شمس نيوز / عبدالله عبيد
كما تجري العادة.. مع بداية كل عام نكتب مقالات وتقارير صحفية حول توقعاتنا نحن كفلسطينيين عن المصالحة الفلسطينية ووضع حد للانقسام الذي نعاني آثاره السيئة منذ أكثر من تسعة أعوام، وترفع الأيادي للسماء بأن يشهد هذا العام مصالحة بين حركتي فتح وحماس، لكن النتيجة حتى هذه اللحظة لم تتغير ولا يبدو أنها ستتغير.
"اليأس والإحباط والفشل والبطالة.. الخ" كل هذه نتائج للانقسام الذي أنهك الشعب الفلسطيني، شيباً وشباباً نساء ورجالاً، فكبيرة هي المعاناة التي عانوها خلال سنوات الانقسام، لكن هناك بصيص أمل، مازالوا ينتظرونه...
رئيس السلطة الفلسطينية وزعيم حركة فتح، محمود عباس خرج مع بداية يناير الحالي بتصريحات أكد من خلالها إصراره على تحقيق المصالحة مع حركة حماس؛ انطلاقاً من تشكيل حكومة وحدة وطنية ومن ثم الذهاب إلى الانتخابات العامة.
حماس من جهتها، رحبت بتلك التصريحات وأكدت جاهزيتها لإجراء انتخابات بجميع أشكالها وفق ما نص عليه اتفاق القاهرة، ولتشكيل حكومة وحدة وطنية بالتوافق من خلال اجتماع للإطار القيادي المؤقت.
وعاشت الساحة الفلسطينية استقطاباً حاداً بين حركتي فتح وحماس، أكبر فصيلين فلسطينيين، في أعقاب الانتخابات البرلمانية عام 2006، تطور إلى انقسام وطني عام، جغرافي وسياسي واجتماعي ومؤسساتي. ولم تُكلّل الجهود التي وُجهت لوأد الانقسام ومعالجة آثاره بالنجاح طوال السنوات السبع الأخيرة، رغم تعدد جولات المصالحة.
ظروف صعبة
القيادي في حماس، د.أحمد يوسف يرى أن الفلسطينيين عاشوا معاناة وظروفاً صعبة للغاية، خصوصاً بعد الانقسام عام 2007، مرجحاً أن يكون هذا العام أفضل من الأعوام السابقة وبالأخص العام الماضي 2015، الذي سمّاه "عام الفشل والخيبة السياسية".
وأشار يوسف في حديثه لـ"شمس نيوز" إلى أن هناك رغبات تحدث بها الرئيس محمود عباس مؤخراً، حول تشكيل حكومة وحدة وطنية قوية، موضحاً أن هذا الأمر يساعد كثيراً في حل الأزمات العالقة.
وعن أزمة معبر رفح، اعتبر القيادي الحمساوي تقديم الفصائل مبادرة لحل الأزمة أمراً جيداً، لكنه استدرك بالقول "إن المعبر واحد من عدة إشكاليات قائمة".
ودعا يوسف جيل الشباب الفلسطيني إلى الضغط على أطراف الأزمة للجلوس على كرسي الحراك لإنهاك كل المشكلات، " لأن هذا الجيل هو جيل الروح القوية، حيث انتهى دور الأوراق والمبادرات والمقترحات الذي قدم له بما فيه الكفاية ولم يجد معه شيء نفعاً"، حسب تعبير القيادي في حماس.
وبلورت الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية في المحافظات الجنوبية الشهر الماضي مبادرة لحل أزمة معبر رفح، وقدمتها لحركتي حماس وفتح وحكومة الوفاق الوطني.
دعوات كثيرة خرجت من طرفي الانقسام، سواء من رئيس السلطة أو من حماس، لتحقيق المصالحة الفلسطينية وعقد إطار قيادي لمنظمة التحرير ومبادرات بُلورت من فصائل وقوى إسلامية ووطنية، لكن حتى الآن لم يحدث أي تقدم في هذا الملف.
فشل القيادات
النائب عن حركة فتح بالمجلس التشريعي، د. نجاة أبو بكر، استبعدت في حديثها لـ"شمس نيوز" أن تتم المصالحة الفلسطينية قريباً؛ والسبب، بحسب اعتقادها هو "أن الأمور مشت كثيراً في هذا الاتجاه وتعثرت، ودائماً كنا نسمع ونرى المباحثات والضحكات والتصريحات، وفي نهاية المطاف لا نجد سوى حروفا فقط".
وقالت أبو بكر: لا أثق بالتصريحات والخطابات التي تتعلق بملف المصالحة بجميع ملفاتها"، مشيرة إلى فشل قيادتي حركتي فتح وحماس في إنهاء هذا الملف، "لأن كلاً منهما يتمسك ويدافع عن أرائه ولا يدافع عن آراء وطموحات الشعب الفلسطيني".
وأضافت: إذا كنا نريد مصالحة حقيقية علينا أن نخرج من ثوب الحزبية، وأن نذهب لبناء إستراتيجية وطنية خالية من عقلية الحزب"، معتبرة جميع المبادرات التي خرجت في هذا الاتجاه "مبادرات تبريدية" لا تجدي نفعاً لحل الانقسام الفلسطيني، وترتيب البيت الداخلي.
وترى النائب الفتحاوي بالمجلس التشريعي أن من يريد مصالحة حقيقية عليه الابتعاد عن "الاستهبال اللغوي"، ويفتش عن المواثيق التي وقعها الطرفان "فتح وحماس"، ونبدأ بعملية التنفيذ سواء في غزة أو الضفة.
ولا تزال المصالحة الفلسطينية متعثرة، رغم مرور عام كامل، على التوصل لاتفاق "الشاطئ"، الذي وُقع في 23 إبريل/نيسان 2014، في منزل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في مخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة.
عنوان واحد
ومن وجهة نظر المحلل السياسي، طلال عوكل فإن الواقع لا يشير إلى مصالحة فلسطينية بين السلطة وحماس، مستدركاً: لكن أمامنا انتفاضة تعدت المائة يوم، وتغيرات مرتقبة على جسم السلطة ووظيفتها، فربما هذا يتيح مجالا للتفاعل بما يمكّن من حدوث نقلة على مستوى المصالحة هذا العام".
وبالنسبة لخطاب الرئيس عباس حول ملف المصالحة، أكد عوكل لـ"شمس نيوز" أن المصالحة لا تتم بهذه الطريقة، منوهاً إلى أن عباس تطرق لعنوان واحد وهو حكومة وحدة وطنية من بين عناوين كثيرة في هذا السياق.
وتساءل قائلاً: أين ذهبت العناوين الأخرى من تصريحات الرئيس؟" مبيّناً أن حماس لديها وجهة نظر لمناقشة كل الملفات المتعلقة بالمصالحة الفلسطينية.
وعن مبادرة معبر رفح، اعتبرها المحلل السياسي عوكل خطوة مهمة، لكن من وجهة نظره فإنه من الصعب أن تلتقي الأطراف المعنية (مصر وحماس والسلطة)؛ لمناقشة موضوع معبر رفح وفق المقترحات التي قدمتها الفصائل، مؤكداً أن أمام الشعب الفلسطيني فرصة واحدة وهي أن تعلن حماس قبولها وتضع الأطراف أمام مسؤولياتها.
وتسود حالة من الخلافات والتراشق الإعلامي بين حركتي حماس وفتح في هذه الفترة، خصوصاً فيما يتعلق بأزمة معبر رفح البري.