شمس نيوز / عبدالله عبيد
لا يخفى على أحد اللقاءات التي تجمع مسؤولين في السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي كما تجري العادة تحت مسمى "لقاءات سرية"، لكن في الآونة الأخيرة بدأت هذه اللقاءات تُكشف شيئاً فشيئاً أمام وسائل الإعلام من قبل الجانب المسؤول الذي اجتمع أو التقى أحداً من الإسرائيليين، خصوصاً وأن السلطة في رام الله صرحت أكثر من مرة أنها قطعت التواصل مع إسرائيل بعد فشل عملية المفاوضات عام 2014 التي رعاها وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية "جون كيري".
حيث كشف وزير مالية الاحتلال الإسرائيلية، موشيه كحلون، قبل أيام عن لقاء جمعه بمسؤولين رفيعي المستوى بالسلطة الفلسطينية في القدس المحتلة للتباحث حول سبل وقف الانتفاضة الفلسطينية، موضحاً أنه وضع شروطًا لتقديم تسهيلات اقتصادية للفلسطينيين في عدة مجالات، أهمها استنكار السلطة للعمليات التي ينفذها الفلسطينيون.
ويشار إلى أن هذه اللقاءات تجري بعلم وموافقة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.
وأكدت حكومة التوافق الوطني في رام الله أن الوزيرين شكري بشارة وحسين الشيخ التقيا مع وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي "لمناقشة الجمود في عملية السلام".
لم تتوقف
محللون سياسيون وخبراء بالشأن الإسرائيلي رأوا خلال أحاديث لـ"شمس نيوز"، بأن لقاءات السلطة وإسرائيل في الفترة الحالية؛ لإنقاذ الأخيرة مما سببته لها انتفاضة القدس، التي أثرت على جميع نواحي الحياة فيها، الأمنية والاقتصادية والسياحية، وغيرها، لكنهم اختلفوا حول ما إذا كانت هذه اللقاءات لعودة المفاوضات فيما بينهما أم لمدارسة أمور أخرى.
المحلل السياسي، حمزة أبو شنب يرى بأن الاتصالات بين السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي لم تتوقف أبداً، موضحاً أن إستراتيجية السلطة واضحة في التفاوض مع إسرائيل.
وبيّن لـ"شمس نيوز" أن هناك هدفا مشتركا بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي الآن للجلوس على طاولة واحدة للمشاورات فيما بينهما، " وهي تخفيف حدة التوتر في الأراضي الفلسطينية"، بحسب أبو شنب.
وأشار إلى أن هناك تصريحات خرجت من قيادة السلطة حول اللقاءات التي جمعتهم مع الجانب الإسرائيلي، و"منها ما صرح به صائب عريقات بأنه التقى النائب السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي "سيلفان شالوم"، منوهاً إلى أن السلطة تحاول العودة إلى المفاوضات مع الاحتلال.
وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، أكد خلال الأسابيع الماضية اجتماعه مع سيلفان شالوم، مرتين سرا قبل أشهر في عمّان والقاهرة.
وقال عريقات، إنه اجتمع مع شالوم في شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس الماضيين في عمان والقاهرة بعيدا عن وسائل الإعلام، مشيراً إلى أن الجانب الفلسطيني طالب بترسيم الحدود على عام 1967، والإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى، ووقف الاستيطان بما يشمل القدس المحتلة، وتنفيذ (إسرائيل) لالتزاماتها للعودة إلى طاولة المفاوضات.
عودة المفاوضات
وقال المحلل السياسي أبو شنب: إسرائيل تريد الذهاب نحو نزع فتيل التوتر في الضفة، حتى لا تزداد الأمور سوءً بالنسبة لها في انتفاضة القدس وما خلفته من أحداث أمنية كبيرة، والسلطة تريد العودة للمفاوضات".
وأضاف: محمود عباس صرح وبشكل علني أنه يريد تسوية، وهذا الأمر ليس مستغربا على السلطة وقيادتها"، بحسب قول أبو شنب.
وكان رئيس السلطة محمود عباس أشار إلى أن القيادة الفلسطينية تجاوبت مع كل الجهود الدولية الرامية لإنقاذ العملية السلمية، "إلا أن إصرار الجانب الإسرائيلي على مواصلة الاستيطان، وتجاهل تنفيذ كل الالتزامات المترتبة عليها أفشل كل هذه الجهود".
إنقاذ إسرائيل
من جهته، اعتبر المحلل السياسي والخبير بالشأن الإسرائيلي، د. وليد المدلل أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، أن الهدف من لقاءات السلطة - إسرائيل في الفترة الحالية؛ إنقاذ الأخيرة من انتفاضة القدس وما نتج عنها من عمليات طعن ودهس وتوتر وتخبط للأمن الإسرائيلي.
وأشار المدلل في حديثه لـ"شمس نيوز"، إلى أن هذه اللقاءات تدرس أيضاً نهاية رئيس السلطة الفلسطينية " أبو مازن" ومن سيخلف مكانه، مستبعداً أن يدور الحديث في اللقاءات عن عودة المفاوضات بين الجانبين.
وعلل ذلك بأن إسرائيل غير جادة في ملف المفاوضات في ظل وجود حكومة اليمين المتطرف، مؤكداً أن اللقاءات ليست أكثر من " ترتيبات أمنية"، على حد اعتقاده.
وأردف الخبير بالشأن الإسرائيلي قائلاً: اللقاءات التي تجري بين إسرائيل والسلطة الآن ليست إلا لقاءات أمنية من جهة، وترتيبات بشأن نهاية محمود عباس من حكمه، ووضع خليفة ليحل مكانه من جهة أخرى".
وكان وزير الاستيعاب والهجرة في حكومة الاحتلال، وعضو المجلس الأمني السياسي المصغر (الكابينت)، زئيف آلكين، أوضح أن رئيس السلطة محمود عباس سوف ينزل قريباً عن المنصة، وستحل مكانه الفوضى "وعلينا أن نكون يقظين لذلك".
ونقلت صحيفة "معاريف" العبرية عن آلكين قوله: إن "قطار انهيار السلطة غادر المحطة، وعلينا أن نفهم أن عهد أبي مازن أصبح خلف الباب بعد أن ضعُف وأعياه التعب، من وجود من يعمل ضده"، مشيراً إلى أن الشارع الفلسطيني ينظر إلى عباس كحصان ميت، "وهذا ما يجعلنا نعاني حالياً من الوضع الأمني المتدهور".