شمس نيوز / عبدالله عبيد
عملية "تل أبيب" يوم الجمعة الماضي، كانت مفاجئة لأقطاب السياسة والأمن في إسرائيل، لما حملته من دلالات زمانية ومكانية، فقد جاءت بعد أيام من تهديدات لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية، ابو بكر البغدادي، بنقل المعركة إلى فلسطين المحتلة، وتزامنت أيضا مع مخاوف إسرائيلية بأن يقدم حزب الله اللبناني على الانتقام لقادته الذين اغتالتهم إسرائيل في الأراضي السورية، وآخرهم سمير القنطار الذي قتل في غارة على دمشق.
وكان لمكان التنفيذ أيضا دلالات واسعة حيّرت المحللين، فقد وقع الهجوم في شارع ديزنقوف وسط تل أبيب، قلب إسرائيل، وظهر المنفذ في تسجيل فيديو يتجول قرب مكان العملية وكأنه ينتظر شخصية بعينها، ولم يكن يريد القتل لمجرد القتل، فقد كان يتجول حوله كثير من الإسرائيليين، إلى جانب استخدامه معدات متطورة، وسلاح حديث تستخدمه القوات الإسرائيلية في عمليات الاغتيال الخاصة.
ولعل أكثر ما أعطى العملية زخما إعلاميا، اختفاء الشاب المنفذ، وعدم تمكن أجهزة الأمن الإسرائيلية من اعتقاله حتى اللحظة، وحظر الرقابة الإسرائيلية نشر أي معلومة تتعلق بالهجوم، وتسرب معلومات عن إصابة أو مقتل شخصية كبيرة ذات علاقة بالموساد.
هذه المعطيات وغيرها، ناقشها مراسل "شمس نيوز" مع خبراء متابعين للشأن الإسرائيلي أكدوا أن تلك العملية جعلت إسرائيل في حيرة من أمرها.
المحللون استبعدوا بداية أن يكون لتنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا باسم "داعش"، يد في تلك العملية، كونها لا تشابه العمليات التي قام بتنفيذها في باريس وأوروبا والدول الأخرى.
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن إسرائيليين اثنين قتلا وأصيب عشرة آخرون بجراح في عملية إطلاق نار وقعت قرب ملهى ليلي بشارع "ديزنقوف" وسط تل أبيب، مساء يوم الجمعة الماضي.
ونقلت الإذاعة عن مصادر شرطية وعن مراسليها وشهود عيان قولهم، إن مسلحا فتح النار من سلاح رشاش على مدخل ملهى ليلي بشارع ديزنقوف، فأصاب 12 شخصا، توفي اثنان منهما لاحقا، وأربعة وصفت إصابتهم بالخطيرة، والستة الباقون أصيبوا بجراح تراوحت بين المتوسطة والخفيفة.
عملية غامضة
د. عدنان أبو عامر، المتخصص بالشأن الإسرائيلي يرى أن عملية "تل أبيب" ما تزال غامضة في تفاصيلها وترتيباتها الأمنية والميدانية، مبيًناً أن استنفار إسرائيل بعد العملية يدل على الخطر الذي شعرت به.
ونوّه في حديثه لـ"شمس نيوز" إلى أن الاحتلال أعلن الاستنفار بعد العملية، " هناك عشرات الآلاف من أفراد الشرطة والمخابرات والقوات والطيران يبحثون ويمشطون دون العثور على منفذها"، لافتاً إلى أنه قد يكون هناك خلية تقف خلف هذا الشخص.
ولم يعقّب أبو عامر على إمكانية تبني تنظيم الدولة لعملية تل أبيب أو أن تكون له يد فيها، مضيفاً" قد لا يكون مفيداً الدخول في تفاصيل تبني العملية في هذا الوقت المبكر، مازالت إسرائيل تعتبر هذه العملية جزءً من نموذج العمليات الفردية، إلى حين التأكد من فرضية أخرى، ولكن تبدو هذه العملية الأولى من نوعها على مستوى عمليات المقاومة طوال العشرين عاماً الماضية".
وقال: الإسرائيليون يعتقدون جازمين بأن الانتفاضة ربما تكون قد دخلت مرحلة جديدة من خلال عمليات إطلاق النار، ولذلك قد يكون التقدير الإسرائيلي دقيقا في هذه المرحلة إذا ما استمرت الجرائم الإسرائيلية بالضفة والقدس، ويعتقد الإسرائيليون أيضا أننا أمام عام ساخن يختلف عن سابقه"، بحسب المحلل أبو عامر.
وكان الإعلامي الفلسطيني المشهور د. عبد الباري عطوان، رجح أن يكون "تنظيم الدولة" يقف وراء تلك العملية، معرباً عن اعتقاده بوصول التنظيم إلى الأراضي الفلسطينية، وذلك في مقاله الذي حمل عنوان “الدولة الاسلامية” ستصل إلى فلسطين المحتلة شئنا أم أبينا.. وإهانات الإسرائيليين وعنصريتهم تعجل بذلك.. ولا نستبعد أن تكون عملية تل أبيب الأخيرة أحد المقدمات.. والعام الجديد قد يكون أكثر دموية.
وكانت قوات الاحتلال زعمت أن منفذ عملية إطلاق النار في تل أبيب هو الشاب محمد ملحم من سكان وادي عارة في منطقة المثلث الشمالي بالداخل الفلسطيني المحتل.
أخطر العمليات
من جهته، اعتبر المتابع للشأن الإسرائيلي، باسم أبو عطايا العملية من أخطر العمليات على دولة الاحتلال؛ كون المنفذ جاء من جهة غير الجهة المتوقعة من قبل الجيش الإسرائيلي.
وقال أبو عطايا لـ"شمس نيوز": دائماً كانت العمليات تتوقعها إسرائيل من الضفة أو القدس، ولكن التخطيط هذه المرة جاء من الداخل، وهذا شكل خطرا كبيرا على إسرائيل"، لافتاً إلى أن تحرك فلسطيني الداخل المحتل وانخراطهم في الانتفاضة، يشكل خطراً حقيقياً على الاحتلال.
وأضاف: عرب الـ 48 لديهم قدرة كبيرة على التخفي والانتقال، بالإضافة لمعرفتهم الأماكن والشوارع وتحدثهم اللغة العبرية، وهذا ما جعل منفذ العملية يختفي بشكل سريع".
وفي السياق، أشار أبو عطايا إلى أنه حتى الآن لا توجد أي أدلة تتعلق بالجهة التي تقف وراء تنفيذ العملية، مستبعداً أن تكون "داعش" مسؤولة عنها أو حتى داعمة لها.
وأوضح أنه "حتى هذه اللحظة لا يمكن أن نجزم أن وراء العملية جهة منظمة، وما زلت أستبعد أن تكون داعش دخل على خط العمليات في دولة الاحتلال" بحسب اعتقاده.
وكانت وسائل إعلام عبرية، ذكرت بأن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمر جيش الاحتلال بتنفيذ عملية مداهمة واسعة في مدن وقري الداخل المحتل، و ذلك بعد فشل قواته في اعتقال منفذ عملية "تل أبيب".