قائمة الموقع

خبر (بالصور).. مكفوفون من الظلام إلى اللباس الأبيض.. والحزام الأسود

2015-09-13T08:02:45+03:00

شمس نيوز /عبدالله مغاري

تصوير/ حسن الجدي

يجتمعون في نفس المكان والزمان دون أن تفصل أي حواجز بينهم, ولا يعلم أحدهم ملامح وجه الآخر, ولا حتى معالم وجهه هو أيضا, يتربصون الصوت فيركضون نحوه, إنهم ثمانية أطفال أصغرهم لم يتجاوز التاسعة, وأكبرهم لم يتم عامه الرابع عشر, شاءت الأقدار أن يدرجوا لقائمة المكفوفين منذ أن ولدوا, لتمنعهم الإعاقة حتى عن الحلم.

يجتمع الثمانية، الذين يعاني خمسة منهم عجزا كليا في النظر ,وثلاثة آخرون يعانون العجز الجزئي, في قاعة نادي المشتل الرياضي وسط مدينة غزة مرتين أسبوعيا, ليمارسوا رياضة "الكاراتيه" بعد أن أُتيح لهم الالتحاق بدورة تدريبية نسقتها أكاديمية المشتل للألعاب القتالية, لتدريب الأشخاص المكفوفين على فنون الدفاع عن النفس.

فرصة كانت هي النقطة الأولى لبداية تحقيق أحلام بعضهم, وخطوة نوعية بالنسبة لبعضهم الآخر, نقلتهم من عالم إلى عالم آخر مليء بثقة النفس والإصرار, ما جعلهم لا يتخيلون مفارقة تلك الرياضة التي تعتبر خطيرة نوعا ما وخاصة لأشخاص لا يتمتعون بكامل قواهم الجسمانية.

حلم تحقق

لم يكن ذلك الشعور يوصف بالنسبة للاعب الكفيف "إيهاب سلامة" (14 عاما) لحظة أن أبلغ بترشيح اسمه للالتحاق بإحدى دورات تعليم رياضة الكاراتيه في قطاع غزة, لحظة أعادت ذاكرته إلى حين كان يحلم بأن يلتحق في الدورة نفسها عندما كان يعيش العام السابع من عمره.

يستذكر "سلامة "في حديثه لمراسل "شمس نيوز " لحظة أن طلب من والده قبل سبعة أعوام ممارسة رياضة الكاراتيه أسوة بأطفال حارته فيقول: كان رفاقي بالحارة يمارسون رياضة الكاراتيه ويذهبون إلى النادي, طلبت من أبي أن التحق وأمارس الرياضة، لكنه رفض وقال لي أخاف أن تصاب بمكروه لأن هذه الرياضة خطرة".

تحقق حلم الطفل إيهاب وبدأ يتلقى التدريب بعد أن وافق والده, ليبني على تلك الخطوة أحلاما جديدة بأن يلتحق برياضات أخرى, بعد أن شعر بتفوقه في الكاراتيه وقدرته على ممارستها بالرغم من الصعوبات التي يعايشها يوميا والمتمثلة بإعاقته وبظروف عائلته الاقتصادية.

وبعد هذه النقلة النوعية في حياة الطفل الكفيف، أصبح يمارس رياضة الكاراتيه مع أبناء حارته الذين كانوا يذهبون إلى النادي في الصغر دون تمكنه من مرافقتهم، ليردف سلامة بالقول: ألعب الكاراتيه مع أبناء حارتي الذين يمارسونها، بل وأسعى للتفوق عليهم، ودائما أدخل في تحدٍ معهم".

عالم آخر

أما اللاعب الكفيف "مؤمن البيطار" (15عاما)، فلم يتوان عن تجربة رياضة الكاراتيه بعد أن عُرض عليه الالتحاق بالدورة التدريبية ذاتها, ليجد أن ممارسته لهذه الرياضة نقلته من عالم إلى آخر.

وقال البيطار خلال مقابلة مع مراسل "شمس نيوز": عرضوا عليّ الالتحاق بالدورة، كنت متخوفا من الإحراج، وفي النهاية قلت التحق لأيام عديدة وأجرب التدريب، ووجدت نفسي تعلقت بالكاراتيه لدرجت أني لا أتخيل ترك ممارستها".

ويرى اللاعب الكفيف أن ممارسته لرياضة الكاراتيه أخرجته من عالم ضيق إلى عالم جديد وصنعت له شخصية أكثر ثقة، ليزيد بالقول: اليوم أنا اشعر أني شخص جديد بنفس عالية في التحدي والإصرار, سأواصل اللعب حتى أصنع لنفسي شخصية جديدة, أنا اليوم بأشعر أني دخلت عالما آخر".

ويحلم البيطار أن يحصل على الحزام الأسود، وهو أعلى الدرجات في رياضته, وان يكون المكفوف الأول الذي يتوّج بلقب بطل الكاراتيه على مستوى العالم، وأن يصبح ممثلا لفلسطين في تلك الرياضة.

ويفخر اللاعب البيطار بتمكنه ومجموعته من المكفوفين من تخطي المرحلة الأولى من التدريب بثمانية عشر يوما فقط, في الوقت الذي يستغرق الأسوياء ثلاثة شهور لتخطي المرحلة نفسها.

ويضيف: ربنا سبحانه وتعالى أخد منا النظر، وأعطانا أشياء كثيرة, كالحفظ وشدة الانتباه ولا شيء إلا سنجربه بعد اليوم ,وسألتحق بكل أنواع الرياضة وسأبدع إن شاء الله ,المكفوف لديه إبداعات بأي شيء، أنا مستعد أن أبدع أنا وكل المكفوفين".

مبادرة

مدرب منتخب فلسطين للكاراتيه ومدير أكاديمية المشتل والمسئول عن تدريب المكفوفين"حسن الراعي" يشير إلى أن  اللاعبين المكفوفين يتلقون تدريبات خاصة غير تلك التي يتلقاها الأشخاص الأسوياء، تعتمد على طريقة الإدراك الحسي بشكل أساسي في تدريبهم .

وقال الراعي لـ"شمس نيوز": المكفوفون لا يتمتعون بالصفات الجسمية التي يتمتع بها أي أحد، لذلك يتم الاعتماد على طريقة الإدراك الحسي في تدريبهم, والتي تعتمد على مصدر الصوت، حيت أن اللاعب يتدرب على الصوت بشكل أساسي لضرب هدفه".

ونوه مدير أكاديمية المشتل إلى أن النادي يستهدف جميع الفئات الشبابية من ذوي الإعاقة في برنامجه, ويقدم لهم التدريب بشكل مجاني بهدف تشجيعهم.

ولفت الراعي إلى أن فكرة تنظيم دورة تعليم رياضة الكاراتيه لذوي الإعاقة بدأت بعد أن أعلن الاتحاد الدولي عن نيته تنسيق بطولات رياضية للأشخاص الذين يعانون من إعاقات مختلفة .

وأشار المسئول عن التدريب إلى أنهم يواجهون معوّقات عديدة تحول دون تسهيل عملية التدريب ,وتتمثل هذه العقبات بشح الأدوات الرياضية اللازمة, بجانب احتياج الأشخاص من ذوي الإعاقة إلى بعض المعدات اللوجستية والتي يفتقدها النادي.

ودعا المدرب الراعي الأهالي إلى تسجيل أبنائهم الذين يعانون من إعاقات مختلفة في الدورات الجديدة التي أطلقها النادي، ومنها دورة خاصة بفئة الصم والبكم والتي ستبدأ مباشرة بعد انتهاء الدورة الحالية .








اخبار ذات صلة