شمس نيوز/أحلام الفالح-سماهر البطش
"اتركونا نفعل ما نريد ونلبس ما نحب؛ فنحن مازلنا شبابا وهذه أيامنا سنعيشها بالطول والعرض" بهذه العبارة تبرر الفتاة نور محمد (19 عاما) ميلها نحو ارتداء البنطلون والثياب اللصيقة أثناء ذهابها إلى الجامعة، وخروجها للمناسبات، ظنا منها أنها بذلك تجاري التطور التكنولوجي وآخر صيحات الموضة العالمية.
"نور" واحدة من آلاف الفتيات بغزة يعتقدن أن ارتداء الجلباب والثياب الساترة للبدن أصبح من الماضي، ولا يواكب الحضارة، بل يرين أن البنت أو المرأة التي تحافظ على ارتداء الثوب الإسلامي لا زالت تعيش حياة التخلف والرجعية.
وتستنكر "نور" احتجاج بعض الناس على لباسها، لتضيف بالقول: ماذا تريدون منا؟ نحن نتعرض لضغوطات كبيره، دعونا نتحرر ونفعل ما نراه صحيحا".
وتكمل الحديث عنها صديقتها حنين (19عاما) التي كانت في طريقها إلى جامعة الأزهر بغزة: اللبس حرية شخصية، هل تريدون فرض الحجاب بالقوة علينا؟ وما العيب في ارتداء الجينز، هذا شيء عادي وأنتم لا تملكون محاسبتنا , الله يحاسب الجميع وكل شخص حر في حياته" بحسب تعبيرها.
وعند تذكير بعض الفتيات من هذا النوع بآيات القرآن التي تحث على اللباس الشرعي، يرفضن الاستماع، ويضربن الكلام عرض الحائط، بحجة أن هذا كان في زمن النبي والصحابة.
عرض أزياء
عندما تتجول في شوارع غزة، خاصة في بعض الأماكن التي يطلق عليها اسم "الراقية" وقرب المتنزهات وفي محيط الجامعات، ترى كل ما لا تطيق احتماله، ترى الجينز والفيزون، والبنطال والمكياج.. وكأنك تسير وسط معرض أزياء تتعرف من خلاله على آخر إطلالات الموضة الغربية التي أصبحت وسما دخيلا على شعب طالما عرف عنه السعي نحو التحرر من العدو والتبعية، وإذا به يتحرر... ولكن من شيء آخر!!
في أروقة الشوارع تجولت مراسلة "شمس نيوز" بين فتيات اختفت وجوههن خلف أكوام من الطلاء بمختلف الماركات، وكأنهن خرجن لتوهن من صالونات التجميل.
والدتي تمنعني
الشابة لينا رياض (21 عاما)، لم تخفِ رغبتها في ارتداء اللباس الشرعي، لتخرج بمظهر الفتاة المسلمة التي ذكرها الله في القرآن، ولكن والدتها تمنعها لبس الجلباب والخروج به، وتجبرها على الخروج بشعرها وارتداء البنطلون الضيق والبلوزة القصيرة اتباعاً لعادات عائلتها التي تعتبر لباس الجلباب غير حضاري.
وأضافت رياض لـ"شمس نيوز": عائلتي ميسورة الحال وتحب البذخ، خاصة في الأسواق وشراء كل ما هو جديد من الموضة، وتضييع الكثير من الوقت على برامج الموضة ومتابعة المغنيات لتقليد لباسهن في الأفراح العائلية، حيث تتنافس نساء العائلة في ذلك دون الاهتمام إلى نظرة المجتمع المحافظ".
ارحمونا!
وبعيون يملؤها الغيرة، تنهد الشاب مهند محمود، وسرح بذاكرته قبل أن يتحدث قائلا" حال لباس الفتيات الضيق في غزة مخزٍ لدرجة كبيرة، وعند خروجي من المنزل أرى لباس الفتيات المثير جدا، والذي يلفت نظر الشباب في الشارع وتعليقاتهم السخيفة أحياناً، اشعر بالاشمئزاز".
وأشار محمود إلى أنه يجب على الفتاة أن تجتهد في المحافظة على الزي الشرعي لما فيه من ستر جميل لها، وابتعادها عن اللباس الضيق، منوَّها إلى أن غالبية الشباب يحبون الارتباط بفتاة محتشمة لما يجدون فيها من محافظة على نفسها، وبالتالي الحفاظ على زوجها وبيتها عند الزواج.
وشاركنا الحديث محمد شاهين، قائلاً إنه يتمنى أن تلتزم جميع فتيات غزة بالحجاب الشرعي خاصة وأنه فرض من الله تعالى، داعيا الفتيات إلى الابتعاد عن التبرج واللباس الضيق حتى لا تتعرض للتحرش والمضايقة من بعض الشباب مرضى النفوس، الذين يتجهون إلى المعاكسة عند رؤية الفتيات بهذا الشكل، بحسب تعبيره.
وأضاف أنه يهتم كثيراً بلباس أخته أو أمه عند خروجهم من المنزل والحفاظ على اللباس الذي أوصى به الله، من باب الغيرة عليهن، وخوفاً من بعض الشباب الذين يتعرضون للفتيات غير المحتشمات بالإساءة.
المسئولية مشتركة
بدوره، أكد الدكتور ماهر الحولي، عميد كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية، أن لباس الفتاة المسلمة يجب أن ينضبط بالضوابط الشرعية، بحيث يكون ساترا للعورة وغير شفاف وغير مفصّل لجسدها.
وأوضح الحولي أن المسؤولية مشتركة في المحافظة على اللباس الشرعي تبدأ من الفتاة مرورا ببيتها إلى المؤسسات إلى الحكومة، للمحافظة على المظهر الإسلامي للمجتمع.
وأشار إلى أن الجامعة يجب أن تأخذ دورها التوعوي والمسؤول في مساعدة الفتاة بالحفاظ على عفتها ومظهرها الخارجي المتمثل في اللباس الشرعي، لا أن تترك لها الحرية في اختيار لباسها، حتى لا تفتح مجالا للمنافسة بين الفتيات في متابعة الموضة وترك اللباس الشرعي.
وأضاف أن مسؤولية الحاكم متعددة في المجتمع، وواجب عليه أن يتابع الشارع، ويقدم النصائح، ويفرض العقوبات على المخالفين والمقصرين في لبس الزي الشرعي، ويسعى جاهداً لتضييق مساحة المخالفات الشرعية، ويستعمل جميع الوسائل الحضارية لضبط هذا الأمر.
لا تكاد تذكر
من جانبه، قال مدير قسم الوعظ والارشاد في وزارة الأوقاف بغزة، عزمي البرش، إن ظاهرة التبرج وارتداء الملابس الضيقة، في غزة، لا تكاد تذكر مقارنة ببلاد المسلمين، وإن الوضع مطمئن.
وحمّل البرش الحكومة بغزة جزءً من المسؤولية عن وجود هذه الظاهرة، خاصة وأن الحكومة متهمة دوليا بـ(الإرهاب) وتضييق الحريات، مبينا أن خوفهم من هذا الاتهام جعلهم يطلقون العنان لهذه الظاهرة".
وأضاف: الحكومة بشكل عام ووزارة الأوقاف بشكل خاص يدعون إلى الوسطية في الدين، خاصة في ظل وجود طائفة متشددة تنفّر الناس من الشرع الذي تقصره على لباس الرجل للجلابية القصيرة ولباس المرأة "الشدل الأسود" مما يجعل الحكومة تخفف من القوانين التي تختص باللباس الشرعي، حتى تبتعد عن تهم التشدد.
وذكر أن الوزارة تقوم بحملات في أماكن متعددة من القطاع تحت شعار "بالإسلام نحيا" ووضع بوسترات "يا أختاه كوني جميلة" لنحصر الجمال كله بالحجاب الشرعي، إلى جانب الأمسية الدعوية التي تقوم بها الوزارة كل يوم خميس في ساحة الجندي المجهول، ونجد إقبالا كبيرا من الناس، بحسب البرش.
توجهت مراسلة شمس نيوز إلى مديرة الشرطة النسائية بغزة، نرمين عدوان، وسألتها عن دورهم في الحد من ظاهرة التبرج، لترد بالقول: اللباس الشرعي للفتاة يعود لقناعتها, ونحن لا نتدخل في الحرية الشخصية، هذا في النهاية يكفل حرية الشخص، وكل واحد له ما يشاء".
وأضافت: المجتمع الغزّي محافظ بالطبع، فأكثر من 90 % محجبات، ولا ننسى وجود ثقافات مختلفة.. نحن نقوم بحملات توعية للوقوف مع المرأة عندما تتعرض للابتزاز الإلكتروني أو الآداب العامة".
وألقت عدوان بالمسئولة عن متابعة أمور لباس الفتيات على كاهل وزارة الأوقاف والمساجد والدعاة "أما نحن فدورنا هو بالمحافظة على الأمن والاستقرار". بحسب وصفها.