غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر في غزة فقط.. طبق الفول وحلاقة الشعر في دفتر الديون!!

شمس نيوز/عبدالله مغاري

بعد أيام قليلة ستغيب شمس العام 2015عن قطاع غزة المحاصر, تاركة  في أذهان نحو مليوني مواطن تفاصيل أيام قد تكون أكثر صعوبة من تسعة أعوام مضت, كيف لا وفي غزة كل شيء ينمو مع مرور الوقت, حتى المعاناة بأصنافها تنمو وتلد أنواعا جديدة منها ,لا تعيش إلا بالمناخ الغزي.

معروف في غزة, أنه في كل عام ترتفع معدلات الفقر والبطالة والعنوسة, وتنخفض معدلات التنمية والتطور، وربما الحياة نفسها, ومعروف أيضا أن في كل عام جديد تظهر مضاعفات جديدة للحصار, ونتائج ربما لا يتوقعها أحد, فهل كان من المتوقع بأنه مع مطلع العام 2016 ستكون أبسط السلع تسجل في دفاتر الديون؟!

كل شيء وارد في القطاع المحاصر, فالحالة الصعبة جعلتنا نلاحظ ظاهرة جديدة مع نهاية هذا العام,وهي أن صاحب صالون الحلاقة يمتلك دفترا للديون, وبائع الأكلة الشعبية الأرخص في غزة "الفول والفلافل" يمتلك نفس الدفتر أيضا, فهل أوصلنا الحصار إلى جيوب تخلو من الشيكل وهو ثمن طبق الفول الذي يطعم العائلة؟

أصبحت لا تطاق

صاحب مطعم الفول والفلافل الأكثر شهرة في مخيم البريج "عاهد الحملاوي" يعبر عن استيائه لما وصلت له الحالة الاقتصادية عند المواطنين, وجعلتهم يطرقون بابه لاستدانة وجبة العشاء أو الإفطار من الفول والفلافل التي قد لا تتجاوز الثلاثة شواكل .

يقول "الحملاوي" لمراسل "شمس نيوز": قديما كان يأتي لنا شخص يظهر عليه الفقر يقول أعطوني مثلا صحن فول وما معي ثمنه، وسأعطيك في مرة قادمة، وكانت حالات نادرة جدا, اليوم بشكل يومي نواجه هذا الطلب لدرجة اشتريت دفترا وبدأت أسجّل الديون".

ويشير بائع الفول والفلافل الذي اضطر إلى وقف الدين منذ شهر تقريبا, إلى أن بعض المواطنين وصلت حساباتهم في دفاتر الديون عنده إلى ما يقارب 500 شيكل, لافتا إلى أنه لو لم يوقف البيع بالدين لتكبّد خسائر فادحة.

وأضاف: حتى هذا اليوم يأتي لي أشخاص ويقولون إن بيوتهم خاوية من الطعام، ويطلبون مني أن أعطيهم بالدين, أتجاوز أحيانا، ولكن لا يمكن توسيع دائرة البيع على الدفتر، فلا أحد يدفع والناس يأكلون الفول والفلافل بشكل يومي".

حلاق عالدفتر

لم تصل الحالة لما صوره الحملاوي فقط، فصاحب صالون الحلاقة يشتكي نفس الشكوى، حيث يقول صلاح عبيد، لـ"شمس نيوز": لم أتوقع يوما أن أفتح دفترا لقص الشعر بالدين، كان بعض الشبان يؤجلون الدفع، ولكن ليس لدرجة التسجيل على الدفتر، اذكر مرة جاءني شاب كثيف الشعر جلس على الكرسي وقال لي بدي احلق بس للعلم ما معي ولا شيكل, احلقلي وإلك والرب كريم!".

ولفت عبيد إلى أن دفتر الديون عنده امتلأ بمبالغ غير معقولة، ليضيف: أريد من الناس ديونا كثيرة، يأتي الأب وأولاده عندي يحلقون ويسجلون عالدفتر، كذلك يحلق موظفون بدون أن يدفعوا".

مضطرون

في أحد مطاعم الفول والفلافل صادف مراسل "شمس نيوز "امرأة في الأربعينيات من عمرها تدعى "أم جميل "وقد جاءت تطلب من صاحب المطعم أن يداينها ما قيمته أربعة شواكل من الفول والحمص, فاستمع مراسلنا ليسجل حوارها مع البائع قبل الحديث معها، قالت للبائع: :أريد صحنين حمص وفول وسجلهم عليّ" فرد عليها: حسابك صار كثير يا أم جميل" لتقول: قربت قبضة الشؤون بعطيك إياهم مع بعض".

تقول أم جميل لـ"شمس نيوز": أنا عندي خمسة أبناء، وأعتمد على راتب الشؤون الاجتماعية كل ثلاثة أشهر ,والله معظم الأيام نتعشى ونفطر فول وغالبا بالدّين".

أما الشاب عبدالله أحمد، والذي اعتاد استدانة هذه الوجبة الشعبية، فيقول: أحيانا ما بكون بالبيت ولا شيكل, اضطر لاستدانة طبق الفول, نحن نعتمد عليه بالبيت كوجبة أساسية لأن ثمنها مناسب ورخيص".

المواطن "أبو ماهر. ن"، موظف في حكومة غزة، يعبّر عن استيائه لما وصل إليه حاله، بأن يقص شعره دينا، ليضيف: قلت أزمة موظفي غزة لن تطول، مارست حياتي بشكل اعتيادي, ولكن بالدّين، حتى وصلت لدرجة الحلاقة دينا...لا أرى حلا لمشكلتنا، كل الناس تطالبني بالديون".

أمر طبيعي

الخبير الاقتصادي د. معين رجب يرى أنه من الطبيعي وفي ظل الحالة الاقتصادية الصعبة بقطاع غزة أن يتجه السكان إلى استدانة السلع الأساسية وحتى منخفضة الثمن.

وقال رجب لـ"شمس نيوز": نسبة كبيرة من الناس لا تعمل ولا يوجد لديها دخل ولا تستطيع تلبية احتياجاتها، لذلك يلجئون إلى الدين, ومن الطبيعي أن نجد ناسا لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية، فيعتمدون على استدانة السلع منخفضة السعر".

وأشار الخبير رجب إلى أن هناك شرائح مهمة في قطاع غزة تمر بأوضاع معيشية صعبة, بالإضافة إلى عشرات آلاف الموظفين الذين لا يتقاضون رواتب منذ أشهر، ما يجعل ظاهرة استدانة السلع الأساسية ومنخفضة السعر أمرا واردا وطبيعيا" بحسب تعبيره.

ويرزح قطاع غزة لحصار إسرائيلي منذ نحو ثمانية أعوام، تخلله ثلاثة حروب، وأدى إلى استشراء وتضخم نسبة البطالة والفقر في صفوف السكان.

كما تمنع مصر فتح معبر رفح من جانبها، وترفض إدخال السلع لغزة.