شمس نيوز / عبدالله عبيد
أثار نبأ إقدام الشاب محمد أبو عاصي على محاولة الانتحار بتناول "السم"، لسوء وضعه المادي وتعمد منعه من العمل على شاطئ بحر غزة لأكثر من مرة، ومصادرة بسطته البسيطة، امتعاض وغضب الشارع الفلسطيني في قطاع غزة، سيما وأن الوضع في غزة يزداد سوء في ظل الحصار الخانق وسوء الأوضاع الاقتصادية التي ترتبت جراء هذا الحصار، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة.
وأقدم شاب من قطاع غزة، في ساعة متأخرة من مساء أول أمس السبت، على محاولة الانتحار بتناول "السم"، لسوء وضعه المادي وتعمد منعه من العمل على شاطئ بحر غزة لأكثر من مرة، ومصادرة بسطته البسيطة.
مصادرة مقتنياته
وبحسب عائلة الشاب أبو عاصي فإنه لا زال يرقد في العناية المركزة بمستشفى الشفاء وأن حالته مستقرة لكنها خطيرة.
وتعود قصة الشاب إلى نحو أقل من عام؛ حين هاجمته شرطة البلدية واعتدت عليه أثناء وجوده على "كورنيش بحر غزة"، وصادرت بسطته مرارا وتكرارا قبل أن تفرج عنها في كل مرة وتعود لتكسيرها.
وفي كل مرة كان محمد أبو عاصي يعود لإصلاح بسطته في محاولة منه لبيع ما يستطيع من خلاله سد رمق عائلته، لكن شرطة البلدية صادرت مؤخرا بعض الكراسي البلاستيكية التي وضعها حوله لجذب المواطنين للشراء منه، ورفضت تسليمها له بأمر من رئيس البلدية، كما قيل له.
#روتس_الغلابة
ورفضت بلدية غزة، في أكثر من مناسبة، التعقيب على القضية التي تكررت سابقاً مع نفس الشخص، فيما أطلق ناشطون هاشتاق "#روتس_الغلابة" في محاولة لتفعيل قضية الشاب أمام الرأي العام.
وعبر الإعلامي أيمن العالول عبر صفحته الشخصية بالفيس بوك عن سخطه جراء إقدام الشاب أبو عاصي على الانتحار، مطالباً رئيس البلدية بالاستقالة، لأنه -وبحسب العالول- هو من جعل الشاب أبو عاصي يقدم على الانتحار.
وحمّل العالول من خلال مقطع فيديو قام بتصويره من أمام المكان الذي كان يعمل فيه الشاب أبو عاصي، المسؤولية للمسؤولين والقيادة الفلسطينية نتيجة الإهمال وعدم الاكتراث لحال المواطنين، بحسب وصفه.
أما المواطن أحمد أبو أنس فعلق ساخراً: هناك مسميات مقترحة لمشاريع الغلابة: شليهات الشحادين، بيتش الأرزقيه، لايت هاوس العزابيه، موفمبيك المشحططين، رئاسة مجلس الفقراء، وبعد التكسير والتجريف كبشة سم وبتتوظف بحسب المكان اللي اختر 1200 شيكل بالشهر، وغير هيك بتلاقي المسئولين زي النمل على باب العناية بيدعولك تموت بالسلامة".
التنغيص على عملهم
محمد أبو عاصي ليس الوحيد الذي عانى من ظلم البلديات والمسؤولين، بل هناك الآلاف مثل أبو عاصي يعانون الأمرين في قطاع غزة جراء التنغيص على عملهم ومنعهم من مصدر رزقهم الوحيد من قبل بلديات قطاع غزة المتعددة.
ليقول الشاب ( ص.ق) وهو صاحب عربة لبيع "البراد والبوظة" على شاطئ بحر السودانية شمال قطاع غزة: كل يوم بتجينا البلدية بتطالبنا بمصاري مقابل الشغل إللي اشتغلناه في يومنا، على العلم إنه يوميتنا بتطلع علينا بـ(15) شيكل فقط".
ويضيف الشاب لـ"شمس نيوز": كثير تعرضنا للإهانة من أفراد البلدية حتى لما أشوف شرطي من بعد أمتار صرت أحمل العربة وأهرب عشان ما يشوفني".
حال الشاب خالد أبو رزق (24) عاما لم تختلف عن حال سابقه، فهو يبيع الحلويات والمسليات للأطفال على شاطئ البحر، وتعرض للضرب من قبل أفراد الشرطة الذين تصطحبهم البلدية، على حد تعبيره.
وقال أبو رزق لـ"شمس نيوز": أحيانا بيشوفنا بيغضوا نظرهم عنا، وأحيانا بيجوا جكارة فينا بس، تركوا كل الشاطئ وما أجوا إلا للبياعين"، لافتاً إلى أن العربة التي يعمل عليها هي مصدر رزق عائلته الوحيد.
ويضيف: أنا أكبر أخواتي وأبوي مريض ما بيقدر يشتغل، وتخرجت من الجامعة وما لقيت شغل، ولقيت شغلتي من خلال البيع على البحر، والبلدية مش مخليانا نترزق متل الخلق، وحسبي الله ونعم الوكيل".
لجنة تقصي
من جهتها، طالبت بلدية غزة بتشكيل لجنة تقصى حقائق مستقلة برئاسة المجلس التشريعي من أجل التحقيق فيما حدث مع المواطن محمد أبو عاصي صاحب "بسطة روتس الغلابة"، والإعلان عن نتائجها على الرأي العام خلال فترة قصيرة.
وقالت البلدية في بيان لها إن :"البلدية تعاملت مع وجود البسطات العشوائية و من ضمنهم بسطة " أبوعاصي " بروح القانون رغم مخالفتها للأنظمة، وسمحت بوجود البسطات ضمن ضوابط. و ما حدث أن فريق النظام و الانضباط التابع للبلدية قام بحجز بعض الكراسي لعدد من المواطنين أصحاب البسطات قبل شهرين لتجاوزهم تلك الضوابط بعدما تم إخطارهم عدة مرات، و بقيت " بسطة أبوعاصي " قائمة يعمل من خلالها ولم تحجز حتى تاريخه."
وأضافت البلدية :"تفاجأ موظفو البلدية بقدوم المواطن "محمد أبوعاصي إلى دائرة النظام والانضباط بطلب حاجياته التي حجزت قبل شهرين، فكان رد الموظفين أنهم لا يستطيعون ردها إلا بقرار رسمي من البلدية؛ لأنها مخالفة تكررت أكثر من مرة وهذا الإجراء المتبع في البلدية ، و بعد ما يزيد عن ثلاث ساعات من مغادرته مقر دائرة النظام والانضباط تم الإعلان عن وصوله إلى المستشفى مصاباً بحالة تسمم".