شمس نيوز/صلاح سكيك
رغم الحصار الذي هدم كل شيء جميل، وأتى على الأخضر واليابس، إلا أن غزة لا زالت تزهر المواهب، ويخرج من بين زقاقها الضيقة ما يثلج الصدور ويزرع الأمل..
فالمجتمع الغزي يعج بأعداد مهولة من خريجي الجامعات، الذين لم يسعفهم الواقع ولا الجغرافيا لإظهار مواهبهم المدفونة تحت أطلال الفقر والبطالة.
ففي تطور لافت وغير مسبوق، قام عدد من الشبان الفلسطينيين في قطاع غزة، باختراع تطبيق فريد من نوعه، يستهدف ذوي الاحتياجات الخاصة وتحديدا فئة ذوي الإعاقة السمعية والبصرية، نجح في تطويره 6 شبان وأطلقوا عليه اسم "Hope for Deaf" وتعني "الأمل للصم".
هذا التطبيق الذي دعمته ورعته حاضنة الأعمال بالجامعة الإسلامية، يهدف بالدرجة الأولى لدمج فئة ذوي الإعاقة السمعية في المجتمع وتسهيل التواصل بين الشخص السليم والأصم .
تلبية احتياجاتهم
وقال صاحب فكرة المشروع المهندس "خليل سليم" ،بأن التطبيق سيمنح الأصم القدرة على فهم واستيعاب ما يشاهده في الواقع عبر التلفاز ومواقع الفيديو في العالم وأيضا التعامل مع الهواتف المحمولة من خلال التعلم على كيفية الرد على المكالمات الواردة عن طريق نصوص ثم تتحول النصوص إلى إشارات يفهمها الشخص ، حيث من خلال هذا التطبيق سيتمكن هؤلاء الأشخاص من تلبية احتياجاتهم الملحة والتي لا طالما عانوا من عدم فهم الأصحاء لهم بسبب الفجوة الاستيعابية بين الطرفين.
ويضيف سليم لـ"شمس نيوز": المشروع حظي بإقبال كبير من فئة الصم ونال ثقة العديد من الأشخاص والدول حول العالم، حيث تم ترشيحه لنيل ثمانية جوائز دولية ، بالإضافة إلى الحصول على مبالغ مالية لتطوير المشروع، لكن إغلاق المعابر والحصار المفروض على قطاع غزة حال بيننا وبين السفر للمشاركة في المسابقات الدولية".
وفي العام الماضي حاز المشروع على لقب أفضل مشروع ريادي على مستوى فلسطين.
وأشار سليم إلى أن التطبيق نال أعلى التقييمات في متجر مايكروسوفت لأكثر من عشرين مرة، أما في ألمانيا فتم اختياره كأحد أفضل التطبيقات لمدة 6 شهور، وفي الوطن العربي نال شهرة واسعة بسبب أعداد الصم الهائلة في البلدان العربية.
قاموس بلغة الإشارة
أما من الناحية الفنية، فتحدثت "ريهام غنيمة" إحدى مطورات المشروع، بأن التطبيق يحمل قاموسا بحوالي ألفي كلمة تعرض بلغة الإشارة بشرح كامل ووافي للشخص الأصم.
وشرحت غنيمة كيفية عمل التطبيق حيث قالت: لو قام الشخص الأصم بفتح التطبيق ثم قام بتشغيل ملف صوت أو فيديو عبر الحاسوب، فإن التطبيق سيقوم مباشرة بشرح هذا الصوت المنطلق من سماعات الحاسوب والتلفاز عبر لغة الإشارة، وكأن هناك شخصا داخل القناة يترجم لك ما يقوله المذيع".
وأوضحت غنيمة لـ"شمس نيوز" بأن هناك قنوات إخبارية عربية تقوم بتقديم لغة الإشارة خلال نشرات الأخبار "لكن هذا الأمر لا يطبق على جميع القنوات، حيث أن القنوات الكبيرة هي التي تقدم هذه الخدمة ، عكس ما سيقدمه التطبيق والذي سيكون متاحاً بالمجان على متجر مايكروسوفت، وقريبا سيتم إدراجه على تطبيقات الاندرويد و ios.
وأضافت غنيمة: عبر التطبيق سيتم نشر أخبار خاصة بالصم والبكم وكيفية التعامل معهم وتقديم النصح والمشورة لهم بالإضافة لخلق جو ألفة بين شريحة الصم والبكم في العالم".
خلق فرص عمل
بدورها، قالت الأستاذة "إسراء موسى"، مطورة مشروع "بذرة" التابع لـ"حاضنة الأعمال"، إنهم يرحبون دائما بكل المشاريع الصغيرة، والتي تهدف لخدمة المجتمع وخلق فرص عمل للشباب الخريج "وبالتالي رفع حالة التنافسية بين الشباب الفلسطيني".
وأشارت إلى أن الموسم الأخير شهد تقديم حوالي ألف مشروع ، ثم تم بعد ذلك فرز العدد ليصبح مائة مشروع، مبينة أن هذه المشاريع تدخل مخيما تدريبيا لمدة يومين، حتى يتم تصفية المشاريع إلى أربعين مجموعة بناءا على معايير تضعها اللجان المقيمة من بينها كفاءة الفريق المشارك، ومدى قدرة المشروع على الوصول للعالمية، وجدوى المشروع ، ومدى إمكانية تنفيذه على أرض الواقع.
وتكمل م .إسراء: بعد كل هذه المعايير يتم الفرز النهائي واختيار من 10-15 مشروعا يقدم لهم ، دعم ومساندة، ويتم منحهم مبلغ 7-10 آلاف دولار حسب طبيعة كل مشروع وتكلفته المالية الإجمالية.
وحثت م. موسى الشباب الغزي على تقديم أفكاره الإبداعية ليتمكنوا من تنفيذها على أرض الواقع وإفادة المجتمع والمواطن.
ويأمل أعضاء الفريق المطور لمشروع "الأمل للصم" أن يتم تعميم المشروع على المستوى المحلي والعالمي وأن يُدرّس في كافة مدارس وكليات العالم، نظرا لأهميته في نقل فئة الصم المهمشة إلى مراحل أكثر انفتاحا في المجتمعات، معربين عن تفاؤلهم في الوقت ذاته بإنشاء شركة عالمية تحمل على عاتقها تقديم الحلول لذوي الإعاقة السمعية والبصرية مستقبلا.