قائمة الموقع

خبر احتجاز جثامين شهداء الانتفاضة.. الملف المغلق

2015-12-15T02:51:23+02:00

شمس نيوز / عبدالله عبيد

"أنتظر ذلك اليوم الذي أُقبل فيه جبين ابني باسل، وأرفعه على أكتافي بجنازة تليق بحجمه كشهيد بطل، وتخرج كل الخليل في عرسه"، بهذه الكلمات العاطفية بدأ أبو القاسم سدر (45 عاماً)، والد الشهيد باسل سدر، حديثه عن ابنه الذي ما تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثمانه حتى الآن.

لم يرَ أبو القاسم جثمان ابنه "باسل" الذي استشهد في الرابع عشر من أكتوبر الماضي، بعد تنفيذه عملية طعن قرب باب العامود في مدينة القدس المحتلة، إلا بنظرة سريعة حينما ذهب للتعرف عليه في مركز "أبو كبير" الطبي، وهو ذات المركز الذي تحتجز فيه قوات الاحتلال جثامين الشهداء الفلسطينيين كوسيلة عقاب لهم ولأهاليهم.

يقول أبو القاسم لـ"شمس نيوز": تلقيت أكثر من اتصال من الجانب الإسرائيلي لأخذ جثمان باسل، لكن بشرط أن يدفن ليلاً دون جنازة، لكنني رفضت وما زلت أرفض لأنني أنتظر اليوم الذي أدفن فيه جثة ابني وكل الخليل تخرج في هذا العرس الوطني، لأنه شهيد ولا بد من جنازة تليق به".

ولم يخف هذا الأب القهر اليومي الذي يعيشه دون أن يدفن فلذة كبده، ليؤكد أن ابنه الشهيد قد رفع رأسه عالياً، لذلك يريد جنازة كالعرس يوم دفنه.

وتواصل سلطات الاحتلال "الإسرائيلي"، احتجاز جثامين 51 شهيداً فلسطينياً من الضفة والقدس المحتلتين، كما ترفضُ تحديد موعدٍ لتسليمهم لذويهم، بذرائعَ واهية.

لم نذق طعم النوم

هذا حال جميع أهالي الشهداء المحتجزين لدى سلطات الاحتلال، خصوصاً الـ 51 شهيداً الذين قضوا نحبهم في انتفاضة القدس، لتعبر الحاجة أم إسماعيل عويصي (57 عاماً) عن حزنها الشديد لعدم تمكنها من رؤية ابنتها "رشا" بعد استشهادها.

الحاجة عويصي قالت لـ"شمس نيوز": لقد اتهمها جنود الاحتلال بأنها نفذت عملية طعن وقاموا بإعدامها أمام الناس بـ 17 رصاصة اخترقت جسدها الغض"، لافتة إلى أنها لم تذق طعم النوم منذ استشهاد ابنتها؛ لعدم دفن جثمانها.

وطالبت الحاجة الخمسينية، السلطة الفلسطينية والصليب الأحمر بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي، من أجل العمل على استخراج جثامين شهداء انتفاضة القدس، " فهم شهداء ضحوا بأرواحهم من أجل الكرامة، لذلك علينا أن نكرمهم بدفنهم"، حسب تعبيرها.

وكان المجلس الوزاري "الإسرائيلي" المصغّر للشؤون الأمنية "كابينيت"، قد قرّر في الثالث عشر من شهر تشرين أول (أكتوبر) الجاري، احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين نفّذوا عمليات مقاومة ضد أهداف استيطانية وعسكرية "إسرائيلية".

يحترقون شوقاً

علاء الريماوي، مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي الفلسطيني، أوضح أن أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم عند سلطات الاحتلال؛ يحترقون شوقاً لرؤية أبنائهم حتى وإن كانوا متوفين.

ولفت الريماوي لـ"شمس نيوز"، إلى أن أغلب أهالي الشهداء الذين تم التواصل معهم يعيشون في دائرة القلق، منوهاً إلى أن هناك أسرا لم تتأكد من وفاة أبنائهم بعد؛ لعدم رؤية الجثة للتعرف عليها.

وشدد على ضرورة فحص الجثة بعد تسليمها للارتباط الفلسطيني، وهو ما طلبه مركزه من السلطة الفلسطينية، " لأن هناك شهداء تمت تصفيتهم بعد اعتقالهم، وهناك من ترك ينزف حتى الموت بعد الإصابة"، منوهاً إلى إعدامات كثيرة وتصفيات عديدة تمت في مدينة الخليل مؤخراً.

ويرى الباحث الريماوي، أن قيادة الاحتلال أرادت من خلال قرار احتجاز جثامين الشهداء التأثير على مسار الأحداث ودفع الشباب المنتفض للتفكير قبل الإقدام على أي عمل، وهي سياسة قديمة استخدمها الاحتلال خلال الانتفاضتين الأولى والثانية.

واستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي سياسة الإعدامات المباشرة التي ينفذها بحق الشبان الفلسطينيين، الذين هم على احتكاك مباشر معهم في مناطق التماس، خلال انتفاضة القدس الثالثة.

تحرك سياسي

ويؤكد عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن هناك تحركات سياسية لاستخراج جثامين شهداء الانتفاضة المحتجزين لدى الاحتلال، منوهاً إلى أن إسرائيل هي الكيان الوحيد الذي يفعل مثل هذا الإجرام.

وبيّن قراقع خلال حديثه لـ"شمس نيوز"، أنهم في هيئة شؤون الأسرى عرضوا أمر الجثامين المحتجزة على المؤسسات والجهات الدولية، مشدداً على أنها سياسة انتقامية مخالفة للأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية.

وأضاف: إسرائيل تنتقم من الشهداء وعائلاتهم بهذه السياسة، التي لا تمارسها دولة في العالم إلا هي"، معتبراً سياسة احتجاز الجثامين شكلا من أشكال العدوان على الشعب الفلسطيني، كالاعتقالات والإعدامات وهدم البيوت وغيره.

مخالف للقوانين

من جهته، يرى الخبير في القانون الدولي، د. حنا عيسى أن احتجاز جثامين الموتى بعد الموت مخالف لكافة القوانين والمعاهدات الدولية، ولكافة الاتفاقيات الموقعة في الجمعية العمومية.

وقال عيسى: الاحتلال يتفنن في اختراع الجرائم، وهذه جريمة مركبة يجب على السلطة استغلالها وتقديمها لمحكمة الجنايات الدولية، لردع إسرائيل"، موضحاً أن الأعراف الدينية لكل الديانات السماوية تؤكد أن "إكرام الميت دفنه".

وأضاف: عند قتل أي إنسان لا بد من تحليل جثمانه حسب الطريقة الشرعية، وبعدها تسليمه فوراً للجهات المعنية، وهذا ما تفعله كل الدول، إلا دولة الاحتلال التي تتفنن في ارتكاب جرائمها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل".

ونبه الخبير في القانون الدولي، إلى أن إسرائيل لا تعطي وزناً للقانون الدولي ولا للجمعية العامة ولا لمحكمة الجنايات الدولية، مشيراً إلى أنها ضربت عرض الحائط كل الاتفاقيات الدولية من أجل معاقبة الشعب الفلسطيني.

وكانت مصادر إعلامية "إسرائيلية"، قد كشفت بأن حكومة الاحتلال تعتزم دراسة مقترح احتجاز جثامين الشهداء في "مقابر الأرقام" الإسرائيلية.

و"مقابر الأرقام" هي مقابر مغلقة عسكرياً، تحتجز فيها سلطات الاحتلال رفات شهداء فلسطينيين وعرب، وتتميز شواهد قبورها بأنها عبارة عن لوحات مكتوب عليها أرقام بدلاً من أسماء الشهداء، ويحظر الدخول إلى هذه المقابر سواء من ذويهم أو من مؤسسات حقوق الإنسان، كما تبقى طي الكتمان، ولا تنشر أي معلومات شخصية تتعلق بأصحاب تلك القبور.

اخبار ذات صلة