شمس نيوز/صلاح سكيك
في غرفة يحظر على أي شخص دخولها، يرقد الطفل أحمد ابن الأعوام الثمانية، على سريره ترتسم ضحكة بريئة على وجه هزيل أنهكه المرض وغيّر ملامحه العلاج الإشعاعي.
(أحمد.ب) يرقد وحيدا في محبسه الصغير منعزلا عن مدرسته وأصدقائه وأهله، لم يعد يستطيع لعب كرة القدم التي يحبها.
اختصر أحمد حديثه بالقول : "بديش المستشفى .. بدي اطلع بره" ، لربما أحمد لا يعلم ضريبة خروجه من مرقده هذا.. لكنه يثق بأن أحلامه التي خطها في ذاكرته قبل إصابته بسرطان الدم ما زال هناك متسع من الوقت كي يحققها.
يقول والده إن الأسرة تحاول دائما عدم إشعار أحمد بمرضه، ويسعون للاقتراب منه وتلبية جميع احتياجاته الحياتية، على أمل أن يشفي الله صغيره ويعود إلى ممارسة حياته بشكل طبيعية .
وتشير معلومات وإحصائيات شبه رسمية، إلى ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض السرطان المختلفة في قطاع غزة، خاصة بعد ثلاثة حروب شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع في الأعوام (2008-2012-2014) استخدمت خلالها أنواعا متعددة من الأسلحة والغازات السامة المحرمة دوليا.
كشف متأخرا
بعد شهرين من وفاته، تجلس أم محمد وهي تحمل بين يديها صورة زوجها الخمسيني الذي رحل بعد معاناته مع مرض السرطان، لتوضح أنها حزينة على فراق زوجها، وما يحزنها أكثر اكتشاف إصابته بالسرطان في وقت متأخر، استحال معه علاجه.
تقول( أم محمد.س) لمراسل "شمس نيوز": زوجي توفي وعمره 52 عاما نتيجة إصابته بمرض سرطان الكلى، حيث أنه ذهب ليفحص قبل وفاته بثلاثة أشهر في إحدى المستشفيات، بعد شكاوى متكررة من ألم في كليته.
وتضيف: في البداية اعتقدنا أن أبا محمد يتألم من حصوات في الكلى، لكن التشخيص الأوّلي أفاد بأنه مصاب بورم خبيث" مبينة أنها شعرت بالصدمة وانهارت بعد سماع هذا الخبر من الطبيب، قبل عرضه على طبيب خمسة أطباء حتى تتأكد من صحة التشحيص، ولكن النتيجة كانت نفسها.
ورم حميد ..
المواطن "رائد.ع" أصيب بورم حميد في الدماغ، بحسب شقيقه، الذي أوضح أن الأطباء نصحوهم بضرورة استئصال الورم منعا لانتشاره.
وقال: قمنا بعمل تنسيق كي يخرج رائد للعلاج في إسرائيل، حيث تم استئصال الورم من خلال عملية جراحية، والآن أخي بحمد لله سليم ويمارس حياته الطبيعية ولا يعاني من أي آلام".
وما يميز الورم الحميد عن الخبيث هو أنه لا يعود بعد إزالته، بعكس الورم الخبيث الذي غالبا ما يعود للمريض حتى بعد إزالته.
ارتفاع معدلات السرطان ..
استشاري علاج الأورام بمجمع الشفاء الطبي د. زياد الخزندار، أكد أن السبب الأساس في ارتفاع معدلات مرض السرطان بغزة هو الحروب الثلاثة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة واستخدام أسلحة محرمة دوليا، منها الفسفور الابيض واليورانيوم المخصب "ولذلك نرى ان سكان المناطق الحدودية هم الأكثر عرضه للإصابة بالسرطان" مبينا أن إسرائيل تمنع إجراء إحصائيات متعلقة بالبيئة حتى لا يتم فضحها وتعريتها أمام العالم.
وأضاف الخزندار لـ"شمس نيوز" أن ازدياد معدلات السكان في القطاع يؤدي إلى ارتفاع أعداد الإصابات بالسرطان ، بالإضافة إلى الوراثة في بعض الحالات، نتيجة لانتقال بعض الطفرات الجينية من الأبوين إلى الابن.
المبيدات الزراعية
وكشف الخزندار أن المبيدات المستخدمة لرش المنتجات الزراعية في غزة، تسبب جميع أنواع السرطان وأهمها سرطان المعدة وسرطان القولون، لأنها تساعد على سرعة انقسام الخلايا داخل الجسم، فتسبب اضطرابا في العضو المصاب مما يؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بالسرطان.
وطالب الخزندار عموم المواطنين بضرورة الفحص والكشف المبكر خوفا من تفاقم المرض وانتشاره في الجسم ، لان العلاج المبكر هو أفضل الطرق المتاحة لتقليل عدد الوفيات وزيادة عدد الناجين من السرطان.
130 حالة في القطاع شهريا ..
ويوجد في قطاع غزة أكثر من 14600 حالة مصابة بالسرطان، منها حوالي 5000 حالة في مستشفى الرنتيسي ، ويسجل في كل شهر 130 حالة جديدة مصابة ، يُتوفى منهم مابين 11-13% .
ویأتي سرطان الثدي في المرتبة الأولى بنسبة 31 % عند الإناث، أما لدى الذكور فإن سرطان الرئة الأكثر انتشارا بنسبة 19% ، ثم يأتي بعد ذلك سرطان القولون ، والغدة الدرقية ، والبروستاتا، وسرطان المعدة على التوالي .
بينما يعتبر السرطان هو المسبب الثاني للوفاة في فلسطين بعد أمراض القلب والأوعية الدموية.
يشار إلى أن وزارة الاقتصاد في قطاع غزة بدأت بإجراء رقابة مشددة على السلع الغذائية والمزروعات ،بعد اكتشافها لمواد مسرطنة في بعض السلع والبضائع.