رام الله / شمس نيوز
نشرت منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان ومركز الدفاع عن الفرد تقريرا موسعا اليوم بعنوان "برعاية القانون، كيف يتم التعذيب في سجن شيكما الإسرائيلي للأسرى الفلسطينيين؟".
ويتناول التقرير طرق التعذيب التي يتبعها جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك) مع الأسرى الفلسطينيين، وهو حافل بشهادات قانونية موثقة من قبل الأسرى.
والتقرير الذي قامت بتحريره ناغا كيدمان، وموّل من الاتحاد الأوروبي جاء في 56 صفحة وجمع المعلومات الميدانية فيه والإفادات الشفوية عدد من الباحثين، وذلك من خلال مقابلات أجروها مع 116 أسيرا فلسطينيا احتجزهم وحقق معهم الشاباك بين أغسطس/آب 2013 ومارس/آذار 2014، ومعظمهم من سكان جنوب الضفة الغربية.
ويقول التقرير الإسرائيلي إن 39 من هؤلاء الأسرى اعتقلوا على أيدي السلطة الفلسطينية، وفور إطلاق سراحهم من سجونها اعتقلهم الأمن الإسرائيلي، ليتم التحقيق معهم على ذات القضايا التي حققت معهم فيها الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ومعظم اعترافاتهم لدى السلطة الفلسطينية وصلت إسرائيل، حتى أن أحد المحققين الإسرائيليين أبلغ أسيرا فلسطينيا بأن ملفه في التحقيق لدى الأمن الفلسطيني موجود في الحاسوب الإسرائيلي، ورأى أسير فلسطيني آخر بعينه توقيعه على اعترافات أدلى بها في الأمن الفلسطيني بخط يده، ووصلت المخابرات الإسرائيلية، مما يشير إلى قوة التنسيق الأمني بين الجانبين.
التقرير الإسرائيلي حفل بعشرات الإفادات للأسرى الفلسطينيين، ومنها مازن أبو عريش (22 عاما) -من قرية بيت أولا بالضفة الغربية- الذي قال إنه منع من النوم لدى الأمن الإسرائيلي لفترة تمتد أحيانا عدة أيام، وتم تقييد يديه وقدميه بكرسي طوال ساعات طويلة، بجانب الصراخ بصوت عال، وتهديدات وإهانات قاسية، وتعرضه لأجواء من البرد والسخونة الشديدة، كما أن وجبات الطعام التي تقدم كانت قليلة، وبجودة متدنية، فضلا عن المنع من الاستحمام وتغيير الملابس لمدة أيام وأسابيع، والاحتجاز في مكان ضيق وغير نظيف، وفي أغلب الأحيان بصورة انفرادية لمدة أيام.
تعذيب مزدوج
ويشير التقرير إلى أن ثلث الأسرى بسجن "شيكما" في مدينة عسقلان ضربوا واعتدي على ثلثهم من قبل الشرطة الإسرائيلية، كما أن 14 على الأقل منهم عذبوا على أيدي محققي السلطة الفلسطينية قبيل فترة وجيزة من اعتقالهم من قبل إسرائيل.
ويلفت التقرير إلى أن هذه الاعتداءات هي بهدف إضعاف القدرة البدنية للمعتقل وتهيئته نفسيا للمرور في جولة التحقيق، "وهذه الطريقة المهينة غير الإنسانية تعتبر متبعة ومتعارفا عليها مع جميع الفلسطينيين الذين يتم اعتقالهم في هذا السجن، بما يعني خرقا واضحا للقانون الدولي، وقرارا للمحكمة العليا الإسرائيلية، وأبسط حقوق الإنسان المتعارف عليها".
ويقول حسني نجار (24 عاما) -الأسير الفلسطيني من الخليل- إنه بجانب الوسائل القاسية غير الإنسانية والمهينة التي يستخدمها المحققون الإسرائيليون فإنهم يستندون إلى معلومات حصلوا عليها من قبل محققي أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، و"تم انتزاعها منا عبر التعذيب القاسي".
أما الأسير "ل. هـ" -ويبلغ عشرين عاما وهو بائع زهور- فيقول إن المقعد الذي جلس عليه خلال التحقيق معه لمدة 22 يوما على مدار الساعة قصير وضيق، أرجله الثلاث بنفس المستوى، لكن الرجل الرابعة للكرسي أكثر انخفاضا، "هذا صعب، حتى لو لجأت إلى النوم فإنني سرعان ما أسقط على الأرض، مما يتسبب في زيادة الشد من القيود التي تلتف حول يدي وتسفر عن آلام جنونية، فيما المحقق يواصل الصراخ ويدفع جسمي إلى الخلف".
أما عماد أبو خلف (21 عاما) فيقول "المحققون الإسرائيليون أهانوني بإسقاطي أرضا والصراخ علي ووصفي بأنني حمار، بهيمة، زبالة، إنسان رخيص، ليس لك قيمة، شتموا أختي الصغيرة التي تعاني من شلل دماغي، وأهانوها، واستمر هذا طوال الأيام التسعة للتحقيق معي".
وفي شهادة تظهر مدى التعاون الأمني بين السلطة والمخابرات الإسرائيلية يقول عدي عواودة (21 عاما) المعتقل السابق لدى الأمن الوقائي الفلسطيني -والذي قضى أربعين يوما بعزل انفرادي إسرائيلي- "تعرضت للتعذيب النفسي والجسدي، وأدخلوني إلى مكان يشبه الثلاجة -عرضه تسعون سنتيمترا وطوله متران- بملابس خفيفة، وبقيت في هذا المكان ثلاثة أيام دون أكل أو ذهاب إلى الحمام".
ويضيف أخذوني للتحقيق لمدة 12 ساعة متواصلة، ضربوني بأيديهم، هددوني بالاعتداء الجنسي"، ويتابع "حين تم اعتقالي لدى المخابرات الإسرائيلية سألني المحقق: ملفك الأمني لدى الأمن الفلسطيني لدينا هنا، هل تريد أن تضيف شيئا عليه أم تختصر علينا الوقت؟.
ويلفت التقرير إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت قرارا للشاباك منذ 1999 بحظر التعذيب أو التنكيل أو الإهانة بحق المعتقلين لديه، لكن 16 عاما مرت وآلاف الفلسطينيين خضعوا للتحقيق، ومعظمهم تعرضوا للتعذيب والتنكيل والإهانة.
وبحسب التقرير، فإن الشاباك يمارس تعذيبه بغطاء كامل من مؤسسات الدولة الإسرائيلية.
المصدر: الجزيرة نت