شمس نيوز / عبدالله عبيد
يبتكر الاحتلال الإسرائيلي أساليب ووسائل جديدة في كل مرة لإظهار جرائمه المتتالية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، فمن اعتقال إلى هدم منازل إلى إعدام وليس آخراً حرق الفلسطينيين، حيث شهد العام الماضي حرق مجموعة من المستوطنين للطفل محمد أبو خضير في مدينة القدس المحتلة، وأواخر هذا العام كرروا الجريمة ذاتها بحرق على أسرة كاملة قتل فيها الأب والأم والطفل الرضيع بمدينة نابلس.
لم يكتف الاحتلال بهذه الجرائم، بل إنه حاول إظهار فرحته بحرق عائلة الدوابشة في بلدة دوما بنابلس، ليدلل المشهد على مدى بشاعة المستوطن المحتل وتطرفه، الذي ضرب وما زال يضرب بعرض الحائط كل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية.
حيث بثت القناة العبرية العاشرة مساء الأربعاء الماضي، مشاهد فيديو تظهر مستوطنين يهود خلال حفل زفاف عقد في القدس الأسبوع الماضي، وهم يطعنون بالسكاكين دمية وضعت عليها صورة الطفل علي دوابشة الذي استشهد ووالداه حرقا على أيدي مستوطنين في منزله قبل عدة شهور.
وأشارت القناة إلى أن حفل الزواج كان لمستوطنين معروفين بأنهما من اليمين المتطرف، وقد حضره العشرات من أصدقائهم الذين احتفلوا وهم يلوحون بالبنادق والسكاكين وقنابل المولوتوف، وفي ذروة العرس أتوا بالدمية وصور عائلة دوابشة وأحرقوها وهم يتراقصون .
وبحسب القناة العاشرة الإسرائيلية، فإن أطفال المستوطنين أيضا كانوا يحملون بنادق وسكاكين ويرفعون علامة النصر ويتفاخرون بما جرى لأفراد عائلة دوابشة الذين تم إحراقهم داخل منزلهم وهم نيام.
فقدوا إنسانيتهم
محامون فلسطينيون دعوا السلطة الفلسطينية إلى استغلال ملف حرق أسرة "دوابشة" والطفل أبو خضير، وتقديمه لمحكمة الجنايات الدولية، مشددين على ضرورة معاقبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه المتكررة بحق الشعب الفلسطيني.
المحامي غسان الشكعة، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، يرى أن المستوطنين الإسرائيليين فقدوا إنسانيتهم وانتمائهم، بعد مقطع الفيديو الذي أظهر رقص المستوطنين احتفالا بجريمة حرق عائلة الدوابشة.
وشدد الشكعة في حديثه لـ"شمس نيوز" على ضرورة استغلال هذه مشاهد الحرق والقتل والإعدام، في القضايا التي تتعلق بمحكمة الجنايات والمؤسسات الدولية "حتى يتم فضح الاحتلال الذي يستبيح كل المحرمات من خلال هؤلاء المستوطنين المتطرفين" بحسب قوله.
وبيّن أنه من واجب الحكومة الإسرائيلية محاكمة القتلة على أساس إجرامهم الشنيع لحرق الطفل أبو خضير وعائلة دوابشة، مستدركاً: لكن الحكومة اليمينية هي من يعطي الضوء الأخضر لهؤلاء المستوطنين ويتركهم يعربدون في الأراضي الفلسطينية".
وتجدر الإشارة إلى أن شرطة الاحتلال الإسرائيلية ما تزال تتلكأ في ملاحقة مرتكبي جريمة إحراق عائلة دوابشة ولم يتم بعد تقديم أحد منهم للمحاكمة، ورغم انه تم توقيف بعضهم إلا أنه جرى تحويلهم للاحتجاز المنزلي.
وبحسب القناة العاشرة الإسرائيلية، فإن جهاز الشاباك وشرطة الاحتلال فتحوا تحقيقا في حفل الدم، وفي كيفية وصول أسلحة من بنادق الجيش الإسرائيلي للمكان،وكذلك حمل الأطفال المستوطنين لبنادق مرخصة.
ومن جهته، أعرب وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي موشي يعلون عن أمنياته لو كان منفذو المحرقة بحق عائلة دوابشة بدوما جنوب نابلس فلسطينيين، زاعما قرب تقديم لوائح اتهام بحق المجرمين.
وقال يعلون- خلال لقاء أجرته معه القناة العبرية الثانية ضمن برنامج "واجه الصحافة": ستُقدم لوائح اتهام بحق منفذي المحرقة قريبًا" لافتًا لاتخاذ الأمن الإسرائيلي تدابير وقائية لمنع تكرار هكذا جريمة.
دولة عنصرية
من جهته، اعتبر الخبير القانوني والناشط الحقوقي، صلاح عبد العاطي الفيديو الذي ظهر مؤخراً في الإعلام الإسرائيلي، وبُث فيه احتفال المستوطنين بحرق أسرة "دوابشة"، بحفل الدم الذي يؤكد أن إسرائيل دولة دموية إرهابية.
وقال في حديثه لـ"شمس نيوز": هذا الفيديو أوضح مدى بشاعة الاحتلال الإسرائيلي النازي الإرهابي"، منوهاً إلى ضرورة استغلال ملف حرق عائلة "الدوابشة" وتقديمه لمحكمة الجنايات الدولية.
وطالب الناشط الحقوقي المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية والحقوقية الدولية ومحكمة الجنايات؛ بضرورة معاقبة المحتل "الذي لم يعد يعمل حساباً لأي معاهدات ولا مواثيق دولية".
وأضاف عبد العاطي: آن الأوان لكل المجتمعات أن تعزل إسرائيل وتعاقبها وتقاطعها دولياً وعالمياً، حتى تشعر بأنها دولة إرهابية عنصرية"، مبيّناً أن حرق الطفل المقدسي "محمد أبو خضير" وأسرة "دوابشة" من أهم القضايا التي يجب رفعها وتقديمها للمحكمة الجنائية.
وأوضح أن المواثيق والقوانين الدولية كفيلة بمعاقبة المستوطنين على تغولهم وجرائمهم المتتالية بحق الفلسطينيين.
وأسفرت جريمة حرق عائلة دوابشة التي وقعت نهاية شهر يوليو الماضي عن استشهاد ثلاثة من أفراد العائلة تباعا، فيما لا يزال الطفل أحمد، وهو الناجي الوحيد، يتلقى العلاج في أحد المشافي الإسرائيلية حتى الآن.
وكان النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، د. حسن خريشة وصف خلال حديثه لـ"شمس نيوز" احتفالات المستوطنين بحرق عائلة الدوابشة بدوما بـ"النازية"، مؤكداً أن إسرائيل تعدت كل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية.
وأكد أن المستوطنين الذين حرقوا الطفل أبو خضير وأسرة دوابشة، مدعومون بغطاء قوي من قبل الاحتلال وأجهزته الرسمية، حسب خريشة.
وكان الشهيد الطفل محمد أبو خضير قد قُتل العام الماضي على يد مستوطنين بعد أن خطفوه من منطقة المحطة في شعفاط، ولم يتمكن أحد من نجدته واللحاق به، وقاموا باقتياده إلى مكان لحرقه وتعذيبه وقتله بالرصاص الحيّ وإلقائه بأحد الأحراش القريبة من القدس.