلة "أبو جبر".. استقبلت ضيفها في المنزل وودعته في المقبرة

2015-07-15T09:19:31+03:00

شمس نيوز/عبدالله مغاري

جاءها العيد زائرا فكان بمثابة الضيف الثقيل الذي يطرق الأبواب في غير ميعاده, فلا مكان للاستقبال ولا مزاج لذلك, فمن ذلك الذي يخرجها من هذا المأزق, فذوقها لا يسمح لها  بإغلاق الباب أمام زوارها, فما كان أمامها سوى استقباله بثوبها الأبيض وعطرها الممزوج برائحة المسك والبارود.

هي غزة التي اعتادت على العيش في كل الظروف, فكيف لها أن ترفض العيد وقد طرق أبوابها خلال العدوان الأخير في صيف عام 2014,ليجعل أيامه الثلاثة شهودا على الجريمة وذكريات تعانق ذوي الشهداء والجرحى .

مجازر الاحتلال التي اُرتكبت خلال أيام العيد لا تختلف عن غيرها سوى أنها تحمل بين طياتها قصصا لعائلات انتظرت العيد, على أمل أن يغلق باب الحرب ولو قليلا, فكان الأسوأ عليها, كعائلة أبو جبر التي تقطن في بلوك "7" شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة ,والتي اجتمعت في أول أيا العيد لتستقبل يومه الثاني بغارة إسرائيلية أبادت ثلاثة منازل متلاصقة وحصدت عشرين شهيدا .

ضمن تغطيتها لذكرى الحرب التقت "شمس نيوز" بمن تبقى من عائلة الحاجة أم أنور وشقيقها أبو عدنان ولتعيد عجلة الذكريات إلى عام مضى.

جمعهم العيد

ساعات من الهدوء النسبي تزامنت مع شائعات تتحدث عن هدنة مؤقتة خلال أيام العيد ,جعلت كثيرا من الغزيين يتوافدون إلى أقربائهم, فعائلة الحاج أبو عدنان أبو جبر وشقيقته أم أنور واللذين يسكنان في منزلين متلاصقين، كانت من إحدى العائلات التي جمعت أبناءها لقضاء اليوم الأول معا.

الشاب "عدنان" والذي بقي هو وشقيقتين وشقيق آخر يقيم خارج الوطن, يروي تفاصيل اللحظات الأخيرة، ليقول: كانت المنطقة أشبه بالخالية بعد أن هرب كثير من الجيران بسبب القذائف العشوائية, وكانت عائلتي موجودة في المنزل وعائلة عمتي أم أنور في المنزل الملاصق".

ويضيف: اجتمعنا في أول أيام العيد بالبيت، وجاءت شقيقتي التي تسكن بمنطقة السودانية ,وشقيقة أخرى تسكن في مخيم المغازي,, فالحمد لله على كل شيء استشهدتا في المنزل.

ساعات فقط كانت هي الفارق الزمني الذي أنقذ عدنان من المجزرة ,بعد أن غادر وأسرته إلى منزله في النصيرات, ليدفن في اليوم التالي ثمانية عشر شهيدا من عائلته ,وهم الأم والأب وخمسة أشقاء وأحد عشر شهيدا من الدائرة المقربة.

حال عائلة أبو عدنان لا تختلف كثيرا عن حال عائلة شقيقته أم أنور التي اجتمعت هي الأخرى, فنجلها الوحيد أنور الذي كان يسكن في منطقة أبراج النصيرات أراد أن يقضي العيد هو وأسرته مع والدته وشقيقته، لتروي الحاجة "أم أنور" الحكاية: جاء أنور وزوجته وأبناؤه وابنته المتزوجة التي كانت هاربة عند أهلها منذ بداية الحرب, لتعيّد عليّ، فاستشهدت في منزلي هي وجميع أفراد عائلتي".

بقيت وحدها

لحظات لا تمحى من ذاكرة الحاجة أم أنور أبو جبر، والتي بقيت وحدها بعد أن فقدت نجلها الوحيد أنور، وابنتها الوحيدة أنوار وأحفادها في القصف نفسه الذي افقدها شقيقها أبو عدنان ومعظم أفراد عائلتها، لتضيف والدموع تنسال بين تجاعيد وجهها اللحظات الأخيرة: كنت نائمة في المنزل أنا وابني وأحفادي، وضرب المنزل، حينها لم أسمع شيئا, ولم أدرِ ماذا جرى، بدأت أنادي وبعدها غبت عن الوعي وكنت مصابة في رأسي".

لم يكن ألم فراق فلذة الكبد وحده الذي يعانق الحاجة أم أنور طوال عام مضى, فرحيل شقيقها الحاج أبو عدنان الذي كان سندا لها بعد وفاة زوجها قبل سبعة وعشرين عاما, ألم يعادل فراق أبنائها مائة مرة, فتردف بالقول: فقدت أبو عدنان أخي الذي كان يزورني ودائما عندي في منزلي، لا يذهب عن بالي ودائما أفكر به، وبالرغم من فراقي لأبنائي إلا أن حزني على فراق أبو عدنان شيء آخر".

ومنذ ذلك الحين والحاجة أم أنور تقضي معظم وقتها على بقايا منزل كان شاهدا على أجمل لحظات حياتها

كنا سنرافقهم

الشاب" محمد أبو جبر" والذي يسكن في البيت الثالث المستهدف والملاصق للمنزلين الآخرين,  يستذكر تلك اللحظات حين فزع من نومه على خبر استهداف منزله ومنزل أبناء عمه, بعد أن كان قد أخلى بيته هربا من القذائف العشوائية.

يستذكر الشاب "أبو جبر" المشهد ويقول لمراسل "شمس نيوز": بفعل القذائف خرجت أنا وأهلي من المنزل وتوجهنا إلى منزل أكثر أمنا, وفي منتصف الليل سمعت خبرا في الإذاعة عن قصف في منطقتنا، ولم أتوقع أن يكون لمنزلنا".

ويضيف: بدأ الناس يتصلون على هاتفي ويسألونني عما إذا كنت خارج البيت أم أن هناك أحدا في منزلي, حينها أدركت أن المنزل تم استهدافه, جئت هنا فلم أجد منزلي، اختفى عن وجه الأرض، وبدأنا بإخراج الأشلاء".

وبعد أن بدأت معالم المجزرة تتضح أكثر، بدأ محمد وعائلته يتساءلون عن مصيرهم في حال كانوا في المنزل لحظة استهدافه؟

الشاب محمد كان يقتحم دماغه التفكير والتساؤل، أثناء دفن الشهداء تحت نيران القصف، كيف نجانا الله؟ كان من الممكن أن نجاورهم في قبورهم ونرحل معهم في لمح البصر.

اخبار ذات صلة