شمس نيوز-علي الهندي
على غير المعتاد لم يلقى الاعلان عن حكومة التوافق الوطني أمس الاثنين الصدى الشعبي الواسع المتوقع في ظل الانتهاء من مرحلة الانقسام الفلسطيني الذي استمر لاكثر من 7 سنوات متواصلة, حيث لم تظهر مشاهد او حتى ملامح للفرحة أو الابتهاج لدى المواطن البسيط بهذه الحكومة الباهتة!.
واقتصر تفاعل الجمهور الفلسطيني مع الأمر بشكل لحظي حيث تابعوا على شاشات التلفاز او الاذاعات المحلية أداء الحكومة لليمين الدستورية أمام الرئيس محمود عباس, ليتوقف مع انتهاء القسم أي اهتمام او متابعة من قبل الجمهور بهذه الحكومة الجديدة, وغابت الرغبة لديهم بالوصول الى معلومات عن وزراء حكومتهم الجدد او حتى معرفة برنامج عملها!.
محاولات فاشلة
الدكتور درداح الشاعر أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى, يفسّر هذا الشعور واللامبالة لدى الشارع الفلسطيني بهذه الحكومة وفق عدة أسباب من بينها الخبرات السابقة لديه بالمحاولات العديدة السابقة للمسؤولين الفلسطينيين لانجاز المصالحة وأن جميعها بائت بالفشل, ذلك يضعف تفاعل المواطن ويؤثر على حالته النفسية, حيث اعتاد على تكرار جولات المصالحة السابقة.
ويرى ان تشكيل الحكومة لا علاقة له بالمصالحة وبالواقع السياسي والمعيشي ولم ينعكس حتى اللحظة على الجانب الاجتماعي, لذلك لم يشعر المواطن بان هناك صورة واقعية من صور المصالحة ولم يلمسها على ارض الواقع.
ويضيف الشاعر إلى الأسباب السابقة, تأجيل المصالحة المجتمعية الى ما بعد الحكومة حيث لاتزال اسباب الخلاف قائمة وهناك اتجاهات سياسية مختلفة , ولا يوجد حتى اللحظة برنامج موحّد يتوافق عليه الجميع , كل ذلك جعل المواطن يميل أكثر إلى التشاوم.
وجود اختلاف
لكن الجديد اليوم, باعتقاد الشاعر ان تشكيل الحكومة هو انجاز مختلف عن المرات السابقة وانها تشكلت في ظل اجماع وطني فلسطيني, وان تلك خطوة متقدمة عن سابقاتها, يمكن البناء عليها للدخول في مصالحة اجتماعية وثقافية وعلمية مع مرور الأيام.
فقدان الثقة
"الناس ملّت من موضوع المصالحة من كثرة مرات المصالحة التي يتبعها مخاصمة" هكذا يرى الناشط الشبابي من الضفة الغربية سمير أبو شعيّب, الذي اعتبر ان الفلسطينيين فقدو الثقة بالأحزاب والحكومات وحتى بالرئيس الفلسطيني, وكل ذلك نتيجة طبيعية للحياة الصعبة التي مرّوا بها خلال سنوات الانقسام وعدم مبالاة المسؤولين بظروفهم المعيشية ومشكلاتهم اليومية, التي انعكست على ضعف اهتمامهم وتفاعلهم مع هذه الحكومة الجديدة.
ويشير أبو شعيّب إلى أن المواطن الفلسطيني لم يعد يكترث بكثرة التصريحات من المسؤولين لأنه لم يجد لها أي أثر على ارض الواقع , وحتى الشباب الفلسطيني وهو اكثر المتابعين لم يشعر بأن هناك تحسن حقيقي يمس واقعه المتردي أو يعمل على اضافة تغيير ايجابي يدعم هذا الجيل المهمّش, موضحا ان المواطن بات اليوم يبحث عن لقمة العيش دون أي اهتمام بالسياسة ورموزها.
ويرى ابو شعيّب ان اكثر ما يأمله المواطن من هذه الحكومة هو التركيز على الجانب الانساني والابتعاد عن السياسة, من خلال رفع الحصار عن قطاع غزة من جهة, وتوسيع هامش الحريات العامة بالضفة الغربية من جهة أخرى, بالاضافة للعمل الجاد لانهاء غلاء الاسعار الفاحش ودعم السلع والخدمات الفلسطينية.
جدية العمل
من جانبه تمنى الصحفي عبد الله سعد من قطاع غزة ان تختلف هذه الحكومة عن سابقاتها في جدية العمل والسعي لتحقيق الأفضل, عازيا الاحباط السائد في المجتمع الفلسطيني لكثرة الخلافات القائمة بين الأطراف الفلسطينية والردح الاعلامي الذي سبق الاعلان عن الحكومة , مؤكدا ان المواطن لا زال ينتظر أي تحسن يلمسه في حياته, وأنه لا يكترث لتصريحات المسؤولين الكثيرة.
ويؤكد سعد ان المطلوب من هذه الحكومة ان تحمل نوايا صادقة وأن تعمل على خدمة الوطن والمواطن وتتحمل مسؤولياتها في رفع الأعباء الكثيرة عن كاهله, وان تضع في أولوياتها الشعب الفلسطيني "الغلبان" والقضايا الوطنية من الأسرى والقدس, خصوصا في ظل المحاولات الاسرائيلية الحثيثة لتصفية القضية الفلسطينية برمتها, نتيجة انشغالنا في هذا الانقسام الذي أثّر بشكل ملحظ على ارتباط المواطن بقضيته الفلسطينية.