شمس نيوز / عبدالله عبيد
تحاول إسرائيل فرد عضلاتها لإحكام السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، فالقوانين التي تصدرها على المصلين والمرابطين كثرت في الآونة الأخيرة، خاصة منع المرابطات من دخوله، وذلك للدور الكبير الذي يقمن به من خلال الدفاع عن الأقصى والوقوف في وجه الاحتلال الإسرائيلي.
حيث تتعرض النساء المقدسيات كغيرهن من المرابطين الرجال لشتى أنواع التنكيل على بوابات المسجد الأقصى، فأحيانا تقوم سلطات الاحتلال بمنعهن من دخول المسجد، وأحيانا يقوم جنود الاحتلال بضربهن واعتقالهن، وذلك لتأمين اقتحامات المستوطنين للمسجد.
ويكون رد الاحتلال على إصرار النساء بالاعتداء والضرب، وأحياناً كثيرة الإقصاء بذريعة العمر، لكن ذلك لا يثنيهن عن مواصلة الطريق الذي بدأنه وتحقيق هدفهن في صون الأقصى ومقدساته ومرابطيه من بطش الاحتلال.
الحصن المنيع
أم محمد الشويخي (50 عاماً) إحدى المرابطات اللواتي تم منعهن من قبل شرطة إسرائيل مراراً وتكراراً من دخول المسجد الأقصى والصلاة فيه، تشير إلى أن السلطات الإسرائيلية تنغص على حياة المرابطات وتقوم بضربهن واعتقالهن في الفترة الأخيرة، مشيرة إلى أن المرابطات هن الحصن المنيع الذي يحمي الأقصى في حال اقتحامه من قبل المستوطنين.
وتقول الحاجة أم محمد، التي تقطن في حي سلوان بمدينة القدس لـ"شمس نيوز"، إن الحكومة الإسرائيلية أصدرت قراراً خلال الأشهر الأخيرة بإبعادها عن المسجد الأقصى ومنعها من دخوله لمدة شهرين، لافتة إلى أن الإجراءات الإسرائيلية متشددة بحق المرابطات والنساء.
كما بيّنت أن رجال الشرطة الإسرائيلية قاموا بضربها كما غيرها من النساء والمرابطات في كثير من الأحيان، " حيث تم الاعتداء علي شخصياً، عندما كنت أقوم بتعليم القرآن الكريم للنساء في باحات الأقصى".
ممنوعة من الدخول
أم أحمد (33 عاماً) إحدى المرابطات داخل المسجد الأقصى، أشارت إلى أنها لم تدخل المسجد منذ حوالي شهر ونصف، وذلك لمنعها من قبل شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت أم أحمد لمراسل "شمس نيوز": بالطبع جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يفرق بين امرأة وبين رجل ولا طفل أو شيخ، فيومياً هناك نساء يتعرضن للضرب من قبل المستوطنين داخل المسجد الأقصى"، مشددة على أن تكبيرات النساء الفلسطينيات المرابطات في الأقصى تخيف المستوطنين وتزرع الرعب في قلوبهم وتجبرهم على الفرار.
وأضافت: أذهب كل أسبوع إلى المسجد الأقصى، ولكن سلطة الاحتلال تمنعني من الدخول، وأبقى أمام البوابات عدة ساعات أنظر إليه وأدعو، لأن فراقه صعب علينا، فنحن تعودنا على الصلاة فيه كل يوم"، معتبرة قرار الاحتلال بمنع المرابطات من دخول الأقصى "قرارا باطلا".
وتتصاعد الهجمات والاعتداءات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى المبارك في هذه الفترة، بغرض التقسيم الزماني والمكاني للوصول إلى الهدف الصهيوني، وهو بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد، وهذه الاقتحامات تشهد مواجهة عالية من المرابطين المتواجدين داخل ساحات المسجد الأقصى.
أمر مرفوض
من جهته، أكد رئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري، أن ما يجري في المسجد الأقصى من اقتحام ومنع للمرابطات من الدخول، أمر مرفوض ولن نسلّم به ولن نسمح بأي إجراء تعسفي يقوم به الاحتلال الإسرائيلي.
وشدد صبري على أن الاحتلال يحاول من خلال منع المرابطات من دخول الأقصى، فرض واقع جديد أو ما يسمى بالتقسيم الزماني "وهذا يُشعرنا بأن شرطة الاحتلال هي التي تدير المسجد الأقصى".
وقال الشيخ صبري خلال مؤتمر صحفي عقد في حي الطور بالقدس المحتلة: "ما جرى في الأيام العشرة الأخيرة من حصار وتشديد الخناق على دخول المصلين للمسجد الأقصى هو اعتداء ومس بحرية المسجد واستفزاز لمشاعر المسلمين وتوتر بسبب الإجراءات التي تتحملها السلطات المحتلة".
وحمل الشيخ صبري سلطات الاحتلال مسؤولية جميع الإجراءات العدوانية، غير القانونية، مؤكدا أن المرابطين والمرابطات هم شرعيون لأنهم يقومون بعبادة من العبادات، أما اليهود فهم المقتحمون الذين يؤدون ويحاولون تأدية الصلوات التلمودية، كما يحاولون سحب البساط من دائرة الأوقاف الإسلامية.
سداً منيعاً
بدوره، يرى د. ناجح بكيرات، رئيس دائرة المخطوطات بالمسجد الأقصى المبارك، أن المرابطات في المسجد الأقصى يقمن بعمل "أسطوري"، مضيفاً: لذلك الاحتلال يريد منع المرابطات وقام بمنع بعضهن من دخول الأقصى".
وتابع بكيرات في حديثه لـ"شمس نيوز": دور المرابطات لم يظهر منذ عام 1917 بهذا الشكل الذي يتجلى هذه الأيام، وهذا دور الحركة النسائية المقدسية، حركة جادة ورائعة بحيث أن كل أطياف المجتمع المقدسي تتواجد في المسجد الأقصى للدفاع عنه"
وأردف قائلاً: الحركة النسائية صغارها وكبارها، فتيات وأمهات، وحتى كبيرات السن، يقفن سدا منيعا في وجه الاحتلال، وهذا ما يجعل الاحتلال يفقد أعصابه ويقوم بضربهن ومنعهن من دخوله"، مشدداً على أن المرأة المرابطة مستعدة لأن تقدم روحها وأولادها لكي ترابط في المسجد الأقصى وتقف وتهتف.
وأكد بكيرات حدوث التحامات ومناوشات كثيرة بين الشرطة الإسرائيلية والمرابطات في الأقصى، مبيّناً أن هذا موقف متطور وإيجابي ويسجل للحركة النسائية المقدسية في التاريخ.
ولفت بكيرات إلى أن هناك حصار وضرب واعتقال ونفي ونقل للسجون وإبعاد للمرابطات في الأقصى، " لأنه يراد إنهاء أي عمل رباطي للنساء في الأقصى"، مستدركاً: ولكن رغم ذلك، ما زالت عشرات النساء المبعدات يرابطن على بوابات المسجد الأقصى، وهذا يدلل على إصرارهن ويبشر بخير".
وتقوم سلطات الاحتلال بإبعاد عددا من الرجال والشباب والسيدات المرابطات والأطفال والحراس عن الأقصى لفترات متفاوتة وبشكل شبه يومي، لاحتجاجهم على اقتحامات المستوطنين المتواصلة.