دعا فضيلة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي في بيان له مساء اليوم الأمة العربية للنفرة بكافة السبل للذود عن المسجد الأقصى وذلك تعليقا على اقتحام مستوطني وجيش الاحتلال باحات الأقصى اليوم.
وجاء في بيان القرضاوي "الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، إن ما يحدث اليوم في ساحات المسجد الأقصى وباحاته وعلى أبوابه، من اقتحام قطعان المستوطنين، وعلى رأسهم وزير الزراعة الصهيوني، ومحاولات إشعال الحرائق في أبوابه، ومنع المرابطين والمرابطات من الرباط فيه، والاعتداء عليهم، وإطلاق الغازات المختلفة لتفريقهم، وإخراجهم من مسرى نبيهم، وأولى القبلتين، وثالث المساجد المعظمة في الإسلام.
ومع دعوة وزير الأمن الإسرائيلي لليهود، بأن المكان أصبح مفتوحا أمام اليهود الراغبين في زيارته بمناسبة الاحتفال بالسنة اليهودية، يتبين أن القوم ماضون في مخططهم لتقسيم المسجد الأقصى: مكانيًّا، أو زمانيًّا، أو كليهما، كما فعلوا بالمسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، ولا أدري أين الأمة؟ وقادة الأمة؟ وعلماء الأمة؟ وجيوش الأمة؟ وشباب الأمة؟
فمتى يفيق قادة العرب؟ ومتى يتحرك قادة العالم الإسلامي؟ متى تصحو الجامعة العربية من رقدتها؟ ومتى تستقظ منظمة التعاون الإسلامي من غفلتها؟
إن الدفاع عن الأقصى فريضة. والرباط في الأقصى فريضة.. ومنع الصهاينة من تدنيسه فريضة.. وتقديم الدعم المادي لأهلنا الصامدين حول المسجد الأقصى فريضة.(انفروا خفافا وثقالا).
على البرلمانيين أن يقوموا بواجبهم، وعلى السياسيين أن يؤدوا دورهم، وعلى الإعلاميين أن يبذلوا جهدهم، وعلى الصحفيين والخطباء، أن يقوم كل بدوره. على كل فرد من أفراد الأمة أن يؤدي ما عليه. فلاعذر لنا أمام الله تعالى إن لم نقدم شيئا..
من استطاع أن يواجه الصهاينة بنفسه فليفعل، ومن استطاع أن يعين أهل الرباط بماله فليفعل، ومن لم يستطع فليخلص الدعاء لهم. والله لوددت لو أستطيع الوصول إلى إخواننا المرابطين وأخواتنا المرابطات، فأضع يدي في أيديهم، وكتفي بأكتافهم، فداء للأقصى، ودفاعا عن الأقصى.
لن يكون لنا عذر أمام الله: شعوبا، وحكومات، ومؤسسات: إذا استطاع اليهود تنفيذ مخططاتهم تجاه الأقصى، وفينا عين تطرف، أو قلب ينبض.
أقول للمقدسيين والمرابطين في المسجد الأقصى:أنتم في رباط وجهاد، فاثبتوا في أماكنكم، لا تخافوا ولا تفزعوا، فأنتم الأعلون،{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
أقول لحكام المسلمين جميعا: اتقوا الله في شعوبكم، واتقوا الله في أمتكم، واتقوا الله في مقدساتكم.. عودوا بالأمة إلى الإسلام، فهذا هو طريق تحرير المسجد الأقصى.. لا تعزلوا الإسلام عن زمام القيادة, وتنحوه عن التوجيه والتأثير.
إن الصهاينة يحاربوننا باسم الدين، فعلينا أن نحاربهم باسم الدين الأقوى، حاربونا باسم اليهودية، فلنحاربهم باسم الإسلام، حاربونا باسم موسى، فلنحاربهم باسم محمد وموسى، حاربونا باسم التوراة فلنحاربهم باسم القرآن.
وأقول للأمة:إن حماية الأقصى والعمل على استرداده هو واجب المسلمين جميعًا، ليس واجب الفلسطينيين وحدهم، ولا واجب العرب وحدهم، بل هو واجب الأمة الإسلامية في المشارق والمغارب.. أمة المليار وسبعمائة مليون مسلم، عار عليها أن تفرط في دينها، وأن تسلم مسجدها لبني إسرائيل.
البعض يتساءل مع هذا الضعف، وهذا التخاذل، وهذا الانبطاح: هل ماتت أمتنا؟ أجيبهم: أمة الإسلام لم تمت، ولن تموت.
سيتحرك فينا بذْلُ الصحابة، وعزم الفاتحين.. ستنادينا راية خالد ولواء أبي عبيدة، فنلبي النداء، إن آيات القرآن في صدورنا لتأبى علينا أن نموت أو نستكين، وإن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تبشرنا بنصر الله المبين إن قول الله تعالى:(إن تنصروا الله ينصركم) يلامس شغاف قلوبنا، وإن قوله: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} يثبت أفئدتنا، وقوله: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} ينزل السكينة في نفوسنا.
وإن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك". قالوا: يا رسول الله! وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس" ليؤكد لنا حقيقة المعركة".