شمس نيوز / عبدالله عبيد
رغم التراشق الإعلامي والتلاسن والاتهامات المتبادلة بين حركتي فتح وحماس في الآونة الأخيرة والتي بدت واضحة أمام وسائل الإعلام، إلا أن ملف المصالحة وإنهاء الانقسام بينهما كان حاضراً في لقاءاتهما السرية بأكثر من دولة إقليمية ومحلية، لكن هذه المرة بعيدا عن العدسات والتصريحات.
لم تكن جمهورية مصر هذه المرة حاضنة للقاءات فتح وحماس، فعلى ما يبدو أنها لازالت "متحسسة" من الأخيرة التي تدير قطاع غزة، لتبقى اجتماعاتهم المخفية في دولة قطر، لمعالجة أزمة الوضع الفلسطيني الداخلي، وتحريك عجلة المصالحة المتعثرة منذ أكثر من عام ونصف.
وكان أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، أمين مقبول، كشف أمس السبت عن لقاءات كبيرة جمعت بين فتح وحماس في قطر لتفعيل المصالحة وإنهاء الانقسام، بهدف إزالة العقبات التي تحول دون تطبيق ملف المصالحة وأنّ اللقاءات عملية أكثر منها برتوكولية.
هذا ما أكده على الفور المتحدث باسم حركة حماس، سامي أبو زهري بأن جهوداً حثيثة تُبذل لعقد لقاء قريب في الدوحة لوضع آليات تطبيق اتفاق المصالحة الوطنية.
تفاؤل حذر
المحلل السياسي، أكرم عطاالله، عقّب على لقاءات حماس وفتح الأخيرة بالدوحة قائلاً: علينا أن نتفاءل ولكن بحذر شديد، لأن لدينا تجربة طويلة ومريرة من الحوارات واللقاءات والمفاوضات ولم تسفر عن أي شيء، دائماً ما تعطي هذه اللقاءات عناوين عامة عن اقتراب مصالحة، ولكن بالتفاصيل تكون هناك أزمة كبيرة".
ونوه خلال حديثه لـ"شمس نيوز" إلى أن الأمر معقد جداً بين الحركتين لاختلاف برنامجهما، مضيفاً: لا تزال السلطة في برنامجها الالتزام بالاتفاقيات مع الاحتلال، وحماس ملتزمة ببرنامج المقاومة، وبالتالي البرنامجان متناقضان تماماً، فكيف يتم الجمع بينهما؟".
وأوضح أن الجمع بين الفصيلين الفلسطينيين المنقسمين مسألة في غاية الصعوبة، داعيا إلى عدم التعجل في الحديث عن قرب إبرام اتفاق ولا عن إتمام مصالحة سريعاً "لأن الأمر يحتاج لما هو أبعد من ذلك"، بحسب عطاالله.
ومن وجهة نظر المحلل السياسي، فإن الظروف هيأت قطر لتحريك عجلة المصالحة المتعطلة لإنجاح هذا الملف، على الرغم من أن مصر حاولت مراراً وتكراراً وعقدت لقاءات كثيرة في هذا الاتجاه وخرجت بعدة اتفاقيات، لكن دون جدوى، مشيراً إلى أن "البوابة المصرية أُغلقت ولم يعد هناك دفع مصري بهذا الاتجاه، بل وتعثرت، وبالتالي انتقلت الأمور تجاه قطر في إطار التنافس على أدوار الإقليم".
ووجه المحلل السياسي أسئلته إلى حركتي فتح وحماس بالقول: هل تعني المصالحة عودة غزة إلى غلاف السلطة بالتزاماتها واتفاقياتها؟ وهل حركة حماس مستعدة أن تعيد غزة بالتزامات السلطة؟ هذا سؤال كبير جداً لم يجب عليه أحد".
وعُقد في الدوحة قبل أيام لقاء جمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، بنائب أمين سر اللجنة المركزية لفتح، اللواء جبريل الرجوب، الذي سافر للدوحة سراً بعد لقاء "مغلق" أجراه مع الرئيس محمود عباس في رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
ملتزمة بالاتفاقيات
القيادي في حركة حماس، إسماعيل الأشقر، والنائب عن الحركة في المجلس التشريعي، ثمّن بدوره الجهود القطرية التي تقوم بتقريب وجهات النظر بين حركته وفتح؛ حول العديد من القضايا المختلف عليها، لافتاً إلى أن اللقاءات التي عُقدت في قطر لا تتناول اتفاقيات جديدة، بل تفاهمات حول ما تم التوافق عليه سابقاً.
وقال الأشقر لـ"شمس نيوز"، اليوم الأحد: نحن ملتزمون بالاتفاقيات الموقعة، وهذا يدلل على أن حماس لا زالت في مربع المصالحة ولا تغادره بأي حال من الأحوال؛ لأنها تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، وعلى استعداد أن نقدم المزيد من أجل شعبنا ومن أجل إنهاء هذا الانقسام البغيض".
واستدرك: لكن بقي الأمر مرتبطاً بحركة فتح في مقدار تفهمها وارتباطها بالمصالحة الفلسطينية"، مرجحاً في حال تم تقريب وجهتي النظر حول الملفات المختلف عليها، تشكيل هناك حكومة وحدة وطنية فصائلية، تكون هذه الحكومة لمدة محددة بستة شهور أو سنة، وتفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني، وأن تجرى الانتخابات في المجلس الوطني والتشريعي والرئاسة".
ولفت القيادي الحمساوي، إلى أن هناك لقاءات ماراثونية في قطر وتركيا وغيرها تصب في اتجاه المصالحة الفلسطينية، "ونأمل أن تؤدي هذه اللقاءات في النهاية إلى نتيجة لمصلحة الشعب الفلسطيني الذي ملّ سيمفونية المصالحة والاتفاقيات" مشدداً على أن حركته معنية بأن تكون مصر حاضرة بالقضية الفلسطينية، وأن تكون العلاقات معها تمثل مصلحة للشعبين الفلسطيني والمصري".
وعاشت الساحة الفلسطينية استقطاباً حاداً بين حركتي فتح وحماس، أكبر فصيلين فلسطينيين، في أعقاب الانتخابات البرلمانية عام 2006، تطور إلى انقسام وطني عام، جغرافي وسياسي واجتماعي ومؤسساتي. ولم تُكلّل الجهود التي وُجهت لوأد الانقسام ومعالجة آثاره بالنجاح طوال السنوات السبع الأخيرة، رغم تعدد جولات المصالحة.
سئم حديث المصالحة
من جهته، يرى أمين سر الهيئة القيادية لحركة فتح في قطاع غزة، إبراهيم أبو النجا أن الشعب الفلسطيني ملّ وسئم الاستماع للأنباء التي تتحدث عن المصالحة الفلسطينية، لافتاً إلى عدم ضرورة كشف هذه اللقاءات في وسائل الإعلام حتى يتم الخروج بنتيجة.
وأكد في حديثه لـ"شمس نيوز" أن المصالحة ضرورية بالنسبة لحركتي فتح وحماس، مشيراً إلى أنه ليس من الضرورة أن تستقبل الدول العربية لقاءاتهم بخصوص ملف إنهاء الانقسام.
وقال متسائلاً: هل يمكن أن نستعين بدول أخرى من أجل مصلحة شعبنا؟ الدول العربية مهمومة بمشاكلها وقضاياها الداخلية"، مبيّناً أن الحركتين قطعتا شوطاً كبيراً لإنهاء الانقسام، ووقعتا العديد من الاتفاقيات، لكن التنفيذ هو الإشكالية الكبرى، حسب اعتقاده.
وأكد أمين سر الهيئة القيادية لفتح أن حركته ليس لديها أي تحفظات بشأن المصالحة "لأن الرئيس أبو مازن واضح في تصريحاته وقالها مرات عديدة: لماذا لا نذهب لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه؟"، مبينا في السياق ذاته أن الجانب المصري لا يتحسس على الإطلاق من ذهاب الطرفين إلى قطر لمعالجة الإشكاليات العالقة.
وكان مصدر قيادي في حركة فتح بقطاع غزة، كشف لـ"شمس نيوز" خلال الشهور القليلة الماضية عن وجود اتصالات مكثفة من أجل تنفيذ ما تم التوقيع عليه في اتفاقي القاهرة والشاطئ، بين حركتي فتح وحماس، لإنهاء الانقسام الحاصل منذ عام 2007، مرجحاً أن تشهد الأيام المقبلة حراكاً في هذا الموضوع، من خلال التحضير للقاءات ووضع برامج وآليات لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.