قائمة الموقع

خبر "زيتون الضفة".. رحلة معبدة بالدم والرصاص

2015-10-31T09:32:24+02:00

شمس نيوز / عبدالله عبيد

"الزيتون الفلسطيني".. ثمرة حاضرة في تاريخ الصراع مع الاحتلال، فما أن تستوي على سوقها، وتنضج ثمارها للقطاف، حتى يغيظ الله بها المستوطنين والجند، فينزلون مهرولين إليها، ليبدأوا بها حرقا وتقطيعا وإفسادا، ظنا منهم أن ذلك سيطفئ لهيب زيتها الذي يتقد ثورة في قلوب أصحاب الأرض.

جنود الاحتلال والمستوطنون يحاولون بين الفينة والأخرى ابتداع أشكال جديدة من العنف والعنجهية ضد المواطن الفلسطيني، لتكون معاناة أهلنا بالضفة المحتلة مع موسم قطف الثمار هذا العام مختلفة عن الأعوام السابقة، فالاحتلال لم يستهدف الشجر فقط، بل تعداه إلى المزارع والفلاح الذي يجني هذه الثمرة المباركة، ومنعه أحياناً الوصول لأرضه من خلال تهديده بالسلاح والعربدة.

وتتعرض أشجار الزيتون لإعدام بالجملة على يد الاحتلال منذ عدة أعوام بحجج واهية؛ فتارة بحجة توسيع مستوطنة، وأخرى لتوفير الأمن للشارع الذي يسلكه المستوطن، وثالثة بحجة أنها منطقة تدريب عسكري، غير أنها كلها تصب في خانة واحدة هي تهويد الأرض وطرد أهلها.

أهم المواسم

مع بداية موسم "قطف الزيتون" استعد الحاج أبو محمد غلوة وعائلته، لجني مئات أشجار الزيتون في أرضه التي ورثها عن أجداده والتي تقدر بعشرات الدونمات من قرية "قصرة" والتي تقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة نابلس شمال الضفة، والمحاذية لأكثر المستوطنات إرهابا، وسط مخاوف من تزايد هجمات المستوطنين على المزارعين في ظل تصاعد الأوضاع بالمنطقة.

ليوضح الحاج غلوة أن موسم قطف الزيتون من أهم المواسم التي تنتظرها قريته، خصوصاً وأن شيخ "قصرة" يعلن عبر سماعات المسجد بدء الموسم، لافتاً إلى أن كل عائلة تذهب باكراً منذ ساعات الصباح الأولى لأرضها وتقوم بجني الزيتون.

ويضيف غلوة لـ"شمس نيوز": لكن يحتاج مزارعو القرية لإذن وتنسيق مسبق مع سلطات الاحتلال لقطف الزيتون، حيث تمنح القرية عادة 5 أيام لقطف الأشجار المجاورة للمستوطنات"، مشيراً إلى أن هذه الأيام الخمسة غير كافية لقطف جميع الأشجار، ما يضطر بعض المزارعين لترك الثمار على أشجارهم.

محفوف بالمخاطر

وتابع: لا يتسنى للمزارعين الاهتمام بأشجار الزيتون وأراضيهم القريبة من المستوطنات، حيث لا يسمح الاحتلال للمزارعين بدخول الأراضي في المنطقة الجنوبية من مستوطنة "اشكودش" المجاورة لقريتنا"، منوهاً إلى أن أصحاب الأرض لم يتمكنوا من الدخول إليها سوى مرة واحدة عام 2014 بعد 15 عاما من المنع.

ويعيش أهالي القرية البالغ عددهم نحو 6 آلاف مواطن منذ سنوات حالة استنفار وخوف دائمين من هجمات المستوطنين المتكررة، يتفاقم الخوف مع بدء موسم قطف الزيتون والذي عادة ما تحصل فيه هجمات للمستوطنين.

وتحول موسم الزيتون الذي "كان عرسا وطنيا" لموسم محفوف بالمخاطر، إذ أصيب خلال السنوات العشر الأخيرة ما يقارب من 400 مواطن وتم حرق أكثر من 2500 شجرة زيتون.

أشكال متنوعة

ليست "قرية قصرة" وحدها التي تعاني ظلم الاحتلال، فأغصان الزيتون التي رفعت يوما في الأمم المتحدة باتت هدفا يوميا للمستوطنين والاحتلال بالإحراق والقطع والإتلاف، ليتكرر المشهد في جل قرى وبلدات ومدن فلسطين.

الخبير في شؤون الاستيطان والجدار، صلاح الخواجا يقول: إن استهداف الاحتلال للمزارعين والمواطنين في أراضي الزيتون بالضفة المحتلة لمنعهم من قطفه، ليس الإجراء الأول ولا الأخير الذي يتم التصعيد فيه ضد أبناء الشعب الفلسطيني من المزارعين والفلاحين".

وأشار الخواجا في حديثه لـ"شمس نيوز"، إلى أن هناك أشكالا متنوعة ومختلفة من عمليات الاعتداء على الفلسطينيين، كمنع المزارعين والفلاحين من الوصول لأراضيهم، وسياسة القمع التي تستخدم على البوابات الزراعية، مضيفاً: حيث وصلت الحقارة لدى قطعان المستوطنين، بأن يداهموا الأراضي ويسرقوا ثمار الزيتون بعد عمل المزارعين طوال اليوم".

سياسة ممنهجة

ولفت الخواجا إلى أن هناك عمليات اعتقال بالإضافة إلى إطلاق نار من قبل المستوطنين والجيش الإسرائيلي على الفلاحين والمزارعين، خصوصاً في ظل المواجهات الحالية، فقد استشهد وأصيب العديد من المواطنين الذين كانوا يقطفون الزيتون"، مؤكداً أن الإجراءات الإسرائيلية هذه سياسة ممنهجة ومنظمة يقودها المستوطنون وبدعم من جيش الاحتلال.

وشدد الخبير في شؤون الاستيطان والجدار على أن الزيتون يعتبر رمزا من رموز الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى مصدر قوته" فالإنسان الفلسطيني يعتمد على أشجار الزيتون بشكل كبير"، على حد وصفه.

وقال: ليس صدفة أن يتم الاعتداء على أشجار الزيتون وعلى المزروعات الفلسطينية خصوصاً في ظل موارد شحيحة والاستيلاء على الأراضي والمياه والمزروعات، كل ذلك جزء من محاولة إفقار الشعب الفلسطيني والضغط عليه لتطبيق مخططات التشريد والتهجير والترانسفير".

وتحاول شرطة الاحتلال الإسرائيلي إعاقة المزارعين الفلسطينيين من قطف ثمار الزيتون هذا العام من خلال اقتحام الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى تفتيشهم واستفزازهم، ومنع بعض المزارعين من الوصول لأراضيهم.

واستشهد العديد من المواطنين الفلسطينيين؛ نتيجة إطلاق جنود الاحتلال النار عليهم مباشرة خلال قطفهم لثمار الزيتون هذا العام، وكان آخرهم الشهيد عدي المسالمة (24 عاما)، من قرية بيت عوا غرب الخليل.

اخبار ذات صلة