قائمة الموقع

خبر ماذا يفعل شباب غزة عندما يهاجرون إلى أوروبا؟

2016-02-24T08:07:06+02:00

شمس نيوز / عبدالله عبيد

بدأت فكرة الهجرة إلى الدول الأوروبية والغربية تراود شباب قطاع غزة، وتقتحم عقولهم عقب انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير صيف 2014 على وجه الخصوص، واستشراء البطالة وانتشار الفقر، وعدم الحصول على فرص عمل بعد التخرج من الجامعات، بسبب الحصار المفروض على القطاع منذ عشر سنوات، حيث يظن الشباب الراغبون في هجرة غزة أن ظروف المعيشة في بلاد الغرب وأوروبا ستكون أفضل.

لم يقف أمر الهجرة إلى دول العجم عند هذا الحد فقط، بل يضطر بعضُ الشباب الغزي وبالأخص المتزوجون منهم إلى ترك عائلاتهم وزوجاتهم وأطفالهم إلى الأبد، والزواج من فتاة أجنبية، هرباً من المسؤولية تجاه أسرته والواقع الذي يعيشه القطاع خصوصاً في ظل الأزمات التي تعصف به بسبب الحصار.

وشهد قطاع غزة خلال الأسبوع الماضي، بعد فتح السلطات المصرية لمعبر رفح البري ثلاثة أيام، هجرة عشرات الشباب باتجاه بعض الدول الأوروبية، وخاصة إلى تركيا، ومن ثم الهجرة بطريقة غير شرعية إلى الدول الأوروبية، في قوارب بحر صغيرة رغم الخطر الكبير الذي يحدق بهم.

ورقة طلاق

لطالما ارتبطت أحلام الهجرة إلى أوروبا عموما والدول الاسكندينافية خصوصاً، برغبة الاستقرار والعيش الرغيد، إلا أن  كثيرا من أحلام المهاجرين الغزيين تحطمت على صخور المجتمع الجديد، محطمة معها بعضا من "البيوت العامرة".

"أم أحمد" (29 عاما) من حي الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، امرأة متزوجة، ولديها ثلاثة من الأطفال أكبرهم لا يتجاوز الثماني سنوات، وأصغرهم تعدى العامين، تقول لمراسل "شمس نيوز": زوجي هاجر من غزة بعد انتهاء الحرب الأخيرة بأشهر قليلة، وترك أطفاله دون أن يسأل عن أحد منهم بعد أن تزوج من فتاة غربية"، مشيرة إلى أن زوجها الذي يبلغ 32 عاماً لم يكن لديه عمل عندما كان في غزة.

وأضافت: قبل أن يهاجر إلى السويد وعدني بأن يجتهد لسحبي وأبناءه واللحاق به، عندما يجد فرصة عمل وتتحسن أوضاعه، لكن تفاجأت بإرساله ورقة طلاقي بعد ستة أشهر من سفره، والآن أعيل أطفاله بعد أن بدأت العمل في إحدى الروضات".

ونوّهت المواطنة أم أحمد إلى أن هناك الكثير من النساء هاجر أزواجهن إلى دول أوروبية، موضحة أن هذا الأمر ازداد بعد الحرب الأخيرة على القطاع، بسبب الظروف التي يعيشونها من فقر وحصار وبطالة وحرمان من أبسط الحقوق.

تنتظر اتصالاً

لم يختلف حال هدى. ص (28 عاماً) كثيراً عن سابقتها، فهي لا تزال تنتظر اتصالاً أو رسالة من زوجها الذي تركها وطفلتيه، بعد هجرته إلى تركيا منذ شهرين.

وأوضحت صالح لمراسل "شمس نيوز" أن زوجها الذي كان يعمل في الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة رام الله، لم يتصل بأسرته إلا مرتين أو ثلاثة فقط، " وأغلب اتصالاته كانت حين وصوله تركيا، وبعدها لم نسمع أي خبر عنه"، بحسب قولها.

وتضيف وعلامات القلق قد بدت واضحة على وجهها: تركني من دون سبب وترك مريم ( 4 أعوام) وسلام (عام ونصف)  ولم يسأل عنا منذ أن هاجر.. أطفالي يسألونني كل يوم عن والدهم ولا أعرف كيف أجيبهم!!.

وبيّنت المواطنة هدى، أنها الآن تنتظر سماع صوت زوجها، لتردف بالقول: لا أريد منه شيئاً، إن كان يريد تطليقي فعليه إبلاغ أهلي، لا أريد أن أكون مشتتة هكذا".

وتفيد إحصائيات رسمية بأن عدد المتعطلين عن العمل في غزة تجاوز 200 ألف شخص، زاد عليهم في الحرب فقدان أكثر من 700 ألف دخلهم اليومي، حيث أشارت بيانات النصف الثاني من عام 2015 إلى أن نسبة البطالة وصلت إلى 45%، ونبهت إلى أنه من الممكن ارتفاع معدلات الفقر إلى 60%، خاصة مع تفشي ظاهرة عمالة الأطفال وأزمة الرواتب.

حالات فردية

باتت الهجرة حلما يراود معظم الشبان الغزيين، حتى وإن وصل الأمر لترك عائلاتهم وذويهم، لكن الهروب من الوضع المأساوي والواقع المرير للبحث عن لقمة عيش أو فرصة عمل هو الأهم من هذا وذاك عندهم، ليوضح النائب في المجلس التشريعي بقطاع غزة، د. سالم سلامة، نائب رئيس رابطة علماء المسلمين أن الشباب يهربون من الوضع الذي يعيشونه في القطاع المحاصر لأكثر من عشرة أعوام.

وتساءل سلامة خلال حديثه لـ"شمس نيوز": لماذا يهرب هؤلاء الشباب ويتركوا الأرض المقدسة إلى أوروبا، لماذا لا يهاجرون للبلاد العربية المجاورة مثلا وتغلق أمامهم الأبواب والحدود والسدود والبوابات، لماذا يبحثون عن الاستقرار عند أهل الكتاب دون إخوانهم المسلمين؟"، مشيراً إلى أنه من الخطأ أن يترك الشباب أرضهم وزوجاتهم من أجل السفر والمتعة في الدول الأوروبية.

وقال: لا أحد يخرج من هذه البلاد المقدسة إلا بغضب من الله ولا يسكنها ساكن ولا يرابط فيها مرابط ومجاهد إلا بفضل من الله"، مؤكداً حرمانية الهجرة وترك الأسرة الزوجة دون أن يكفل إعالتهم، كما يفعل بعض الشباب.

واعتبر الحالات التي هاجرت من غزة لدول أوروبية وغربية "حالات فردية" وليست ظاهرة، لافتاً إلى أن كثيراً من الدول المنكوبة مثل سوريا والعراق يحدث فيها نفس الأمر.

الحصول على جنسية

مشاكل كثيرة يواجهها الشاب الفلسطيني المهاجر في رحلته إلى الخارج، فخلال انتظاره فتح المعبر المغلق في أغلب حالاته، يدفع مبالغ مالية هائلة للخروج بأي طريقة، وبعدها تبدأ رحلته إلى الدولة الأوروبية التي يصل إليها بعد معاناة وتعب.

الشاب إياد. س (37عاماً) من شمال قطاع غزة، قال إن الظروف المحيطة به هي من جعله يفكر بالهجرة.

وقال لـ"شمس نيوز": تركت في غزة زوجتي وخمسة أطفال، عندما فتح المعبر بداية ديسمبر المنصرم، ولا أفكر في العودة على الإطلاق"، مشيراً إلى أنه وصل "بلجيكا" بعد أشهر من المعاناة.

وأضاف: كنت أفكر بسحب أولادي وزوجتي، لكن وجدت أن الأمر سيأخذ إجراءات ووقتاً طويلاً ويكلفني الكثير من المال، لذلك طلقت زوجتي قبل أيام، وأفكر في الزواج من فتاة أجنبية لأحصل على جنسية وعمل وأستمتع في حياتي كأي مواطن بلجيكي".

الهروب من المسؤولية

د. درداح الشاعر، أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى بغزة، يوضح أن الشاب عندما يتزوج يعتقد في البداية أن الزواج رحلة ترفيهية، لكنه يتفاجأ بالكثير من المسؤوليات التي تقع على عاتقه، وعندما يعجز عن القيام بهذه المسؤوليات يجد خير وسيلة للهروب الهجرة إلى الخارج.

واستبعد الشاعر في حديث لـ"شمس نيوز" أن يكون الوضع السياسي والواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه قطاع غزة دافعاً لهجرة الشباب، مشدداً على أن المنظومة الأخلاقية والنفسية لهذا الشخص متردية للحد الأدنى، وهو ما يدفعه للهجرة وترك زوجته وأطفاله.

وتابع الخبير النفسي: لو كان لدى الإنسان منظومة أخلاقية وعقائدية وثقافية أصيلة في نفسه؛ لاستطاع أن يتوافق مع البيئة والمجتمع، "لأنه من سمات البشر القدرة على التكيف والتوافق مع الأوضاع القائمة، وعلينا أن لا نربط ضيق الحال وسوء الأوضاع الاقتصادية بالهجرة"، على حد تعبيره.

 

اخبار ذات صلة