شمس نيوز/سماهر البطش
تصوير/حسن الجدي
طير و علّي يا حمام.. فوق سطوح بيوتنا
رجعت أيام الربيع.. و الشمس ببيوتنا
و السما فرحانة.. و الغيمة دفيانة
و الوردة غفيانة.. عشبابيك بيوتنا
طير و علّي.. يا حمام
في غزة لا تنعدم الوسيلة، ولا يرفعون الراية البيضاء، مستسلمين أمام الأسيجة الشائكة، فالعدو يغلق بابا، والمحاصرون يفتحون ألف باب.. يبحثون عن كل ما يسدون به رمق جوعهم ليتقووا به على ضنك العيش.. ويطرقون كل مشروع يمكن أن يشكل لهم مصدر رزق ولو يسير.
كثير من أهل غزة يمتهنون تربية الحمام بأصنافه وأشكاله المتعددة، إما من باب التسلية، أو من باب الرزق والتكسب، حيث أضحت أسطح منازلهم بيوتا يربون فيها الحمائم للتكاثر، بل وأُطلقت عشرات الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتبادل الخبرات في تربية الحمام وتسويق الإنتاج.
يعشق الحمام
الشاب أحمد الحلو، من غزة، يوضح أنه أدمن على هواية تربية الحمام منذ صغره، ليصبح عاشقا للطيور بمختلف أنواعها، حيث يقتني الكثير من أصناف الحمام النادرة.
وعلى سطح منزله، يخصص أحمد بيتا صغيرا مسيجا بالشبك، ومغطى بالنايلون، مسقوفا بالزينقو، يربي فيه الحمام بأشكال وألوان جذابة، تريح النفس عند النظر إليها، وهي تقوم بحركات بهلوانية جميلة.
يهمس أحمد في أذن حمامة كان يحملها بين يديه قال إن اسمها "قلاّب"، وكأنه يوصيها بشيء، لتطير فوق رؤوسنا وهو يصفق لها، لتبدأ بتشكيل حركات وشقلبات في السماء، ومن ثم عادت إلى حيث انطلقت واستقرت فوق يده.
يقول أحمد الحلو لـ"شمس نيوز": منذ طفولتي وأنا أحب تربية الحمام واقتناء الكثير من الطيور النادرة، وهى أهم ما في حياتي، ولا أتخيل أن أعيش بدونها".
وأضاف: عندي نحو عشرين نوعا من الحمام، أعتني بهم، وأنفق عليهم كما ينفق الرجل على أسرته، من الطعام والعلاجات والفيتامينات والأقفاص" مبينا أن طيوره تتغذى على القمح والذرة البيضاء والعدس وأحيانا يطعمها مما تيسر وجوده في البيت كالأرز المطبوخ والخبر الناشف المطحون".
ويؤكد الحلو أنه يربي الحمام للزينة، وللرزق أيضا، فهو يستمتع بمنظرها، ويجلس عندها أوقاتا طويلة يدربها لتقوم بحركات بهلوانية، ويطعمها ويتفقد أمرها.
وعن أنواع الحمام، يقول أحمد: هناك الهزاز , البخاري , الروماني , سيلفر , بليجكى , السويدي , النفاخ والكينج وغيرها الكثير".
وأشار إلى أنه يقتني نوعا من الحمام يطلق عليه اسم "الكرير" فارسي الأصل، ويمتاز برقبته الطويلة والزوائد اللحمية الكثيفة التي تبدأ من حول العين إلى الأنف، وكذلك حمام الهزاز الذي يشبه المروحة، ويسمى بالرقاص لمشيته الراقصة، وله ميزات كثيرة في صدره ورقبته اللتين تهتزان باستمرار.
ويملك الشاب الحلو، أنواعا من الحمام الزاجل الشهري، والذي وصفه بأنه "سيد الحمام"، حيث ذكره المؤرخون عبر التاريخ لشهرته في نقل الرسائل وتأدية خدمات جليلة أثناء الحروب، موضحا أن بعض أنواع الحمام الموجودة في غزة يتم استيرادها من بلجيكا ودول في أوروبا.
نساء يربين الحمام
لا تقتصر هواية تربية الطيور، وخاصة الحمام، على الرجال فقط، فقد لوحظ دخول السيدات إلى هذه المهنة، فالحاجة الخماسينية أم محمد المصري، تهوى اقتناء الطيور بأنواعها المختلفة، وتمتهن تربيتها منذ ثلاثين عاما.
لتقول لـ"شمس نيوز": ورثت مهنة تربية الطيور من حماتي التي كانت تحبها وتقتنيها لإطعام أهل البيت منها، والاستغناء عن شرائها من الأسواق".
وأردفت المصري: أولادي يساعدونني في إطعام الحمام والاعتناء به، فهو بحاجة إلى مسكن هادئ وتغذية ورعاية صحية فائقة حتى ينجح في الإنتاج والتكاثر".
وتبين المواطنة الفلسطينية أنها تحب مجالسة الحمام، وبالذات الزاجل، فهو من أكثر الأنواع جمالا، ويألف مسكنه أكثر من الأصناف الأخرى، حيث يوجد لدية غريزة حبة لموطنه".
مصدر رزق
أبو أحمد البطش، من سكان المناطق الشرقية لغزة، يهوى هو الآخر تربية طيور الحمام، ويتخذها مصدر رزق له منذ عقد من الزمان، ليبيّن أنه يمضي جل وقته متنقلا بين أقفاصه فوق سطح منزله، يتفقد هذه، ويضع الطعام لتلك، ويداعب أخرى.
يقول البطش لـ"شمس نيوز": أنا أتخذ تربية الحمام مهنة للتجارة منذ عشر سنوات، وكذلك هي هواية، ومصدر رزق لعائلتي".
وينصح كل من يرغب في تربية الحمام، أن يخصص له موقعا مناسبا، يكون معرضا لأشعة الشمس، وتهويته جيدة، ومساحته واسعة، لينجح فيما بعد في الإنتاج والتكاثر.
أما عن موسم التكاثر، فيضيف البطش: يكون الإنتاج جيدا في فصل الصيف، وفي الشتاء تكثر الأمراض وخاصة نزلات البرد في الطيور ويضعف الإنتاج"، موضحا أن تربية الطيور عالم واسع يحتاج إلى رأس مال كبير لجلب جميع الأصناف.