شمس نيوز/ سماهر البطش
أمة "اقرأ" للأسف!! لا تقرأ.. فيفترسها الجهل وتذوب شخصيتها هاوية في وديان التخلف، لا تعرف للصفوف الأولى بين الأمم سبيلا.. لتكون لقمة سائغة لأعدائها الذين يتربصون بها الدوائر.
لم يأت هذا التصور من فراغ، فالزائر للمكتبات العامة في غزة -مثلا-، يرى الكتب والمجلدات وقد كساها الغبار، كناية عن قلة من يقلب ورقاتها بحثا عن العلم، إلى جانب أنها خاوية على عروشها لانعدام الزائرين والمستطلعين الذين صرف جزء كبير منهم اهتماماته إلى أشياء أخرى، قد يكون البحث عن لقمة العيش أو فرصة عمل أبرزها، إضافة إلى التطور التكنولوجي الذي أتاح للباحثين الحصول على أي معلومة بضغطة زر.
ويوجد في قطاع غزة 13 مكتبة عامة, 5 منها في مدينة غزة، أكبرها مكتبة البلدية العمومية التي تضم بين جنباتها آلاف الكتب.
لا يوجد إصدارات حديثة
في إحدى زوايا مكتبة البلدية، كانت جلست الطالبة المدرسية إيمان عبد العال تقلب أحد الكتب، وتهز برأسها، قبل أن تفصح لمراسلة "شمس نيوز" عن حبها وشغفها بالقراءة.
وقالت: أتردد كثيراً على المكتبة، فأنا أحب القراءة، فهي غذاء للعقل، والكتاب يحتوي على معلومات صحيحة، وعند القراءة أندمج بكل إحساسي وعقلي، ويستحوذ الكتاب على كل تركيزي وكأني في عالم آخر".
كما أعربت عبد العال عن حزنها الشديد لعدم وجود حل لمشكلة تحديث الكتب، وعدم توفر إصدارات جديدة ومتنوعة، وقلة إقبال الشباب على المكتبات.
أما الشابة نور مشتهى، فكانت تقف أمام رفوف المكتبة، وتمسح الغبار عن الكتاب الذي بين يديها، ثم بدأت الحديث لـ"شمس نيوز" بالقول: الكتب ذات قيمة، ولكن الناس لا تنظر إلى هذه القيمة بسبب غزو الانترنت لبيوتنا، فهو يقدم وجبة سريعة للمتصفح".
وتوضح مشتهي أنها تزور المكتبة مرتين في كل أسبوع للقراءة، وتركز على تصفح الروايات، خاصة التركية منها.
مشكلة قديمة
مراسلة "شمس نيوز" التقت مدير عام الشؤون الثقافية والمراكز في بلدية غزة المهندس عماد صيام، والذي أكد أن مشكلة عزوف الناس عن القراءة قديمة حديثة على مستوى العالم، خاصة في الوطن العربي, مرجحا أن يكون سبب ندرة الإقبال على القراءة، تعدد المصادر البديلة مثل الانترنت، الذي يختصر الطريق رغم أن كثيرا من مصادره غير موثوق بها.
وقال صيام: يوجد في قطاع غزة ثلاثة مكتبات عامة، تابعة لمكتبة البلدية العامة، ومكتبة ديانا تمارى، في مركز رشاد الشوا، ومكتبة هولست الثقافية المتخصصة بخدمة الأطفال".
وأوضح أن المكتبات طورت خدمات الإعارة لتستمر لمدة عشرين يوما بدل عشرة أيام، وخفضت الاشتراك السنوي إلى رسوم رمزية عشرة شواكل في السنة، وذلك لتشجيع المواطنين على التوجه للمكتبات والقراءة".
وبيّن أن عدم تحديث الكتب في مكتبات غزة "ناتج عن الحصار المستمر منذ عشر سنوات، مما أدى إلى عدم وصول الكتب الحديثة والدوريات وخاصة في مجال القانون والإعلام، لأنها علوم متطورة باستمرار، وكذلك انشغال الناس بمصاعب حياتهم اليومية وسبل توفير احتياجاتهم الأساسية".
ويؤكد صيام أن علاج هذه القضية يتطلب وجود خطة طويلة الأمد، تتلخص بتوفير مكتبة في كل بيت وحث الوالدين على تشجيع أولادهم للقراءة، وتفعيل المكتبة المدرسية".
محتويات المكتبة
ومن جانبه، أوضح حسن أبو عطايا، مدير مكتبة بلدية غزة، أنه تم افتتاح المكتبة عام 1999، وهى تحتوى على 20 ألف كتاب بلغات مختلفة، بالإضافة إلى120 ألفا من الدوريات، ومواد غير ورقية كأشرطة الفيديو، ومواد الكترونية كالأقراص المدمجة.
وقال أبو عطايا لـ"شمس نيوز": المكتبة تخدم جميع فئات المجتمع، فهناك إعارة وطلب عضوية، ولكن للأسف، عدد الحاصلين على عضويتها منذ بداية تأسيسها بالكاد يتجاوز 2600 شخص، ولم يتجاوز عدد الأشخاص المتفاعلين 500 شخص خلال العام الماضي .
وأعرب عن قلقه وأصحاب المكتبات الأخرى لقلة الرواد، مضيفا: أغلب الناس تظن أن المكتبات مشاريع مادية واستغلالية، ولكن هذا اعتقاد مخالف للواقع، فالمكتبات تقدم خدمات القراءة والاستفادة فقط".
ويرى أبو عطايا أن التطور التكنولوجي وتوفر الانترنت في كل بيت، تسبب في تراجع مستوى قراءة الكتب لدى غالبية الناس، مؤكدا أن المكتبة هي المكان الدافئ لإبداع الشباب وبناء الإنسان المثقف والواعي".