غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر لوحات فان غوخ تعود للحياة في ألمانيا

جانب من المعرض

شمس نيوز/برلين

"سيأتي يوم تصبح فيه هذه اللوحات لدى الآخرين أغلى من حياتي".. تقتحم هذه العبارة -المكتوبة بكل اللغات- نظر الزائر إلى معرض الرسام الهولندي المعروف فنسنت فان غوخ (1853-1890) المقام حديثا في العاصمة الألمانية برلين.

فان غوخ كان يعاني من مرض عصبي يسمى "دوار فيبر"، وهو التهاب مستمر في الأذن الداخلية يؤدي إلى نوبات حادة ونخزات ألم قوية.

وبسبب عدم توافر العلاج الطبي للمرض آنذاك، عالج فان غوخ المرض بقطع أذنه، وذلك بعد خلاف نشب بينه وبين صديقه المقرب الفنان بول غوغان، أثناء إقامتهما في مدينة "آرل" جنوبي فرنسا.

قطع فان غوخ آنذاك أذنه وأرسلها إلى المرأة التي يحب. ولعل التأثير الفني للمرض العضوي يظهر جليا في أعماله، إذ تتميز الغالبية العظمى من لوحاته بضربات الريشة السريعة المتوترة القلقة، والألوان القوية الحادة المشبعة، كما أن آراءه تتسم غالبيتها بالتطرف.

الجرأة المميزة والغريبة في المعرض الحديث لفان غوخ في برلين، هو عدم وجود لوحة أصلية واحدة للفنان، حيث يتألف المعرض من ثلاثة أقسام أساسية موزعة على ثلاث قاعات فسيحة.

محاكاة الواقع



fba009bf-1850-4730-9e33-d0c379a3f6dc

في القاعة الأولى، نصادف تصميما واقعيا حقيقيا ملموسا مطابقا تماما للوحة فان غوخ الشهيرة "غرفة النوم"، حيث نتلمس الرغبة البشرية العارمة بالاستقرار والهدوء ومكافحة تغير الأمكنة، وهي مسألة عانى منها فان غوخ كثيرا وذكرها في مراسلاته مع أخيه ثيو.

في هذه الغرفة، الطاولة في اللوحة هي طاولة في الواقع فعلا، والسرير هو سرير فعلا، مع تطابق مذهل في درجات الألوان مع اللوحة.

فإذا كان فان غوخ قد حول مشهدا واقعيا إلى لوحة فنية، فإن فكرة الغرفة هو تحويل اللوحة الفنية إلى مشهد واقعي، وهذا ما جعل الزائر يدخل نفس الشرط الواقعي الذي أنتج العمل الفني، أي إعادة إحياء ألم الفنان وعذابه الشخصي.

محنة العقل



fba009bf-1850-4730-9e33-d0c379a3f6dc (1)

في القاعة الثانية، تعرض المراسلات المكتوبة بين فان غوخ وأخيه ثيو، والمراسلات معروضة بنسخها الأصلية، وهي مكتوبة باللغة الهولندية، ومترجمة إلى اللغتين الألمانية والإنجليزية.

تظهر المراسلات حياة التقشف والفقر والعناء والحرمان القاسية التي كان يعيشها فان غوخ، كما تظهر مدى ثقة فان غوخ بأخيه ثيو، حيث يطلعه ويأخذ رأيه في كل شاردة وواردة في تفاصيل أعماله الفنية، ويخبره عن هواجسه.

وتقول آخر مراسلة بينه وبين ثيو "عزيزي ثيو، إلى أين تمضي الحياة بي؟ ما الذي يصنعه العقل بنا؟ إنه يُفقد الأشياء بهجتها ويقودنا نحو الكآبة، إنني أتعفن مللا لولا ريشتي وألواني هذه، أعيد بها خلق الأشياء من جديد، كل الأشياء تغدو باردة وباهتة بعدما يطؤها الزمن. ماذا أصنع؟ أريد أن أبتكر خطوطا وألوانا جديدة، غير تلك التي يتعثر بصرنا بها كل يوم، كل الألوان القديمة لها بريق حزين في قلبي، هل هي كذلك في الطبيعة أم أن عيناي مريضتان؟ ها أنا أعيد رسمها كما أقدح النار الكامنة فيها".

في القاعة الثالثة، وهي قاعة سوداء معتمة، تُعرض لوحات فان غوخ بتقنيات الإسقاط الضوئي على الجدران المتقاطعة، ويقضي الزائر أكثر من ساعة ليشاهد أمامه أكثر من سبعمئة لوحة للفنان الهولندي.

وتم عرض أعماله وفق فترات زمنية متباعدة ربطت بالتغيرات الكبرى في حياته، كاللوحات المرسومة أثناء عمله في مناجم الفحم، والألوان والمعاني الطاغية في تلك الحقبة، أو لوحاته أثناء دخوله إلى مشفى الأمراض العقلية في فرنسا، أو أثناء إقامته في بلجيكا.

المصدر : الجزيرة