شمس نيوز / غزة
تقرير: فاطمة أبو حية
بقدر السعادة التي تتملك الأم عند زواج أي من أبنائها، سواء الذكور أو الإناث، بقدر ما تمرّ بعض الأمهات بحالة نفسية صعبة جرّاء عدم تقبلها لفكرة ابتعاد فلذة كبدها عنها، والأمر ليس متعلقا بالذكور فقط كما هو الغالب، وليست الغيرة هي السبب دوما كما النظرة الشائعة، فثمّة عوامل أخرى تختلف من حالة لأخرى وتدفع الأم نحو حالة لا إرادية من الكآبة.. "فلسطين" أعدّت هذا التقرير عن عدم تقبّل بعض الأمهات لزواج أبنائهنّ وبناتهنّ وكيفية التخفيف عنهنّ ودور الأبناء في ذلك..
متعلّقة بهما
تقول "علا حمد" (47 عاما): "تزوجت ابنتي الوحيدة قبل ستة أشهر تقريبا، ومنذ تلك اللحظة لم يهدأ لي بال، وأبكي على فراقها في كل يوم وكأنه اليوم الأول على خروجها من البيت"، مضيفة: "بدأت هذه الحالة مع الأيام الأولى لخطبتها، ولكن كنت أعزي نفسي بأنها ما تزال معي في البيت، ولكن بعد زواجها لم أعد أطيق البيت دون وجودها فيه".
وأضافت لـ"فلسطين": "رد فعلي هذا ناتج عن علاقتنا القوية أنا وهي، ولأنها الابنة الأنثى الوحيدة، بالإضافة إلى أنني لم أكن مطمئنة على استقرارها وحياتها الاجتماعية في الأشهر الثلاثة الأولى لزواجها".
وتابعت: "ازداد الأمر صعوبة بالنسبة لي بعدما خطب ابني البكر قبل نحو شهر، وعلاقتي به قوية كما مع أخته"، مشيرة إلى أن ابنها وابنتها يحاولان التخفيف عنها وإشعارها أنهما لا يزالان إلى جوارها لكنها ما تزال على حالها.
ليس إلا الغيرة
حالة مشابهة في رد فعل الأم لكن لدوافع مختلفة يتحدث عنها "عصام صادق"، إذ يقول: "عندما طلبت من والدتي البحث لي عن عروس بمواصفات معيّنة، أبدت رفضها لهذه المواصفات رغم أن شروطي لم تكن كثيرة، وأصرت أن تزّوجني بفتاة مواصفاتها معاكسة تماما لما أريد".
وأضاف لـ"فلسطين": "كانت أمي تبرر موقفها بأنها لم تجد عروسا جميلة، رغم أن عددا كبيرا من الفتيات اللواتي زارت بيوتهن كنّ على قدر من الجمال أكثر مما طلبت، ومع ذلك رفضتهن ولم تعطني الفرصة للتقدم لهنّ جديا، واستمر البحث لأكثر من عام ونصف، وأخيرا تزوجت من فتاة ليس فيها أي من المواصفات التي طلبتها بناء على رغبة أمي".
وأوضح أنه كان من الواضح أن تصرف أمه ناتج عن غيرة، فهي لا تريد فتاة جميلة حتى لا يتعلق قلبه بها وينسى والدته، "وتأكدت من ذلك بعد زواجي، فقد كانت أمي ترفض العروس والتعامل معها دون مبررات، ومرّت بفترة كآبة استمرت لسنة تقريبا، ولم أنجح في التخفيف عنها إلا بكثرة زيارتها وتقديم الهدايا لها والتعبير بمختلف الطرق عن استمرار حبي لها وتعلقي بها".
دوافع مختلفة
ويقول أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى د. درداح الشاعر: إن "كل حالة منفصلة في أسبابها، ولا يمكن تحديد دافع واحد وراء تصرف بعض الأمهات بهذه الطريقة"، مضيفا: "بشكل عام، المرأة تعتقد أن الابن هو بمثابة ممتلكات خاصة وشخصية لها، ولا ترغب أن ينافسها فيه أحد، وهذا يعزز عندها الرغبة في تملّكه والاستحواذ عليه، وعند زواجه تشعر أنها فقدت أغلى ما تملك وأن شخصا آخر شاركها تملّكه".
وتابع الشاعر حديثه لـ"فلسطين": "بالإضافة إلى ما سبق، فإن الأم تظن أن قلوب أبنائها معلّقة بها هي فقط، وعند زواج أي منهم تجد أن قلبه أصبح متعلقا بغيرها، فتتأزم نفسيا ويصعب عليها تقبّل الأمر ببساطة".
وواصل القول: "المشكلة أكبر فيما يتعلق بالأبناء الذكور، فالأمهات يتقبّلن فكرة زواج البنت أكثر من تقبّلهن لزواج الولد، وذلك لأن الأم تتمنى لابنتها مزيدا من السعادة، لكنها لا تتعامل مع زوجة ابنها بنفس المنظور".
وبيّن أن كثيرا من الأمهات لا يعتقدن أن الكنّة ابنة بالمصاهرة، وهذا يعطي العلاقة بين الطرفين شكلا من التوتر، بما يزيد استياء الأم من زواج ابنها.
ويؤكد الشاعر على أن موقف الأبناء مهم جدا في هذه الحالة، فلا بد من الحرص على مشاعر الأم، وعدم إشعارها بحالة من الفراغ العاطفي، وهذا يجب أن يحدث على الأقل في الأشهر الأولى من الزواج ليطمئن قلب الأم بان ابنها البار الذي أحبته ما يزال كما هو ولم يغيّر الزواج علاقته بها.