قائمة الموقع

خبر (تقرير مصور من غزة).. فن وتراث أبهر العالم بأيدي "معاقة"

2016-01-25T09:54:58+02:00

شمس نيوز/سماهر البطش

تصوير/حسن الجدي

كثيرون هم من يفتقدون بعض النعم، في النفس أو المال أو الولد، منهم من يستسلم للواقع ويظل حبيس الحزن والهم، ومنهم من يتحدى هذا الواقع، ويقلع محلقا في فضاءات الإبداع، لا تحول بينه وبين النجاح إعاقة أو فقر أو نقص.

من النساء والفتيات من حرمن إحدى النعم، كالسمع والحركة والبصر, ولكن الله منحهن الإرادة القوية وعوضهن عن هذا النقص بالرغبة في الحياة وتحقيق النجاح، فمضين في الطريق رغم صعوبته, أبين إلا أن ينتقلن لركب الناجحات اللاتي لهن بصمات لا تنسى في الحياة، بالإرادة غلبن الإعاقة، غردن خارج حدود إعاقتهن حتى نلن لقب التميز والإبداع.

"شمس نيوز" جالت في أوساط المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة بغزة، والتقت عددا من النساء اللواتي تحدين إعاقاتهن بتصميمهن ورفضهن الارتهان لإعاقاتهن والركون في الزوايا المعتمة يندبن حظهن وينظرن صدقات الآخرين.

ربيع بلادي

هدى أبو عودة، ابنة الثلاثة عقود، تجلس على كرسيها في محل لبيع المطرزات بأشكالها المختلفة، فعند دخولك ترى حقائب وميداليات مطرزة بالعلم الفلسطيني، وفى ناحية أخرى تشاهد الحقائب والأثواب المطرزة بالألوان الفلاحي وبنقشات جميلة.

تقول هدى لـ"شمس نيوز": لست وحدي أعاني من مرضي هذا، عندي 3 أخوات مثلي، والسبب هو زواج الأقارب" حيث لا يقدرن على الوقوف لمدة طويلة، ويمشين مع ميل لأقدامهن، ولكن رغم ذلك كلهن في الهمة شامخات.

وبابتسامة عريضة تضيف:  لكن الله لم يحرمني صحة العقل، بل زادني عافية في الروح ونشاطا في الهمة واستصغار الصعب والحمدلله".

تواصل هدى تتحدث عن حكايتها: استمر الأمل ينمو وينضج حتى دخلت الجامعة ودرست دبلوم فنون وحرف، تخرجت والتحقت بالعديد من الدورات، منها دورة التطريز، وأثبتت للجميع أن إعاقتي لن تقتل عقلي، ولن تؤخرني عن تأدية رسالتي في الحياة".

وتكمل: قدمت على مشروع للتطريز، وتم اختياري وتمويلي بمبلغ 7000 دولار من هيئة الإغاثة الإسلامية، وقمت بفتح محل بحي النصر في مدينة غزة سميته "ربيع بلادي"، أصنع فيه المطرزات بأشكال مختلفة، ومن ثم أبيعها، حتى أمسى مصدر رزق لي ولعائلتي، وأيضا أعمل على حفظ وحماية التراث الفلسطيني من الضياع".

استطاعت أبو عودة إنتاج العديد من الشالات والأثواب والصواني المطرزة بألوان تعكس روحها المفعمة بالنشاط والحيوية، والتي حازت إعجاب زائري مشروعها، وهي تتمنى أن تحظى بفرصة للمشاركة في معارض دولية خارج فلسطين".

خطأ طبي

في أحد أزقة حي التفاح شرق مدينة غزة، تقطن الشابة رندة ارقيق، ابنة الواحدة والعشرين عاما، على كرسي متحرك، عندما تنظر إليها ترى علامات الصبر على محياها واضحة، راضية بقضاء الله وقدره، والابتسامة لا تغيب عن شفتيها.. ترى بعينيها طموحا يزداد توهجا وحال لسانها يردد عبارات الشكر والحمدلله.

تقول رندة لـ"شمس نيوز": سبب إعاقتي خطأ طبي، إبرة تحتوى على بنسلين أخذتها وأنا أعاني السخونة، فأصبحت مشلولة الحركة وأنا في الثامنة عشرة من عمري".

وتضيف: رغم إعاقتي واصلت مشوار حياتي ومارست كل شيء، ذهبت لعدد من الجمعيات واجتزت دورات كثيرة، حصلت على دورات في التطريز من جمعية تأهيل المعاقين، وكنت أحب التطريز منذ نعومة أظفاري حتى أتقنت المهنة بشكل جيد، واحترفت التطريز وبدأت أعلمه لبنات الجيران أيضا".

وبيديها حركت كرسيها ودخلت غرفتها وأحضرت مشغولاتها اليدوية، ومن بينها ساعة حائط غاية في الجمال، احتوت رسوما وأشكالا بألوان متناسقة ومتجانسة.


تميزنا وأبدعنا

ليس قصر قامة المرء أو طوله يحدد مكانته الاجتماعية، فالإعاقة ليست في الجسد، وإنما في فاقد العقل وإن كان سليما.

استقبلتني في مكتبها والأمل يتلألأ في عينيها، وتفيض بالحماس، فقد تربعت على كرسي الكثير من الأصحاء يتمنون الجلوس عليه.

سوسن الخليلي، ترأست منصب أمين سر الاتحاد العام للمعاقين، ومدير نادي فارسات الإعاقة للفتيات، رغم قصر قامتها.

سوسن استنفذت ما في جعبتها لكي تتدرب وتخرّج فتيات متميزات، فقد قامت بتدريب 30 فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة في اجتياز دورة التطريز، وأصبح لدى كل فتاة خبرة في المهنة وشغل خاص لهن.

تقول سوسن الخليلي لـ"شمس نيوز": التطريز فن راقٍ يتميز صاحبة بالصبر والدقة، ويتعلم منه طول البال، وهو أجمل ما يميز تراثنا".

وتقوم الخليلي بالتطريز على الأثواب بالألوان التقليدية القديمة، لتضيف: تمت دعوتي لحضور معرض أقيم لذوى الاحتياجات الخاصة في إيطاليا, فتسللت بهمة عالية وأحضرت كل عينات الملابس و الاكسسوارات المطرزة وسافرت بها إلى ايطاليا , وأخذت أعرض المنتجات التي أبهرت كل من نظر إلى جمالها".







اخبار ذات صلة