شمس نيوز/سماهر البطش
"حور العين تناديني".. آخر ما كان يردده الشهيد غزوان الشوبكي، أحد الشهداء السبعة الذين قضوا في انهيار نفق لكتائب القسام شرق مدينة غزة، الأسبوع الماضي، لتسرع شقيقته رغد بوضع يديها على وجهه لإيقافه، حتى لا تسمعه أمه مراعاة لمشاعرها.
الخوف على غزوان ترجم إلى حقيقة بعد أن نزل إلى باطن الأرض نزوله قبل الأخير، والذي خرج منه إلى قبره، فتحت الأرض كان ينافس رفاقه مجتهدا يعد العدة للمعركة القادمة مع العدو، وفوق الأرض كان طالبا مجتهدا وداعيا إلى الله في المسجد.
الشهيد غزوان خميس الشوبكى (21 عاما) طالب في كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية، كان يصوم نهاره ويقوم جزء من ليله، لأن الجزء الآخر يقضيه بين الرمال والصخور يحفر بأظافره، وكان قليلا من الليل ما يهجع، كما كل المجاهدين الذين يجدون راحتهم في البحث عن الشهادة.
غزوان أحد أفراد وحدة النخبة في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ارتقى وستة من رفاقه أثناء عملهم على ترميم نفق استخدمته كتائب القسام خلال عملياتها أثناء العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة العام قبل الماضي.
الميلاد والنشأة
نشأ الشهيد غزوان الشوبكي وترعرع في بيت متواضع من بيوت حي الدرج شرق مدينة غزة، في كنف عائلة تتكون من الوالدين وخمسة أبناء هو أكبرهم شرق، وتربى على موائد حفظ القرآن وتحفيظه في مسجد الشهيد عز الدين القسام".
والدة الشهيد غزوان "أم باسم"، وخلال حديثها مع مراسلة "شمس نيوز"، وهى تتوشح بعصبة خضراء على جبينها، قالت: السرّية في العمل وكتمان المواقف الحساسة كانت من أبرز صفات ابني غزوان، كنت أعلم الشيء اليسير من طبيعة عمله، لكنه لم يكن يتحدث بشيء أمام الناس".
وأضافت: الشهيد كان حنونا، يمتلك كل الصفات الحميدة، كان يساعدني حتى في أعمال المنزل".
وتوضح والدة الشهيد غزوان أنها رأته في المنام وهو عمره تسع سنوات مكتوب اسمه بالخط العريض على باب مسجد الشهيد عز الدين القسام "لقد كان عاشقا للجهاد والرباط في سبيل الله، فهو من أحب الأعمال وأسعدها إلى قلبه".
وزادت بالقول: دائما كان يطلب مني الدعاء له بالشهادة، فأنظر إلية وأقول: له أريد أفرح بك وأزوجك، فيقول: سأتزوج في الجنة.. قبل أن يخرج للمرة الأخيرة، وقف معي وقبّل يدي، وسألني: هل أنت راضية عني؟ دائما كان يطلب مني السماح والرضا".
وأضافت أنه عندما وصل خبر فقدان القسام الاتصال مع إحدى مجموعاته في أحد الأنفاق، شعرت أن ابنها غزوان من بينهم".
"من المواقف التي لن أنساها، أنه كان في كل جمعة يتناول الغداء ومن ثم نجلس ليحدثننا عن مضمون خطبة الجمعة" تقول أم غزوان.
وأضحت أم الشهيد " أن من انتشل جثة ابنها أوصل لها رسالة أن رائحة المسك كانت الدليل على مكان استشهاده "فقد وجدوه ساجدا بين الدم والطين وانتشلوه من تحت ركام النفق الذي ينخفض عن الأرض ثلاثين مترا".
وقالت: عندما وصلني الخبر حمدت الله وصليت ركعتين لعل الله يبني لي بيتا في الجنة اسمه بيت الحمد، وعندما وصل جثمانه احتضنته وقلت له الله يرضى عليك, رأيت وجهه مثل الثلج ناصع البياض، شعرت حينها بفرحة لم أشعر بها من قبل، نزلت علي السكينة ممزوجة بألم فراق فلذة كبدي".
طالب ومقاوم
الشهيد غزوان الشوبكي، داعية وطالب ومقاوم، ملتزم مداوم على صلاة الجماعة وصلاة الفجر خاصة، فقد كان متقدما للحصول على السند المتصل في قراءة القرآن الكريم، ولم يتبق إلا أيام قليلة ليحصل عليه، بحسب الشيخ حاتم الشوبكي، أحد مشايخ منطقة شرق غزة".