شمس نيوز /عبدالله مغاري
للمرة الأولى يظهر الرئيس عباس في خطاب موجه للشعب الفلسطيني, بعد خطابه الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مطلع الشهر الجاري, والذي لوح خلاله بعدم التزام السلطة بالاتفاقيات الموقعة بينها وإسرائيل, إذا ما التزمت الأخيرة بها .
ذلك الخطاب الذي جاء بعد أسبوعين من انطلاق هبة جماهيرية شاركت فيها كل الأطراف الفلسطينية ,دون أن يحاول أحد تسييرها نحو مصالحه الحزبية، فعكست وحدة وطنية في الميدان ,متجاهلة كل ما يدور بين الساسة حتى في تضارب برامجهم السياسية ’كيف لا وهي انطلقت بسكين امرأة ذاقت ويلات الاحتلال ’فحملها ولدها ثائرا.
فمع كل هذه المعطيات التي تجري على الأرض ,ومع تقارب وجهات النظر الفلسطينية إلى حد معين, وقناعة الجميع أن القرار بيد الشارع وأن لا هدوء يمكن أن يحدث, إلا بعد أن يٌخط بتوقيع المقدسيين, بات السؤال المطروح: أين المصالحة؟
مراقبون ومتخصصون في الشأن الفلسطيني رأوا أن خطاب عباس أمس جاء مؤكدا للسابق وشكل غطاءً للميدان, مع استبعاد بعضهم إمكانية أن يزهر ربيع المصالحة في هذه المرحلة ,بينما يرى آخرون أن المصالحة بدأت تُزهر وأن الأجواء تساندها.
غطاء للميدان
الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله يرى أن خطاب الرئيس عباس أمس جاء مؤكدا للخطاب السابق في الأمم المتحدة, بالإضافة إلى أنه شكل غطاء لكل ما جرى في القدس والضفة المحتلتين خلال الأسبوعين الماضيين.
وقال عطا الله لـ"شمس نيوز": خطاب أمس أكد على الأول في الأمم المتحدة وكان هناك توقعات بأن حجم الضغوطات التي تمارس على الرئيس ستدفعه نحو المطالبة بالتهدئة, وان يتراجع عما قاله بالأمم المتحدة، لكنه عاد وأكد ما قاله".
وأشار الكاتب والمحلل السياسي إلى أن الخطاب الأخير شكل غطاء لما جرى بالضفة والقدس, منوها إلى أن عباس بخطابه أمس أظهر أنه وصل لمرحلة ذروة الغضب واليأس من السلوك الإسرائيلي.
وزاد عطاالله بالقول: هذا الغطاء جاء بنص خطابه عندما قال (يا أهلنا بالقدس سنذهب بكم إلى الاستقلال) هذا يعني ان كل العمليات التي تمت بالقدس هي جزء من المشروع السياسي الذاهب نحو الاستقلال".
ولفت عطا الله إلى أن ما لم يأت في خطاب عباس وما جاء بين السطور أهم مما قاله ,وهو عدم دعوته للتهدئة وعدم التدخل, بالإضافة إلى أنه أعطى دفعة للفلسطينيين, من خلال تحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة, منوها إلى أن أبو مازن كان يٌظهر بأن هناك تكامل بين الأداء في الميدان على الأرض والأداء السياسي لقيادة السلطة الفلسطينية.
وأضاف: عادة عندما يكون هناك عملية كان موقف السلطة إما رافضا أو حياديا أو مستنكرا ,بالأمس برز نوع من التكامل، وهذا جديد في خطابات السلطة, عندما يتعلق الوضع بعمل عسكري وقتل لإسرائيليين".
لا أفق للمصالحة
وبخصوص دعوة الرئيس عباس للوحدة الوطنية في خطابه، استبعد الكاتب عطاالله أن تتم المصالحة الفلسطينية في هذه المرحلة, لافتا إلى أنه قد تأتي ظروف جديدة تٌصعب من المصالحة.
وقال عطاالله: أستبعد إتمام المصالحة في هذه المرحلة، الخلاف هو في البرامج السياسية هناك برنامج يرى أن الحل السلمي مع إسرائيل هو الطريق ,وآخر يرى أن العسكري هو الطريق.. هناك تضارب بالبرامج".
وأشار المحلل السياسي إلى أنه ربما تأتي أحداث تصعب من الصالحة، كون السلطة تريد من حماس أن تنضم إلى برنامجها السياسي كونها ارتقت بالحالة السياسية, وتعلم حماس أن سلوك السلطة هو الذي يؤدي إلى الاستقلال, بينما حماس تعتبر أن البرنامج السياسي الذي سارت عليه السلطة فاشل وبالتالي يجب على السلطة السير على برنامج حماس".
نحو المصالحة
الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم براش يرى أن خطاب الرئيس حمل دعوة لحماس بأن تتبنى رؤيته التي طرحها في الأمم المتحدة, وأن الأجواء إيجابية لتحقيق المصالحة.
وقال أبراش:الخطاب الوحيد في الفترة الأخيرة الذي لم يتطرق فيه الرئيس لموضوع الانقسام ولم ينتقد حماس في غزة,فتحدث كرئيس لكل الشعب الفلسطيني ،وهذا ربما يعكس حالة الوحدة الميدانية".
وأضاف: عدم الحديث عن الانقسام والتحدث بشكل عام عن الوضع الفلسطيني بالتأكيد يفسر بأنه دعوة لحماس أن تمد يدها وأن تقبل رؤية الرئيس التي طرحها في الأمم المتحدة".
وأشار الكاتب ابراش إلى أن موقف حماس والجهاد من تحرك عباس وخطابه بالأمم المتحدة كان إيجابيا, وأن هناك تفهم نوعا ما من كل الأطراف الفلسطينية بأن المرحلة الحالية تتطلب تفعيل الوحدة الوطنية ,مشيرا إلى أن الفصائل تدرك أنه ما دام الشعب توحد في الميدان يجب أن تتوحد القيادة السياسية.
وزاد أبراش بالقول: الحكومة لن تنجز المصالحة وحدها، هناك مداخل كثيرة للمصالحة، هناك المصالحة السياسية,و المصالحة على مستوى المشاركة في الانتفاضة, والوحدة في الخطاب الإعلامي".
ولفت الكاتب والمحلل السياسي إلى أن المدخل الحقيقي لتفعيل المصالحة هو الدعوة لعقد الإطار القيادي لمنظمة التحرير وتفعيلها, منوها إلى أنه إذا لم يتم ذلك بسبب معوقات معينة ,فيمكن إنجاز المصالحة من خلال ملفات فرعية مثل المصالحة الاجتماعية ووحدة الخطاب الإعلامي للوصول إلى المصالحة الإستراتيجية".