قائمة الموقع

خبر الخصم العنيد: ثلاثة عوامل لإستمرار الأزمة بين أمريكا وإسرائيل

2015-11-23T07:50:46+02:00

علاقات اسرائيل والولايات المتحدة ما تزال تغمرها الأزمة. لقاء الرئيس باراك اوباما رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في ال9 من نوفمبر بدى وكأنه لقاء بين زوجين مطلقين ناقشا مستقبلهما المشترك. انعدام الثقة المطبق والمتبادل حوّل الحديث بينهما إلى حوارين منفردين لا تربطهما أي علاقة مشتركة تقريبًا. وبالتالي بالكاد أوجد في لقاء القمة هذا بند للنقاش المتوقع حول حزمة المساعدة الأمنية لإسرائيل.

وقال مصدر دبلوماسي رفيع في وزارة الخارجية للمونيتور، دون أن يذكر اسمه، "أن الحكومة الأمريكية لم يخب أملها في اللقاء؛ ذلك أن الرئيس اوباما ووزير خارجيته جون كيري لم يكن لديهما أية توقعات من رئيس الحكومة منذ البداية، تدخل نتنياهو بالنقاش حول ايران لصالح الجمهوريين خلفت ندوبًا وتسببت بضرر لا يجبر في نظرة الحكومة إلى رئيس الوزراء"، وأضاف انه "قبل اللقاء تقرر خلق مشهد يوحي بإصلاح العلاقات مع اسرائيل، ولكن اللقاء عزز تشخيص الرئيس السابق لا أكثر، وبشكل علني أيضًا بشأن دعم اسرائيل أمنيًا من جانب، والخلاف العميق في القضايا الإقليمية من الجانب الآخر. اعترف أن العلاقات الثنائية بين البلدين بقيت متوترة".

وحسب نفس المصدر، زعم نتنياهو وأكد أن اسرائيل هي ضحية للهجمات الإرهابية المدبرة بعناية من قبل الحركات الأصولية الإقليمية، وطالب الولايات المتحدة بالوقوف إلى جانبها. أما الرئيس، فعاد وأكد مبدئيًا حق اسرائيل بالدفاع عن نفسها، ولكن تحليل الحكومة يركز على الجمود السياسي على الساحة الفلسطينية، على وجه الخصوص، ولا يربطه بقضية تهديد الدولة الإسلامية .

وفي اسرائيل، نظروا إلى اللقاء بضوء مشابه. مصدر مقرب من رئيس الحكومة قال للمونيتور انه بالنظر إلى الشكوك المتبادلة السائدة بين الزعيمين، فان نتنياهو ما كان يمكنه توقع لقاء ناجحًا أكثر من ذلك. ورغم ذلك، وحسب أقوال المصدر نفسه، لم يغير نتنياهو موقفه تجاه الاتفاق مع ايران أو القضية الفلسطينية، ولا حتى موقفه المنتقد للرئيس اوباما. نتنياهو مقتنع بأن اوباما لا يفهم العالم العربي وانه اضعف من أن يرد على الإرهاب العربي، وانه ساذج بظنه أن الدبلوماسية تكفي لإصلاح الوضع في سوريا والضفة الغربية. وأضاف ذات المصدر واقر أن نتنياهو لم يوافق على تنازلات في أي من المواضيع، واقترح فقط ضريبة كلامية في موضوع حل الدولتين لشعبين. يمكن أن نستخلص، إذا كان الأمر كذلك، أن اللقاء لم يرت المزق بين واشنطن واسرائيل، ما عدا التصريح بشأن التحالف الراسخ بين البلدين

يوجد عدد من عوامل استمرار الأزمة في علاقات اسرائيل والولايات المتحدة: العامل الأول، هو انعدام الثقة الشخصية بين الزعيمين، ويبدو انه غير قابل للتصحيح. كيمياء شخصية بين الرئيس الامريكي ورئيس حكومة اسرائيل ضرورية للتنسيق الأكثر حميمية و إحكامًا في قضايا الأمن والسياسات. أما اليوم، فالتنسيق محدود في المستويات التكنوقراطية فقط.

عامل آخر، وهو الجمود السياسي. عشية الانتخابات في اسرائيل في ال17 من مارس، أعلن نتنياهو انه لن تقام دولة فلسطينية في فترة ولايته، وفي الحقيقة فانه قد اهتم بان لا يحدث ذلك خلال ولاية الرئيس اوباما. تسليم الولايات المتحدة بالجمود السياسي في موضوع حل الدولتين – الجمود الذي سيستمر على ما يبدو إلى حين الدخول لولاية الرئيس القادم – هو وصفة أكيدة لتعميق الإحباط لدى الجانب الفلسطيني وللعنف وتعزيز قوة حماس.

وبنفس المفهوم، فالاتفاق النووي مع ايران فجأة لم يعد يهم نتنياهو. فإلى وقتنا هذا ما يزال يركز أساسًا على منع ممارسة ضغوطات دولية في قضية حل الدولتين لشعبين. في لقاء القمة في واشنطن، تحققت تفاهمات بشأن التعاون بين الولايات المتحدة واسرائيل، بهدف متابعة تطبيق الصفقة النووية من جانب ايران. ولكن مع عدم وجود عملية سلام اسرائيلية فلسطينية قابلة للحياة، ظلت اسرائيل خارج أي خطوة دبلوماسية جماعية تقودها الولايات المتحدة خاصة في قضية ايران وسوريا.

الأزمة الثنائية بقيت على حالها لأنّ نتنياهو فشل في محاولته تجنيد معارضة امريكية لقرارات الاتحاد الأوروبي بوسم المنتجات المصنعة في المستوطنات أيضًا. المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر صرح في ال 12 من نوفمبر أن الولايات المتحدة لا تعتبر الخطوات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي مقاطعة لإسرائيل. وأضاف أن الحكومة الأمريكية تعتقد أن "المستوطنات ليست شرعية". وذلك على نقيض الضغوطات التي مارستها أمريكا على الاتحاد الأوروبي في الماضي لكي يكف عن السياسة التي تعتبرها اسرائيل عدائية.

العامل الأخير الذي يسهم في الأزمة هو الفجوة الايديولوجية. أكثر من انعدام الثقة الشخصية وأكثر حتى من الاختلافات في الرأي المعمقة، المزق بين اوباما ونتنياهو هو أولاً وقبل كل شيء ايديولوجي. الرئيس الامريكي يؤمن من أعماقه بالدبلوماسية الجماعية وإقامة ائتلاف لحل الصراعات – في سوريا أيضًا وفي العراق، و كذلك في أعقاب الأحداث الإرهابية في باريس في ال13 من نوفمبر. رئيس الحكومة الإسرائيلية يؤمن بالاستخدام الأحادي الجانب للقوة كمخرج أول. اوباما يؤمن بالمساواة بين الدول، ونتنياهو لا يؤمن بذلك. وبذلك ظلت اسرائيل خارج الإجماع الدولي الذي يفضل الدبلوماسية الجماعية على العمل العسكري، ويعتبرها مقدمة منطقية لحل النزاعات في عهد ما بعد الاستعمار .
لهذه الأسباب تحديدًا خلق اللقاء في ال9 من نوفمبر مجرد شكل لتحسن العلاقات بين طرفي المحيط غير انه لم يسهم كثيرًا في رتق المزق العميق في العلاقات الاسرائيلية الأمريكية.

هذا التصور رائج ايضاً في الدول العربية وفي اوروبا حول الجمود السياسي واستمرار سياسة الاستيطان الاسرائيلية . مع استمرار الأزمة في العلاقات الاسرائيلية الأمريكية يمكن لإسرائيل أن تتوقع فقط تزايد الضغط من جانب أوروبا ودعم العالم العربي للمقاومة والعنف الفلسطيني.

ترجمة: أطلس للدراسات

اخبار ذات صلة