قائمة الموقع

خبر مشاهد الاقتتال لا زالت تنكأ الجراح.. المصالحة المجتمعية بغزة تنتظر العلاج القطري!!

2016-02-15T08:21:22+02:00

شمس نيوز/ عبدالله عبيد

على جدار غرفته الصغيرة في مشروع بيت لاهيا شمال قطاع غزة، يعلق الطفل أيهم أبو هليل، ابن الاثنتي عشرة ربيعاً صورة لوالده "حسين"، الذي قضى في اشتباكات الانقسام الداخلي بين عناصر فتح وحماس في السابع من يناير عام 2007م.. هذا ما لفت انتباهنا حين دخلنا منزل تلك الأسرة المكونة من سبعة أبناء، وأمهم، يتجرعون مرارة اليتم والترمل منذ عشرة أعوام.

أول كلمة قالها أيهم لمراسل "شمس نيوز": هذي صورة بابا الله يرحمه، أنا كل يوم بتذكره وبقرأ على روحه الفاتحة، هو هلقيت بالجنة".. بتلك النبرة الحزينة المكسوة بألم الفراق عبّر هذا الطفل عما يجيش في داخله من مشاعر، رغم أنه عندما فقد والده كان يبلغ من العمر سنتين فقط!!

أدهم أبو هليل (19) عاماً، الابن الأكبر بين الذكور لتلك الأسرة، هو المعيل الوحيد لها بعد قتل والده، الذي كان يعده الأخ والأب والصديق الحنون، حسب وصفه لنا.

لن أسامح القاتل

بعد عشرة أعوام من الوداع.. لا يزال ألم الفراق كبيراً، فقد ترك "أبا أدهم"سبعة أطفال حينها، أكبرهم اليوم دعاء التي تبلغ من العمر 24 عاماً، وأصغرهم أيهم "آخر العنقود".

أدهم أكد لدى الحديث معه أنه لن يسامح "قتلة أبيه"، ليقول متسائلاً: كيف أسامح قاتل أبي وكل يوم يسألني إخوتي أين بابا؟ ماذا أجيب هؤلاء الأطفال عندما نذهب إلى قبره ويقولون لي بابا في الجنة؟ ما راح أنسى الموقف وهو ممدد على فراش الموت، وكنت أنظر إلى جسده الممزق بالطعنات والرصاص".

وخلّف الانقسام الداخلي الذي وقع بين فتح وحماس عام 2006م أثاراً سلبية كبيرة، أولها الاقتتال بين عناصر كل منهما وقتل مواطنين مدنيين أيضاً، بالإضافة إلى الأضرار الجسيمة التي لحقت بكثير من مرافق الحياة في تلك الأحداث.

مصالحة مجتمعية

الفصائل الفلسطينية بعد أعوام على الانقسام اتفقت على تفعيل لجنة المصالحة المجتمعية، عام 2014 والذي عُرف حينها بـ"اتفاق الشاطئ" ونجم عنه تشكيل حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني.

وتحتاج هذه اللجنة إلى ما يقارب 60 مليون دولار أمريكي للبدء بتفعيلها على أرض الواقع، إلا أن عدم إتمام المصالحة الفلسطينية يحول دون إنجاز عملها.

القيادي في حركة حماس، د. إسماعيل رضوان، وهو مسؤول في لجنة المصالحة المجتمعية، وصف ملف "المصالحة المجتمعية" بأنه أهم ملفات المصالحة الوطنية، وأصعبها.

وقال د.رضوان لـ"شمس نيوز": هذا الملف يعتبر الأصعب في ملف المصالحة، لأن فيه قضايا الدماء وإصلاح ذات البين والتعويضات والأضرار". وأضاف: إذا توفرت الإرادة السياسية وتحققت المصالحة سيصبح هذا الملف من أسهل الملفات".

وبحسب القيادي في حماس، فإن طبيعة المجتمع الفلسطيني "متدينة ومتسامحة" الأمر الذي يساهم في تسوية كل الإشكاليات العالقة، خاصة في رد الاعتبار والحقوق لأصحابها، منوهاً إلى أنه في حال تمت المصالحة السياسية فستكون المصالحة المجتمعية أمرا يسيرا.

لجان متخصصة

وبدأت لجنة المصالحة المجتمعية بالفعل في تقديم خطط للعمل على أرض الواقع، ليوضح رضوان أن اللجنة لديها "هياكل ولجان متخصصة"، سواء عن طريق القضاء أو القانون أو من خلال العشائر والشرع.

وحول مشكلات قد تواجه هذا الملف، فقد أعرب عن تفاؤله في أن يتم حل الإشكاليات حال إتمام المصالحة بين حركتي فتح وحماس، ليضيف: رأينا وسمعنا كثيراً أن عوائل ضحايا الانقسام، مستعدون لأن يسامحوا في دماء أبنائهم أو أضرارهم مقابل أن تتحقق المصالحة".

اعف وسامح

عائلة الزعنون أطلقت مبادرة "أعف وسامح" قبل عامين، حيث عفت العائلة بموجب تلك المبادرة عن قاتل ابنها "علاء الدين" الذي قضى في الثاني عشر من حزيران/ يونيو عام 2007، وذلك في سبيل إنجاز المصالحة.

ليقول "عز الدين" شقيق "علاء الدين" لمراسل "شمس نيوز" إنهم أطلقوا المبادرة من أجل نشر التسامح في قلوب جميع أهالي ضحايا الانقسام"، معرباً عن أمله أن تتم المصالحة المجتمعية وأن ينتهي هذا الملف.

واستدرك قائلاً: لكن نتمنى قبل هذا أن تتوفر الإرادة السياسية لدى كل من فتح وحماس، حتى ينتهي الانقسام الفلسطيني والبدء فعلياً بتحريك ملف المصالحة المجتمعية"، داعياً الطرفين لاتخاذ خطوات عملية في ملف المصالحة، بعد عدة لقاءات لهما في العاصمة القطرية.

واجتمعت حركتا فتح وحماس خلال الأسبوع الماضي في الدوحة، لمناقشة ملف المصالحة الفلسطينية، حيث خرجتا بتصور عملي للمصالحة لم تفصحا عنه للإعلام. وكشف مسئولون من الحركتين عن لقاء آخر سيجمعهما خلال أيام في قطر من أجل الخروج بصيغة نهائية لتنفيذ اتفاقيات المصالحة.

ويشير الزعنون إلا أن وداع شقيقه "علاء" قد أحدث وجعاً كبيراً لهم، خصوصاً أنه الابن البكر للعائلة، وترك خلفه الطفلتين "فرح وروضة".

وخلال أحداث الانقسام الداخلي قضى علاء الزعنون، ضمن 450 فلسطينياً من عناصر فتح وحماس وآخرين مدنيين، أحدث مقتلهم جميعاً مرارة كبيرة وتحدياً أكبر في طريق إنجاز المصالحة.

مهمة وخطيرة

في هذا السياق، يرى الشيخ والداعية، د. ماهر السوسي أن حل ملف المصالحة المجتمعية يأتي من التنظيمات نفسها، وذلك من خلال توجيه عناصر التنظيم ودفعهم من أجل التغاضي وتجاهل عقبة الانتقام والثأر.

ومن وجهة نظر الداعية السوسي فإنه لا بد من الجدية لحل تلك الإشكالية المهمة والخطيرة، لافتاً الانتباه خلال حديثه لـ"شمس نيوز" إلى تجارب سابقة في قضايا القتل بالمجتمع الفلسطيني، توجت بالتسامح غالباً بين المتخاصمين".

وأضاف: هناك كثير من حوادث القتل في فلسطين كانت تسير بين العائلات، تأخذ وقتها وفي غالب الحالات تتم المصالحة بين تلك العائلات، وتتناسى الدماء التي تناثرت في هذه الخلافات".

وشدد د.السوسي على أن المصالحة المجتمعية بحاجة إلى جهد كبير لإتمامها على أكمل وجه، داعياً الكل الفلسطيني إلى توحيد الصفوف من خلال حملة مخطط لها ومدروسة، من الندوات والبرامج وورش عمل؛ للعمل على حل تلك الإشكاليات المجتمعية.

وأوضح أن الدولة والجهة الحاكمة هي من تتحمل العبء الأكبر في هذا الاتجاه "لأنه بحسب الشرع الدولة هي المسؤولة مسؤولية مباشرة عن المجتمع، لذلك مطلوب من السلطة أن تبذل جهدا كبيرا من أجل إنجاز وإنجاح ملف المصالحة المجتمعية"، بحسب قول السوسي.

ويبقى الأمل كبيراً وأعين المواطنين الفلسطينيين تتجه صوب اللقاءات والاجتماعات التي تعقدها الفصائل، من أجل تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الذي تأثر منه الكل الفلسطيني، وعلى أمل بتكاتف وطني ودعم عربي لإنجاز ملف المصالحة المجتمعية.

اخبار ذات صلة