شمس نيوز/ أحلام الفالح
"بابا راح الجنة" جواب بريء من طفل لم يتجاوز الثالثة من عمره، عندما تسأله أين والدك؟، الذي لطالما انتظر عودته للمنزل، ليلعب معه وإخوته كعادته..
الشهيد محمود بصل، أحد شهداء نفق كتائب القسام السبعة بغزة، ودَّع الدنيا تاركاً زوجته وولدين وبنتا، وطفلا لم ير النور بعد.
مقدام على الخير
زوجة الشهيد بصل قالت لـ"شمس نيوز" إنها راضية بقدر الله ولا تسخط لفراق زوجها، خاصة أنه دائما كان يطلب الشهادة ويتمناها، رغم صعوبة الفراق عليها وعلى أبنائها، فهي تفتخر بشجاعته.
وأضافت: كان محمود يحب عمله ومخلصا له، دائما على استعداد للتضحية دون تأخير" مشيرة إلى أنه في يوم استشهاده ذهب يركض على الدرج بعد تأخره لبضع دقائق.
وأضافت بصل أن حياتها مع زوجها كانت جميلة جداً "فهو خير الزوج، لم يكن يرفض لي طلبا، ولم يتأخر عن الأبناء في شيء، كان محبا للجميع ولا يسبب الحزن لأحد، ومعاوناً لهم".
الصهر الأفضل
والدة زوجة الشهيد محمود "حماته"، قالت إن محمود خير أصهارها السبعة، لدماثة أخلاقه.
وقالت لـ"شمس نيوز": دائما ما كنت أسأل ابنتي عن حياتها مع زوجها وأطمئن عليها، فترد أنه لا ينقص عليهم شيء، وقبل استشهاده بيومين اتصلت ابنتها تقول لها إنها تشعر بشيء من الضيق والخوف على محمود".
وشاركتنا الحديث أخت الشهيد محمود بصل، لتقول: كنا نسأله عن طبيعة عمله، فيرد: لا تقلقوا عليّ عملي سهل، أنا أعمل بالحراسة، يخفي علينا عمل الأنفاق حتى لا نقلق عليه، لذلك عندما سمعنا نبأ استشهاده داخل نفق أصابتنا الصدمة".
قلب الأم دليلها
توجهت مراسلة شمس نيوز للحديث مع والدة الشهيد محمود بصل لتحكي لنا تفاصيل أيامه الأخيرة معهم، بعد أن حمدت الله وأثنت عليه في بداية حديثها. وتابعت بالقول: هذه كرامة من الله بأن ابني زف شهيداً" ودعت ربها بأن يلهمهم الصبر على فراقه.
وأضافت أنه كان يتصل عليها قبل زوجته عند الانتهاء من عمله، ليطمئن قلبها عليه، ولكن يوم استشهاده كانت تشعر بالقلق خاصة، أنها اتصلت على زوجته ولم ترد على هاتفها، ثم اتصلت على أصدقاءه ولم يرد أحد.
وتكمل الوالدة حديثها: قبل أيام من استشهاده أعطاني رقم جوال لأتصل عليه من خلاله في حال تأخر لتطمئن عليه، اتصلت على ذلك الرقم يومها، وعندما رد عليّ شخص آخر، سألته دون مقدمات أين محمود؟ رد بلهجة كاذبة ليبعد عني الشك الذي انتابني بأن ابني في ضيق، أكملت معه وقلت محمود "أبو طلال" وينو؟, قال الرقم خاطئ، فقلت له أنت تكذب".
واستمرت والدة الشهيد بالاتصال بمن تعرفه للاطمئنان دون جدوى، وفي نهاية المطاف اتصلت على ابنها الكبير وطلبت منه الذهاب والسؤال عن أخيه، فقال لي، وقد علم بالخبر: لا أعرف ماذا أقول لكِ يا أمي، بسرعة دون أن يكمل حديثه قلت له "هال النفق على أخوك يما"، فجهش بالبكاء، عرفت في ذلك الوقت أن ابني استشهد دون أن تصل المعلومات المؤكدة لذلك، ولكن قلب الأم دليلها".
وذكرت والدة الشهيد بصل لمراسلة "شمس نيوز" أنه قبل استشهاده بأسبوع طلب منها أن تدعو أخوته لتناول الغداء عنده، يوم الأحد، ليجمعهم في ذلك اليوم، رغم رفض الجميع، وذلك لأن زوجته حامل في شهرها الأخير، فقلنا له انتظر لما بعد ولادة زوجتك، إلا أنه أصر عليها ولم نكن نعرف أنها آخر جلسة جماعية".
تستذكر أيامه بعيون يملؤها الدمع، لتقول الأم الصابرة: كل اللحظات التي جمعتني بمحمود جميلة، فهو مطيع ومحبوب".
يذكر أن الشهيد محمود بصل ارتقى برفقة ستة من زملائه، أثناء عملهم على ترميم نفق استخدمته كتائب الشهيد عز الدين القسام خلال عملياتها أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014.