شمس نيوز / عبدالله عبيد
لم يعد خافيا على أحد مدى إهمال السلطة الفلسطينية بزعامة محمود عباس لأزمات وقضايا قطاع غزة، غير آبهة بآلام ومعاناة السكان وكآبة عيشها، فالقطاع الصغير يعاني من حصار منذ ثمانية أعوام ونيّف، إضافة إلى الإغلاق المتكرر لمعبر رفح البري، المتنفس الوحيد للغزييّن، إلى جانب حروب ثلاث دمرت تلك البقعة وما عليها.
جهود رفع الحصار وإعمار ما دمرته الحرب الأخيرة، مسؤولية تتحملها سلطة عباس وحكومة التوافق الوطني، ولكن يظهر نقيض هذا الأمر، وعلى ما يبدو فإن السلطة الفلسطينية هي من يصب الزيت على النار وتزيد من خنق غزة أكثر فأكثر، بل تعتبر الشوكة الأصعب في حلق القطاع.
خنق القطاع
صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية زعمت في مقال للكاتب العبري الياكيم هعتسني، أن السلطة الفلسطينية طلبت من إسرائيل خنق قطاع غزة، من أجل إقامة دولة فلسطينية، بإسناد أمريكي، على حد تعبيره.
ليؤكد زياد الظاظا، عضو المكتب السياسي لحركة حماس أن الرئيس محمود عباس ومجموعته يتلذذون في إيذاء الشعب الفلسطيني في غزة والتقليل من إنجازات المقاومة الفلسطينية، والتفريط بالمبادئ والثوابت الفلسطينية لصالح مستلزمات الأمن الصهيوني.
وحمل الظاظا في حديث لـ"شمس نيوز" مسؤولية تأخير إعمار القطاع للاحتلال الإسرائيلي وسلطة عباس التي تعاون الاحتلال في هذا السياق، مشيراً إلى أن الرئيس عباس يحاول جاهداً وبكل الطرق خنق قطاع غزة، على حد تعبيره.
تأخير عملية الإعمار ليست وحدها من يقف خلفها الرئيس عباس، ولكن هناك الكثير من العمليات التي يحول دون تحقيقها أو إنجازها، ليشير عضو المكتب السياسي في حماس إلى أن جهود المصالحة الفلسطينية لا تزال متعثرة، بفعل العراقيل التي يضعها رئيس السلطة ورئيس وزرائه رامي الحمد الله في دولاب المصالحة.
ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي خانق منذ عام 2007، تسبب بتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية لقرابة مليوني فلسطيني، بالإضافة إلى العديد من الأزمات أهمها انقطاع التيار الكهربائي عقب قصف طائرات الاحتلال لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة صيف عام 2006.
يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي دمر خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة نحو تسعة آلاف منزل بشكل كامل وثمانية آلاف بشكل جزئي، وفق إحصائيات وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
مسؤولية السلطة
القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خضر حبيب حمّل مسؤولية قطاع غزة لسلطة عباس وحكومة الحمدالله، مؤكداً على ضرورة إنهاء الحصار وإعادة إعمار القطاع.
وقال حبيب لمراسل "شمس نيوز": قطاع غزة هو الآن ضمن مسؤولية السلطة وحكومة الوفاق ومن المفترض أن تتحرك تجاه تحمل مسؤولياتها"، لافتاً إلى أن غزة بحاجة ملحة للكثير من الاحتياجات لكي تعيش حياة كريمة.
وأضاف: للأسف نحن نقول إن أداء السلطة في هذه الملفات أداء دون المستوى المطلوب، والآن مر أكثر من عام على الحرب والأمور تراوح مكانها"، مشيراً إلى أن هناك شخصيات كثيرة من مصلحتها إعاقة إعمار غزة وإبقائها في حصار، حسب تعبير حبيب.
ويدور الحديث مؤخراً عن انفراجة قريبة في قطاع غزة، خصوصاً في ظل المشاورات التي تجريها حركة حماس مع الوفود الأجنبية حول اتفاق تهدئة طويل المدى مع إسرائيل، سيما جولات توني بلير ممثل الرباعية الدولية سابقا، ولقائه مع رئيس المكتب السياسي لحماس، الأمر الذي تخشاه السلطة الفلسطينية في ظل تهميشها بهذا الخصوص.
مشكلات شخصية
من جهته، يرى المحلل السياسي، حمزة أبو شنب أن الرئيس محمود عباس أتته فرصة تاريخية كي يكون رمزا لكل الشعب الفلسطيني، قبل العدوان الأخير على قطاع غزة وبعد التوقيع على اتفاق المصالحة، مستدركاً: لكن يبدو أن النظرة الحسية والشفافية للرئيس محمود عباس وإشكاليته مع قطاع غزة جعلته لا يقوم بواجبه الحقيقي".
وأوضح أبو شنب لـ"شمس نيوز" أن إشكالية عباس مع قطاع غزة ليس لها علاقة بسيطرة حماس على القطاع، "ولكن هناك أكثر من مليون و800 ألف يفترض أن يكونوا تحت مسؤولية السلطة الفلسطينية"، بحسب قوله.
وتابع: مواقف كثيرة للسيد عباس وتصريحات جمة ومتكررة يؤكد فيها بأن معبر رفح لن يفتح إلا بوجود حرس الرئيس، وهذا مباشرة يعطي انطباعا أن أبو مازن أصبح مشكلة وجزءً من معوقات العمل في قطاع غزة".
وأشار المحلل أبو شنب إلى أن أزمة الرئيس عباس لن تتوقف فقط مع قطاع غزة، بل تتعلق بشخصنة الأمور، "أي أنه يأخذ البعد الشخصي في قراراته"، لافتاً إلى مشكلاته الشخصية مع النائب في حركة فتح محمد دحلان وسلام فياض وياسر عبدربه.
وأردف بالقول: شخص يعتقد أن كل من لم يتوافق مع سياساته قد يتآمر عليه، هذه النظرة تنعكس على سلوكه وسلطته السياسية"، منوهاً إلى إشكاليته مع قطاع غزة بعد فوز حماس بانتخابات 2006.
يذكر أن، حركة حماس فازت بانتخابات المجلس التشريعي عام 2006 بأغلبية ساحقة، عقبها مشاكل كبيرة بين حركة فتح وحماس، أدت إلى انقسام فلسطيني في أرجاء الوطن، تولت خلالها الأخيرة إدارة قطاع غزة، بينما تولت سلطة فتح إدارة الضفة الغربية.