قائمة الموقع

خبر غزة.. الوضع الاقتصادي يعدم المجاملات الاجتماعية

2015-09-30T11:07:20+03:00

شمس نيوز/عبدالله مغاري

ثمانية أعوام والحصار لا زال  ينهش أجزاءها النابضة بالحياة ,ليخلف أي ضرر يستطيع أن يدرجه في قوائم إنجازاته, فلم يكفه أن يجعل البطالة والفقر والعنوسة قي أعلى معدلاتها, ولا أن يمزق أشلاء أسواقها ليبدأ ينهش في شريان عاداتها وتقاليدها ,ويحاول صناعة مجتمع جديد مقطّع الأوصال.

هي غزة.. صاحبة المجتمع القبلي العشائري المعروف باللُّحمة والحرص على المجاملات الاجتماعية, والذي يقبع اليوم في سجون الحصار، ويقيد بسلاسل الاقتصاد ,الذي جعل كل منحى من مناحي الحياة ينتظر انكسار ذلك القيد ليتنفس الحياة من جديد.

بالرغم من معظم مناحي الحياة الواقعة في قبضة الاقتصاد لم يشبعه ذلك ليأخذ أيضا "المجاملات الاجتماعية "لتبدأ تتراجع معدلات الاهتمام بها وبالزيارات الاجتماعية أيضا, فيصبح من الواضح رؤية تراجع الاهتمام فيها وتدني مستوياتها وتجاهل الناس لها في مجتمع لم يكن تجاهل الزيارات والمودة من طبعه.

فكيف لمجتمع يلبي حاجته الأساسية بصعوبة أن يقوم بتأدية المجاملات الاجتماعية بشكلها السابق، وخاصة أن سكان القطاع اعتادوا ألا يجاملوا الناس وأيديهم فارغة من الهدايا.

صعوبة الحياة

المواطن محمود كلاّب، يعتبر أن فقدانه وكافة فئات المجتمع للراحة النفسية بالإضافة إلى الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها سكان القطاع ,أسباب رئيسية أدت إلى  تراجع اهتمام المجتمع الغزي بالمجاملات الاجتماعية وتبادل الزيارات.

وقال كلاّب في حديثه لـ"شمس نيوز": النفسية مرهقة بسبب الأوضاع, نقضي يومنا نصارع الحياة، لا يوجد استقرار, أقضي يومي في العمل لأحصل على 30 شيكل لا تكفي الحاجات الأساسية, ولكي تزور أي شخص تحتاج إلى هدية وبصراحة هذا عبء إضافي".

ويستذكر المواطن كلاّب تلك الفترة التي كان يعمل خلالها بأجرة جيدة، ويعيش استقرارا في عمله ليقول: في الماضي كنت أعمل وفي عطلة الأسبوع كنت أزور بعض أقربائي حتى بدون مناسبة ,اليوم انعكس الأمر، وصارت الزيارات في المناسبات فقط".

أما المواطن حمزة عبدالهادي فيشير إلى عادة تقديم ما يسمى "بالعيدية "والتي يقدمها الناس لصلة أرحامهم في الأعياد فيقول: أنا شخصيا كنت أقدم العيدية للجميع، وفي كل عيد يمر تتراجع نسبة التبادل, اليوم أنا لا أقدمها إلا لشقيقاتي وزوجتي وأمي, وأتجاهل البقية أو أزورهم وأقدم شيئا بسيطا أو هدية بسيطة".

ويتمنى "عبدالهادي " أن تعود أوضاعه الاقتصادية إلى ما كانت عليه ليعاود مجاملة أقاربه بالشكل الذي كان عليه سابقا.

قطعنا معظمها 

الحاجة "أم محمد النوري"، تؤكد على أن الأوضاع المعيشية الصعبة وامتداد العائلة دفعتها إلى قطع علاقاتها بشكل تدريجي مع كثير من الأصدقاء والأقارب والجيران, واكتفائها بمجاملتهم بالمناسبات التي تعتبرها مهمة كالأعراس وتقديم التعازي.

وتقول "النوري": كنت أزور الجميع، وحتى في أقل المناسبات أهمية، كان زوجي يعمل والحالة جيدة, أما اليوم بشكل تدريجي انقطعت علاقاتنا مع كثيرين، أصبحنا لا نزور سوى الدائرة المقربة منا فقط".

وتضيف: العائلة امتدت وكثرت، والحالة لا تساعد في زيارة كثير من الأصدقاء، انتقلت علاقتنا من الزيارة في أصغر مناسبة إلى أكبر مناسبة كالأعراس وتقديم واجب العزاء فقط".

واستبعدت الحاجة النوري أن يكون الانقسام السياسي قد أثر على التكافل الاجتماعي واللُّحمة بين الناس, منوهة إلى أنه في حال تحسن الوضع الاقتصادي لدى المواطنين ستعود اللحمة من جديد؛ لأن الذي أشغل الناس عن بعضهم البعض هو انشغالهم في تحديات الحياة اليومية، بحسب قولها.

حرج مجتمعي

أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى د. فضل أبو هين، يرى أن الظروف المعيشية والاقتصادية والضغط السياسي الذي يعيشه سكان قطاع غزة, قلل من مستوى الاهتمام بالمجاملات الاجتماعية، وأدى إلى تباعد الناس عن بعضهم البعض.

وقال أبو هين لـ"شمس نيوز": غزة ليست من النوع الذي يترك المجاملات الاجتماعية، فهي يقال عنها بأنها مجتمع عشائري قبلي يتسم بالعشرة والترحاب، لكن الظروف الصعبة التي يمر بها الناس قللت من الاهتمام بالزيارات والمجاملات الاجتماعية وأدت إلى تباعد بين الناس".

وأشار أستاذ علم النفس إلى أن ضيق الحال أوجد نوعا من الحرج الاجتماعي داخل المجتمع، كون أن الناس في غزة اعتادوا على  تقديم الهدايا خلال مجاملاتهم الاجتماعية, وأن الوضع الاقتصادي جعل بعض المواطنين يتبادلون الزيارات دون تقديم هدايا، وبعضهم لا يقومون بالزيارات.

ولفت أبو هين إلى انه كلما زاد الضغط الاقتصادي والحياتي تبرز الفردية في المجتمع، وتنحصر العلاقات، موضحاً ذلك بالقول: تبدأ الفردية في المجتمع بمعنى أنا لم أستطع زيارة فلان لأني غير قادر على سداد هديته، وأصبح الوضع مثل الند بالند".

وعبر المتخصص النفسي أبو هين عن أمنياته بأن تكون ظاهرة التباعد الاجتماعي وقتيه وأن تزول بزوال الوضع الاقتصادي الصعب ,لا أن تصبح سمة من سمات المجتمع, منوها إلى أن التباعد الاجتماعي بين الناس يخلف مشاكل نفسية كبيرة.

 

اخبار ذات صلة