شمس نيوز/عبدالله مغاري
ما أن سكتت أصوات المدافع أواخر أغسطس من العام 2014, عقب إعلان التوصل لاتفاق تهدئة بين المقاومة والاحتلال ينهي حربا على غزة استمرت 51 يوما, بدأت مرحلة جديدة من التجهيز, عادت خلالها التجارب الصاروخية وحفر الأنفاق والمناورات الإسرائيلية, لتجعل الحرب مسألة وقت بالنسبة للجميع خاصة بعد فشل تنفيذ بنود الاتفاق الموقع في القاهرة.
رائحة الحرب تفوح من التصريحات المتبادلة بين حماس وإسرائيل والتي تزايدت حدتها مؤخرا, لتشبه تلك التي كانت قبيل الحروب السابقة. فتصريح القيادي في حركة حماس نائب رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، مطلع هذا الشهر خلال تكريم شهداء وحدة الظل، حين قال إن حركته ستذهل العالم في أي معركة قادمة مع الاحتلال, وإن الكتائب لا تزال تراكم قوتها من فوق الأرض وتحتها، اعتبره بعض المراقبين بمثابة إعلان حرب، فهو يشبه تصريحاً له قبيل العدوان الأخير حين أعلن أن المعركة القادمة تحت الأرض.
على الجانب الآخر يبدو الحديث الإسرائيلي المتصاعد عن الأنفاق بحدة عالية يشبه تأهيل الشارع الإسرائيلي لحرب قادمة، كما يرى مراقبون, ناهيك عن الحديث شبه اليومي عن رصد التجارب الصاروخية التي تجريها كتائب القسام في البحر، إلى جانب الحرب الإعلامية المستمرة على القطاع .
ليس هذا فحسب، فما ترصده المقاومة من أعمال عسكرية للاحتلال يؤكد فرضية الذهاب نحو تصعيد قريب، حيث أكد مصدر ميداني في المقاومة الفلسطينية لـ"شمس نيوز" أن الجيش الإسرائيلي نشر مؤخرا نظام الدفاع الصاروخي "سبايك" على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، إضافة إلى نصب أجهزة استشعار حديثة وكاميرات مراقبة مطورة تم تثبيتها على الجدار الالكتروني العازل، بما يشبه إجراءات الاحتلال قبيل كل حرب.
يصرحون بنواياهم
التصريحات الإسرائيلية تبرهن على نوايا الاحتلال بشن حرب جديدة, ففي محاضرة له قبل تسعة أشهر تحدث إيال ايزنبرغ قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلية أمام معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب قائلا: "إن العملية الإسرائيلية الأخيرة في غزة لا تشبه بأي شكل من الأشكال سيناريوهات المعركة الكبرى التي يستعد لها الجيش في المرحلة القادمة".
ما قاله إيزنبرغ يتقاطع تماما مع ما قاله رئيس الأركان الإسرائيلي غادي إيزنكوت في الشهر نفسه، حين قام بالزيارة الأولى له على حدود قطاع غزة، بعد تسلمه منصبه لقيادة الجبهة الجنوبية، حيث أكد أنه في حال اندلاع حرب جديدة مع غزة فإنها لن تكون إعادة تشبه ما جرى في الحرب الأخيرة وإن الحرب القادمة ستكون مختلفة, وكبار الضباط لديهم التفاصيل التي يعرفونها ويجب وضعها وتنفيذها, بالإضافة للتقارير العسكرية التي تتحدث عن نية حماس تنفيذ ضربة استباقية من خلال الأنفاق، بحسب تعبيره.
وعلى أرض الواقع أعلن الاحتلال قبل شهر عن تشكيل وحدة كوماندوز من أربع قوات خاصة سيتم وضعها ضمن دوريات جعفاتي وغولاني, للعمل خلف خطوط العدو، بالإضافة لإعلانه عن نصب بطاريات مدفعية على حدود غزة قبل يومين.. فهل كل هذا ينذر بحرب قريبة؟
تبحث عن حرب
المحلل العسكري العميد يوسف الشرقاوي يرى أن الاحتلال الإسرائيلي بحاجة لحرب في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى سواء كانت على قطاع غزة أو جنوب لبنان.
وقال الشرقاوي لـ"شمس نيوز": إسرائيل بحاجة إلى حرب، وهذه الحرب إما تكون جنوب لبنان أو في غزة، بسبب فشل الاحتلال في تتبع وإخماد الانتفاضة بالضفة الغربية المحتلة ولأسباب أخرى".
وأشار المحلل العسكري إلى أن أمريكيا تمتلك أسلحة تود تجريبها وأن إسرائيل يدها التي تجرب بها الأسلحة في غزة أو جنوب لبنان ليتم استخدامها في دول أخرى كسوريا واليمن, لافتا إلى أن إسرائيل تحدثت مؤخرا أنها تمتلك مظلة إشعاعية تحميها من الصواريخ, بالإضافة إلى نيتها الاعتماد على نظام الجندي الآلي بسبب وجود عقدة لديها بالقوة البشرية وعدم قدرة الجندي الصمود أمام المقاومة في غزة أو لبنان, ما يجعلها تتجه لتجربة هاتين التقنيتين".
وأشار الشرقاوي إلى أن المشهد الأخير مركّب، ما بين جنوب لبنان وقطاع غزة لحديث الاحتلال عن تعاظم القوة عند المقاومة اللبنانية وامتلاكها صواريخ يخانوت البحرية والتي تهدف إسرائيل إلى ضربها, والحديث عن قوة حماس في غزة والأنفاق, بالإضافة لتصريحات هنية الأخيرة.
ورجح أن تكون الحرب على جنوب لبنان لضرب الصواريخ البحرية التي تمكن حزب الله بها من ضرب الموانئ الإسرائيلية، مضيفا: وقد تكون صواريخ حزب الله والتقارير عنها تمويه لضرب غزة أيضا، خاصة أن الجميع تخلى عن غزة".
غير جاهزة
المختص بالشأن الإسرائيلي باسم أبو عطايا يرى أن الاحتلال الإسرائيلي أبعد ما يكون عن شن هجوم على قطاع غزة في الوقت الحالي, عازيا ذلك لعدم جاهزية الجيش الإسرائيلي وعدم توفر غطاء دولي للحرب.
وقال أبو عطايا لـ"شمس تيوز": باعتقادي، في هذا الوقت إسرائيل أبعد ما تكون عن شن هجوم على قطاع غزة, لديها أسباب تجعلها تفكر ألف مرة قبل هجومها على غزة، ومن هذه الأسباب الانتفاضة والانتخابات الأمريكية القريبة".
وأشار أبو عطايا إلى أن إسرائيل تحاول في هذا الوقت إعادة السلطة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الانتفاضة, لافتا إلى أن الحرب في هذه الأوقات تبعثر الأوراق.
وأعرب عن اعتقاده بأن إسرائيل لن تفكر بشن حرب على القطاع فبل ستة أشهر, كون لدى الجيش الإسرائيلي برامج لم ينته منها بعد, مستندا لما قاله قائد الأركان الإسرائيلي إن جيشه ليس جاهزا مائة في المائة لخوض حرب مع غزة بالإضافة إلى ميزانية الجيش التي لم تقر إلا قبل شهر تقريبا.
وأضاف أبو عطايا: إسرائيل بحاجة إلى غطاء دولي لدخول الحرب، والغطاء الأمريكي لن يكون موجودا في هذا الوقت, بسبب الانتخابات الأمريكية التي ستبدأ حملتها بعد شهر" مشيرا إلى أن ما يعجل من الحرب هو وصول معلومات للاحتلال بمكان الأسرى أو ما شابه، فتقوم بعملية خاطفة، أو في حال حدثت مصالحة بين السلطة وحماس.
رسائل للمقاومة
ويشير الخبير بالشأن الإسرائيلي إلى أن تصريحات الاحتلال الأخيرة ما هي إلا رسائل للمقاومة في قطاع غزة بهدف تهديدها وإظهار أن الاحتلال جاهز للحرب، وأن عليها الحفاظ على الوضع القائم والهدوء في غزة تجنبا لهجوم إسرائيلي.
ولفت أبو عطايا إلى أن إسرائيل تحاول الوصول لأي ردود من قبل المقاومة من خلال التهديدات التي تطلقها مؤخرا واستدراجها للإفصاح عن وضعها وإمكانياتها, منوها إلى أنها تود القول لهم إن أجهزتها مطلعة على كل ما تفعله من تجارب للتخفيف من تلك التجارب ووقف تطوير سلاح المقاومة من خلال التهديدات .