قائمة الموقع

خبر إسرائيل.. فزع من الربيع العربي واحتفاء بالثورات المضادة

2014-06-19T14:27:59+03:00

أبدت إسرائيل اهتماما منقطع النظير بثورات الربيع العربي، منطلقة من افتراض مفاده أن هذه الثورات ستترك آثارا على "أمنها القومي" ومنعتها الاقتصادية وبيئتها الإقليمية.

ولقد تأثرت الصحف الإسرائيلية بهذا الاهتمام، فتشعبت معالجاتها لهذه الثورات واتسعت مجالات تحليلها لها، وتعمق استشرافها لمآلاتها المستقبلية. ونظرا للمكانة الكبيرة التي تحظى بها مصر في العالم العربي، وإدراك النخبة الإسرائيلية بمدى تأثير طابع النظام السياسي المصري على البيئة الإستراتيجية للدولة العبرية، فقد كان اهتمام الإعلام الإسرائيلي بالثورة المصرية واسعا ودقيقا.

من هنا، فإن هذه الورقة ستعنى بشكل رئيس بمحاولة الإحاطة بأهم سمات تعاطي الصحف الإسرائيلية مع الثورة المصرية، ابتداء من عزل الرئيس المخلوع حسني مبارك وانتهاء بالانقلاب الذي قاده المشير عبد الفتاح السيسي.

في الوقت ذاته، فإن الورقة ستتضمن توطئة حول التقييم الإسرائيلي لدور الرأي العام في ظل الثورات العربية، علاوة على محاولة الإحاطة بأهم مرتكزات التقييم الإسرائيلي للثورة السورية والعلاقة مع معسكر الاعتدال في العالم العربي.

 

إسرائيل والرأي العام العربي

رأى الكثير من النخب الإسرائيلية أن الربيع العربي سمح بالتعبير عن طابع المشاعر الحقيقية للجماهير العربية تجاه إسرائيل، وفي الوقت ذاته مهد الطريق أمام الجماهير العربية لإجبار النخب الحاكمة في العالم العربي على أخذ رأيها في الاعتبار عند بلورة سياساتها تجاه إسرائيل.

ففي مقال نشره في صحيفة "معاريف" يجزم الجنرال عاموس جلبوع أن الربيع العربي أعاد إسرائيل للمربع الأول من حيث رفض شرعيتها لدى الجمهور العربي، لأنه منح الفرصة للجماعات التي تتخذ مواقف عدائية من الحركة الصهيونية للتعبير عن ذاتها وإبراز مدى التفاف الجماهير حول مواقفها. وقد انعكس الاهتمام بالرأي العام في العالم العربي على آليات عمل المنظومات الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية.

وتنقل "هآرتس" عن محافل في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قولها إن تفجر ثورات الربيع العربي أسهم في زيادة اهتمام النخب الإسرائيلية الأمنية بالرأي العام العربي، حيث رأت أن تفجر هذه الثورات كان نتاج تعاظم مكانة وتأثير الجماهير العربية على دائرة صنع القرار في العالم العربي.

وقد وصل المعلقون الإسرائيليون إلى استنتاج مفاده أنه يتوجب على تل أبيب ألا تستبعد استئناف حالة القطيعة مع العالم العربي، حيث إن الثورات العربية ستقلص فرص التقارب مع تل أبيب، ويجزم سفير إسرائيل الأسبق في الأردن عوديد عيران بأن الربيع العربي قضى على فرص تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي.

وقد مثلت الروح التي جلبها الربيع العربي في كل ما يتعلق بتعاظم دور الرأي العام في العالم العربي معضلة أمنية لإسرائيل، حيث إنه بعد أن كانت محافل التقدير الإستراتيجي في تل أبيب تتابع ما يجري في العالم العربي من خلال رصد سلوك الأنظمة وجس نبضها، فإن دخول الرأي العام كلاعب رئيس عقّد هذه المهمة.

وتنقل "هآرتس" عن مصادر في الاستخبارات الإسرائيلية قولها إن تعاظم تأثير الرأي العام على صنع القرار في العالم العربي بعد الثورات قلص قدرة الاستخبارات على متابعة ما يجري في العالم العربي.

إن أحد الاستنتاجات التي وصل إليها الكثير من النخب الصهيونية وعكستها تغطية الصحف الإسرائيلية، هي الدعوة إلى إعادة النظر في الصورة النمطية للإنسان العربي، وإعادة تقييم الانطباعات المسبقة عنه والأحكام الجاهزة التي تراكمت بشأنه، والتي رأت أنه "مستكين، جبان، يقبل الدونية". وبالفعل فقد زادت ثورات الربيع العربي من احترام النخب الإسرائيلية للشباب العربي بسبب ثورته ضد أنظمة القمع. فحتى شخص مثل يوفال ديسكين الرئيس السابق لجهاز المخابرات الداخلية "الشاباك"، والمعروف بمواقفه العنصرية تجاه العرب، قد أبدى إعجابه بميل الشباب العربي للتضحية بالروح من أجل مبادئه.

الثورة المصرية

إن أكثر ما أثار مخاوف الإسرائيليين بعد تفجر الثورات العربية هو نمط انعكاساتها المحتملة على مستقبل العلاقة مع مصر، بفعل تأثير طابع هذه العلاقة على مفهوم "الأمن القومي" الإسرائيلي.

وقد طغت التوقعات السوداوية على السيناريوهات التي رسمها المعلقون الإسرائيليون لمستقبل العلاقة مع مصر في أعقاب تفجر الثورة المصرية وخلع الرئيس مبارك.

وأشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن إسرائيل خشيت أن تؤدي ثورات الربيع العربي إلى إيجاد بيئة داخلية مصرية تحول دون تواصل احترام اتفاقية "كامب ديفيد"، التي تعتبر أهم ركائز الأمن القومي الإسرائيلي، واهتمت الصحف الإسرائيلية بنقل تقييمات وزير الدفاع الإسرائيلي السابق إيهود براك، الذي أكد أن الثورة المصرية تمثل "خطرا حقيقيا على مصير معاهدة "كامب ديفيد"، متوقعا أن تتنافس الأحزاب المصرية بعد الثورة في ما بينها على إظهار عدائها لكل من إسرائيل والولايات المتحدة، حيث حذر من أن مثل هذا السيناريو يعني زيادة النفقات الأمنية بشكل جذري، وهذا ما يدفع تل أبيب للتحسب للأسوأ.

ومن خلال رصد اتجاهات تغطية الصحف الإسرائيلية للثورة المصرية، فإنه يمكن الإشارة إلى المحاور التالية:

 

أولا- تبعات الثورة المصرية الإستراتيجية والاقتصادية على إسرائيل:

لقد عبرت الصحف الإسرائيلية عن خشيتها من أن تؤدي الثورة المصرية إلى انهيار مظاهر الشراكة الإستراتيجية التي أرساها نظام مبارك مع إسرائيل، وهذا ما أشار إليه معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "هآرتس" يوسي ميلمان، الذي توسع في الحديث عن دور مدير المخابرات العامة المصرية الأسبق عمر سليمان في دفع هذه الشراكة قدما.

وأثارت نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية وفوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي جدلا قويا داخل الوسط الإعلامي الإسرائيلي، حيث دعا الساسة ومعلقو الصحف إلى التحوط للأسوأ، وعدم استبعاد نشوب مواجهة عسكرية مع مصر.

ودعا الكثير من الساسة والمعلقين الإسرائيليين إلى إعادة الاعتبار إلى قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي المسؤولة عن جبهة الحدود مع مصر، على اعتبار أن فوز مرشح الإخوان المسلمين يحمل في طياته إمكانية تفجر الجبهة الجنوبية.

واعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن الخطر الذي تمثله مصر بعد فوز مرسي أكبر بكثير من الخطر الذي يمثله البرنامج النووي الإيراني، وإن الأمر بات يتطلب توجيه الموازنات لمواجهتها.

ونصح حنان جولدبيرغ، المعلق العسكري لصحيفة "معاريف" الرأي العام الإسرائيلي بأن يتعود على التوتر الأمني مع مصر في ظل الثورة المصرية وصعود الإخوان المسلمين، مشددا على أن الحدود المصرية "الإسرائيلية" أصبحت بيئة أمنية جديدة.

وتناولت الصحف الإسرائيلية الكلفة المالية للجهد الحربي الإسرائيلي في عهد مرسي، حيث كشفت صحيفة "معاريف" النقاب عن أن هيئة أركان الجيش قد طالبت بإضافة 15 مليار شيكل (أربعة مليارات دولار) لموازنة الأمن من أجل إعادة تأهيل قيادة الجبهة الجنوبية في الجيش لتصبح قادرة على مواجهة التحولات بعد الانتخابات الرئاسية في مصر.

إن إحدى الوقائع التي تعكس طابع تأثير التحول الذي حدث في مصر بعد انتخاب مرسي على إسرائيل -كما وثقته الصحف الإسرائيلية- هي زيادة عدد الضباط في شعبة الاستخبارات العسكرية، حيث ارتفع عددهم بنسبة 25% لمواجهة التحديات الناجمة عن هذا التحول.

وقد ذهب المستشرق الإسرائيلي يهودا دحوح هليفي إلى حد توقع نشوب حرب مع مصر، لا سيما بعد أن اتخذت لجنة الشؤون العربية في أول مجلس شعب مصري منتخب بعد الثورة قرارا باعتبار إسرائيل هي "العدو الذي يمثل التهديد الأبرز على الأمن القومي المصري".

لكن مما لا شك أن أخطر تداعيات الثورة المصرية التي حذرت الصحف الإسرائيلية من خطورة تجسدها في المستقبل تتمثل في إمكانية أن تقدم القيادة المصرية في المستقبل على إلغاء اتفاقية "كامب ديفيد"، لا سيما في حال وصل للحكم في القاهرة نظام حكم يرفض مواصلة احترام هذه الاتفاقية.

وقد اهتمت صحيفة "ذي ماركير" الاقتصادية بإيضاح العوائد الاقتصادية الهائلة التي حصلت عليها إسرائيل في أعقاب اتفاقية "كامب دفيد"، وإبراز حجم "الكارثة" التي ستحل بتل أبيب في حال تم إلغاؤها. وأشارت الصحيفة إلى أن موازنة الأمن الإسرائيلية كانت قبل التوقيع على "كامب ديفيد" تشكل 47% من الموازنة العامة للدولة، في حين أنها أصبحت بعد التوقيع على الاتفاقية تشكل 16% من الموازنة، وهذا يعني أن الاتفاقية أتاحت لصناع القرار في إسرائيل توجيه موارد الدولة لمجالات أخرى بما يمنح إسرائيل القدرة على توسيع مجال الخدمات للجمهور الإسرائيلي من جهة، وفتح المجال أمام مرافق الإنتاج لتكثيف التصدير، مما يعزز النمو الاقتصادي من جهة أخرى.

وكان من الواضح أن الأزمة الاقتصادية -في نظر الكثير من المعلقين- ستؤدي إلى تقليص هامش المناورة أمام القيادة الإسرائيلية، ولن يكون بإمكان دوائر صنع القرار في تل أبيب أن تتخذ قرارات بشكل مستقل عن الإدارة الأميركية، لحاجتها الكبيرة لدعم واشنطن.

وحسب وزير الدفاع السابق إيهود براك، فإن تأمين النفقات الأمنية الناجمة عن تفجر الثورة المصرية يستدعي أن تقدم الولايات المتحدة لإسرائيل عشرين مليار دولار إضافية لموازنة الأمن.

ويرى الباحث في الشؤون الإستراتيجية عومر جندلر أن طلب مساعدات أميركية يعني زيادة ارتباط إسرائيل بالولايات المتحدة بشكل يقلص من هامش المناورة السياسية لدى النخب الحاكمة في تل أبيب، مع العلم أن إسرائيل سعت قبل ثورات الربيع العربي إلى تقليص اعتمادها المادي على الولايات المتحدة.

إن إحدى مخاطر الثورة المصرية -التي سلطت عليها النخب الإسرائيلية الضوء- هو علاقة مصر بالمقاومة الفلسطينية، حيث اعتبرت أن هامش المناورة المتاح أمام إسرائيل في مواجهة المقاومة الفلسطينية سيتقلص بشكل كبير في حال صعد للحكم نظام يناصر المقاومة. ويرى المعلق السياسي في صحيفة "معاريف" بن كاسبيت أن أكثر ما عكس "خطورة" حكم مرسي على الأمن القومي الإسرائيلي هو إسهامه في تحصين المقاومة الفلسطينية والدفاع عنها، كما حدث خلال حرب "عمود السحاب" في نوفمبر/تشرين الثاني 2012.

 

ثانيا- الدعوة إلى إفشال مرسي:

ولقد وثقت صفحات الجرائد في إسرائيل دعوات صريحة أطلقتها النخب الإسرائيلية للعمل على إسقاط حكم مرسي عبر إفشاله. فقد دعا المستشرق الإسرائيلي إيال زيسير في صحيفة "إسرائيل اليوم" إلى إفشال مرسي، على اعتبار أن "هذا "ما تقتضيه مصلحة إسرائيل الإستراتيجية، لأن التخلص من حكمه يوقف تحقق سيناريو الرعب الذي بشر به الربيع العربي".

وحذر المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرنوت" رون بن يشاي من أن مرسي قد غير قواعد اللعبة في المنطقة بما لا يخدم مصالح إسرائيل، وهذا ما يفرض على الولايات المتحدة التدخل. ولفت البرفسور إفرام كام نائب مدير "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي إلى حقيقة أن مرسي أضر بمصالح إسرائيل والغرب، لأنه تمكن من نسف التصور الغربي لموازين القوى داخل مصر بشكل واضح.

ولم تكتف النخبة الإسرائيلية بالتحريض على مرسي وحكمه، بل بالغت في تحريضها على جماعة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص. فقد نقلت "معاريف" فحوى تقرير أصدره معهد "فيزنتال" (أهم مركز أبحاث يهودي في العالم) والذي اعتبر محمد بديع -مرشد "الإخوان المسلمين"- أكثر شخص حرض على اليهود في العالم، حيث اعتبر التقرير أن بديع هو أخطر شخص على اليهود في العالم.

 

ثالثا- الرهان الإسرائيلي على العسكر:

إن التخوف من وصول نظام حكم في القاهرة يغيّر من سياسات مصر تجاه تل أبيب، جعل الكثيرين في إسرائيل يفصحون عن طابع رهاناتهم على قادة الجيش المصري، وقد منحت الصحف الإسرائيلية مساحات واسعة لآراء الكثير من النخب السياسية التي أوضحت بشكل واضح وصريح أن مصلحة إسرائيل تقتضي حفاظ قادة العسكر في مصر على صلاحيات الحكم الرئيسة، لا سيما في كل ما يتعلق بالعلاقات الخارجية وقضايا الأمن القومي.

فقد نقلت صحيفة "ذي ماركير" الاقتصادية عن وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق بنيامين بن إليعاز قوله إن احتفاظ العسكر في مصر بصلاحياتهم وعدم نقلها للمؤسسات المدنية يمثل مصلحة إستراتيجية لإسرائيل. وقد نقلت "يديعوت أحرنوت" عن محافل أمنية كبيرة قولها إن "الأمن القومي" الإسرائيلي بات يتوقف على تعاون قادة الجيش المصري.

 

رابعا- الاحتفاء الإسرائيلي بالانقلاب:

إن مظاهر احتفاء الصحافة الإسرائيلية بالانقلاب الذي أدى إلى عزل الرئيس مرسي كانت واضحة وفظة إلى حد كبير. وقد عبر عن هذا الاحتفاء أوضح تعبير معلق الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس" آرييه شافيت، الذي كتب قائلا "إن الجنرال عبد الفتاح السيسي هو بطل إسرائيل، فلا يحتاج المرء أن تكون لديه عين ثاقبة بشكل خاص حتى يكتشف حجم التشجيع العميق والإعجاب الخفي الذي تكنه النخبة الإسرائيلية تجاه قائد قوات الجارة الكبرى من الجنوب، الذي قام للتو بسجن الرئيس المنتخب الذي قام بتعيينه في منصبه".

وواصل شفيت توصيفه لحجم السعادة التي غمرت إسرائيل في أعقاب الانقلاب، قائلا "وفي الوقت الذي يحتدم الجدل في الولايات المتحدة بشأن الموقف من التنوير غير الديمقراطي الذي يمثله الجنرال السيسي والديمقراطية غير المتنورة للرئيس مرسي، فإنه في إسرائيل لا يوجد ثمة جدل حول هذه المسألة، فكلنا مع السيسي، كلنا مع الانقلاب العسكري، كلنا مع الجنرالات حليقي اللحى، الذين تلقوا تعليمهم في الولايات المتحدة، ونحن نؤيد حقهم في إنهاء حكم زعيم منتخب وملتح، مع أنه أيضا تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، ومع أن هؤلاء الجنرالات كان يتوجب أن يكونوا خاضعين لتعليماته، كما هو الحال في النظم الديمقراطية ".

وعلى الرغم من أن المستشرق الإسرائيلي تسفي بورست يتوسع في تقديم الأدلة التي تدلل على أن جماعة الإخوان المسلمين ليست منظمة إرهابية، وأن عزل مرسي كان انقلابا عسكريا غير شرعي، فإنه في المقابل يجزم أن هذه الخطوة مفيدة جدا لإسرائيل، على اعتبار أن مخاطر بقاء حكم جماعة الإخوان المسلمين على إسرائيل كانت هائلة.

إن أحد أهم أسباب الاحتفاء الإسرائيلي بالانقلاب الذي قاده السيسي هو حقيقة الانطباع السائد بأن سلطة السيسي هي امتداد لحكم مبارك. فقد كتب المستشرق الصهيوني إيال زيسر في "إسرائيل اليوم"، حيث أقر بأنه لم يعد لإسرائيل حاجة في الإفراج عن مبارك وعودته للحكم، على اعتبار أن حكومة السيسي تلتزم بمنهجه.

ويؤكد دان مرغليت -كبير معلقي صحيفة "إسرائيل اليوم" المقربة من نتنياهو- أنه على الرغم من أن إسرائيل الرسمية حافظت على الصمت وامتنعت عن التعليق على الانقلاب لدواع معروفة، فإنها سعيدة جدا بإسقاط حكم الإخوان، وستكون سعادتها مضاعفة في حال تم إنهاء حكم الإسلاميين في كل البلدان التي صعدوا للحكم فيها في أعقاب الربع العربي.

وقد نشرت صحيفة "إسرائيل اليوم" مقالا للمفكر اليهودي دانييل بايس رئيس منتدى "الشرق الأوسط" في واشنطن، وأبرز منظري المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، شرح أسباب سعادته بالانقلاب على مرسي وإشادته بخطوة الجيش المصري.

ترويج الانقلاب

لقد كانت الصحافة الإسرائيلية أول من فضح مظاهر تجند إسرائيل لخدمة سلطات الانقلاب، فقد كشفت صحيفة "هآرتس" النقاب عن أن الحكومة الإسرائيلية توجهت من خلال عدة قنوات لمسؤولين كبار في الإدارة الأميركية مطالبة بعدم المس بالمعونات الأميركية المقدمة للجيش المصري والتي تقدر بـ1.3 مليار دولار في أعقاب الانقلاب، على اعتبار أن قطع المساعدات سينعكس سلبا على الأمن القومي لإسرائيل. وقد دعا سفير إسرائيل الأسبق في القاهرة تسفي مزال العالم إلى إعداد خطة مساعدات اقتصادية ضخمة لسلطة الانقلاب في مصر على غرار خطة "مارشال" التي قدمها الغرب لألمانيا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة تقلص فرص فشل الانقلاب وعودة الإسلاميين للحكم.

وقد دعا مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلي الأسبق ألون ليفين دوائر صنع القرار في تل أبيب إلى تحديد مكامن الخطر الاقتصادي التي تهدد حكم العسكر والمسارعة بتقديم المساعدة على حلها، لا سيما مشكلتي المياه والزراعة، مع تقديم اقتراح بعرض إمكانية استفادة مصر من القدرات التقنية والعلمية لإسرائيل لتقليص مظاهر تأثير هاتين المشكلتين، على اعتبار أن استقرار سلطة العسكر يمثل "مصلحة إسرائيلية" عليا لإسرائيل.

وقد أكدت النخب الإسرائيلية أن سلوك قادة سلطة الانقلاب دلل على واقعية الرهان الإسرائيلي عليه، فقد أكد معلقو الصحف الإسرائيلية أن سلطة الانقلاب أسهمت في تعزيز الأمن "القومي الإسرائيلي" من خلال حربها على الحركات الإسلامية داخل مصر، وتشديدها الخناق على حركات المقاومة في قطاع غزة.

واستند المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرنوت" رون بن يشاي إلى التقدير الإستراتيجي الذي أعدته المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشأن توقعاتها لعام 2014، ليؤكد أن تحولا طرأ على سياسة الجيش المصري بعد عزل مرسي، لا سيما في ما يتعلق بتشديد الحصار على المقاومة في غزة، مشيرا إلى أن السياسة التي يتبعها الانقلاب في مصر ضد المقاومة الفلسطينية في غزة قلصت من قدرتها على فتح مواجهة مع "إسرائيل".

واعتبر بن يشاي أن الوضع الجيوإستراتيجي لإسرائيل قد تحسن كثيرا بفعل الانقلاب في مصر والتحولات في سوريا، حيث انشغل أكبر جيشين في العالم العربي بمواجهة الأوضاع الداخلية والتصدي لخصوم داخليين.

ويكشف المراسل السياسي لصحيفة "معاريف" إيلي بردنشتاين النقاب عن أن النفوذ الذي تحظى به إسرائيل لدى قادة العسكر في مصر قد ساعدها على تعزيز مكانتها لدى الولايات المتحدة.

ويورد بردشتاين مثالا يدلل به على ما ذهب إليه، حيث أكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو الذي بادر بالاتصال بقادة العسكر أثناء حكم المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي وأقنعه بالإفراج عن القائمين على منظمات حقوقية مصرية -كان بينهم أميركيون- بعد أن كانوا يواجهون خطر تقديمهم للمحاكمة بسبب مخالفات ارتكبوها.

لكن معلقين إسرائيليين استفاضوا في إبراز دوافع غزل سلطة الانقلاب تجاه إسرائيل، وحرص هذه السلطة على التقرب من تل أبيب، ففي مقال كتبه في صحيفة "إسرائيل اليوم" أوضح الجنرال روؤفين بيركو -الذي شغل في الماضي مناصب حساسة في شعبة الاستخبارات العسكرية- أن السيسي يهدد حماس ليقنع أميركا أن بإمكانها الاعتماد عليه.

لقد ركزت الصحف الإسرائيلية على إبراز اتساع وتعميق التعاون الإستراتيجي بين تل أبيب وسلطة الانقلاب، لدرجة أن معلق الشؤون العربية في موقع "وللا" الإخباري آفي سيخاروف يجزم بأن العلاقات الإسرائيلية المصرية لم تكن في يوم من الأيام أفضل مما هي عليه في عهد سلطة الانقلاب.

وقد زخرت الصحف الإسرائيلية بالمقالات التي تدعو إلى استغلال الانقلاب في تعزيز التنسيق مع السلطات الجديدة في تشديد الحرب على الإسلاميين، فلم يتورع قائد سلاح البحرية الإسرائيلي السابق إليعازر مروم في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" عن دعوة دوائر صنع القرار في إسرائيل إلى تزويد سلطة الانقلاب بالمعلومات اللازمة في حربها ضد الإسلاميين، على اعتبار أنهم يمثلون عدوا مشتركا لإسرائيل وللسيسي.

إن إحدى أهم الحجج العنصرية التي حاولت النخبة الإعلامية الإسرائيلية الاعتماد عليها في تبرير احتفائها بالانقلاب ودفاعها عنه هي الزعم بأنه في كل ما يتعلق بالعالم العربي فإن الاستقرار أهم من التحول الديمقراطي، على اعتبار أن التحول الديمقراطي يفضي في الأغلب إلى صعود الإسلاميين.

ورغم أن عددا كبيرا من الساسة والصحافيين الإسرائيليين قد رددوا هذه الحج فإن أكثرهم توظيفا لها كان بلا شك بوعاز بسموت -المعلق السياسي في صحيفة "إسرائيل اليوم" أوسع الصحف الإسرائيلية انتشارا- الذي حث الغرب على عدم تشجيع التحول الديمقراطي الذي يفضي إلى صعود الحركات الإسلامية التي تهدد المصالح الغربية على وجه الخصوص. وفي مقال آخر دافع بسموت عن عزل مرسي، على الرغم من أنه يقر بأن ما جرى انقلاب، على اعتبار أن مصر تحتاج إلى "مبارك جديد".

وقد نشرت صحيفة "إسرائيل اليوم" مقالا لكبير الباحثين في "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي إفرايم كام حذر فيه من فشل الانقلاب الذي قاده وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي، معتبرا أن مصلحة إسرائيل الإستراتيجية تقتضي "نجاح تحالف العسكر والليبراليين في إدارة شؤون مصر وكبح جماح الإسلاميين". ونشرت صحيفة "إسرائيل اليوم" مقالا لوزير القضاء الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين الذي سبق له أن رأس حركة "ميريتس" اليسارية، دعا فيه الرئيس أوباما إلى تعديل القانون الأميركي ليسمح بمساعدة السيسي.

وقد دعا المعلق دان مرغليت دول العالم إلى "التكاتف" من أجل إخراج "الإخوان المسلمين" من الحكم في كل البلدان التي وصلوا إليها ومنع عودتهم ثانية. وقد امتدحت النخب الإعلامية الإسرائيلية حرص سلطة الانقلاب في مصر على إيجاد مناخ ثقافي يهدف ليس فقط إلى الاعتراف بإسرائيل، بل يؤسس لنسف الرواية العربية للصراع وتبني الرواية "الإسرائيلية".

وقد عنيت وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل كبير وموسع بما صدر عن عدد من الكتاب المصريين من المتحمسين للانقلاب الذين حرص بعضهم على تبني الرواية الإسرائيلية للصراع العربي الإسرائيلي.

وفي مقال نشره في موقع "المونتور" احتفى الكاتب الإسرائيلي جاكي حوكي بشكل خاص بانتقاد بعض الكتاب المؤيدين للانقلاب الموقف العربي من وعد بلفور الذي منح لليهود الحق في إقامة "وطن قومي" على أرض فلسطين.

وعلى الرغم من أن الأغلبية الساحقة من المعلقين الإسرائيليين احتفت بالانقلاب وخاضت عملية عصف فكري بشأن سبل دعمه فإن هناك قلة من المعلقين اعتبرت أن الدفاع عن الانقلاب لا يعدو كونه "نفاقا" كما ذهب إلى ذلك جون لينتسير الذي قال إن الإسرائيليين الذين يرفضون أي تدخل للجيش والمستوى العسكري في الحياة المدنية الإسرائيلية يبدون حماسا للانقلاب الذي أدى إلى عزل أول رئيس مصري منتخب.

 

الأسد.. مصلحة إسرائيلية

وفي ما يتعلق بسوريا احتدم في البداية جدل في إسرائيل بعيد تفجر الثورة السورية بشأن المآلات المفضلة بالنسبة لإسرائيل، حيث إن هناك من كان يرى أن إسقاط نظام عائلة الأسد يخدم مصالح إسرائيل أكثر من إبقائه، في حين كان البعض يرى أن الإبقاء على النظام يخدم مصالح إسرائيل الإستراتيجية بشكل أفضل.

لكن سرعان ما حدث تحول واضح في موقف النخب السياسية والإعلامية الإسرائيلية، وعلى وجه الخصوص بعدما تم التخلص من السلاح الكيميائي السوري إثر توقيع الاتفاق الروسي الأميركي بهذا الشأن.

فيكاد يكون هناك إجماع حاليا داخل تل أبيب على تفضيل بقاء نظام الأسد، وهذا ما وجد تعبيره في التصريح الذي نقلته معاريف عن الوزير يعكوف بيري الذي أكد أن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر لشؤون الأمن بات يرى أن إبقاء النظام يعد أفضل السيناريوهات التي تخدم المصلحة الإسرائيلية، وقد تجند للدفاع عن بقاء نظام الأسد رئيس أركان الجيش الصهيوني الأسبق دان حلوتس الذي نقلت عنه صحيفة "جيروزاليم بوست" قوله "مصلحتنا الإستراتيجية تقتضي بقاء نظام الأسد".

وقد اعتبر القائد الأسبق للاستخبارات شلومو غازيت في مقال نشرته "هآرتس" أن انتصار الجماعات الإسلامية على نظام الأسد سيكون أكثر كلفة لإسرائيل من انتصار النظام وحزب الله، على اعتبار أن هذه الجماعات غير قابلة للردع، في حين أن نظام الأسد وحزب الله ثبت أن بالإمكان ردعهما.

ولم يتردد غازيت في دعوة الحكومة الإسرائيلية إلى تسهيل وصول السلاح السوري إلى حزب الله حتى لا يقع في أيدي الجماعات الجهادية، لكن النقطة التي لم يكن ثمة جدال بشأنها هي مصلحة إسرائيل في إطالة أمد المواجهة داخل سوريا.

ويرى معلق الشؤون الاستخبارية في موقع "وللا" الإخباري يوسي ميلمان أن إطالة أمد المواجهة لا يضمن فقط إرهاق الطرفين، بل يسمح بتحسين قدرات إسرائيل الاستخبارية ويمكنها من جمع معلومات بالغة الأهمية والقيمة. إن أحد العوائد الإستراتيجية للمواجهة الداخلية في سوريا -كما ترصدها إسرائيل- تتمثل في أنها مثلت فرصة لحدوث تقارب مع روسيا.

ففي مقال نشره في صحيفة "إسرائيل اليوم" أوضح دوري غولد -المستشار السياسي لنتنياهو- أن كلا من إسرائيل وروسيا تتشاركان المخاوف من إمكانية سيطرة الجهاديين على سوريا، وهذا مسوغ للتقارب بين الجانبين. وقد أوضح المستشرق الإسرائيلي يرون فريدمن أن اعتبارات الأمن القومي الإسرائيلي توجه سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا، مشيرا إلى أن إدارة أوباما لن تسقط الأسد خشية أن تقع سوريا تحت سيطرة الإسلاميين، مما يهدد إسرائيل.

 

إسرائيل ومحور الاعتدال

إن أحد التحولات التي لفتت الصحافة الإسرائيلية الأنظار إليها هي حقيقة أن تفجر الثورات العربية أدى إلى التقاء مصالح بين إسرائيل من جهة والأنظمة العربية التي تضررت من هذه الثورات، وهذا ما دفع معلق الشؤون العربية عدوديد جرانوت لدعوة صناع القرار في تل أبيب إلى استغلال هذا التحول وزيادة التنسيق مع الأنظمة العربية التي تشارك تل أبيب مخاوفها من الربيع العربي.

وقد أوضح جرانوت أن الأنظمة العربية التي تشارك إسرائيل مخاوفها من الربيع العربي تشمل بشكل خاص الأردن ومعظم الدول الخليجية. 

وقد أشاد السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة تسفي مزال بالسياسة التي اتبعتها العديد من الدول العربية ضد حكم مرسي ورفضها تقديم المساعدة لمصر تحت حكمه. ودعا الكاتب اليميني أمنون لورد في مقال نشره في صحيفة "معاريف" إلى توظيف التقاء المصالح مع بعض الدول العربية في مواجهة المخاطر المشتركة التي تواجه إسرائيل وأنظمة الحكم في محور الاعتدال العربي.

وفي مقال نشرته النسخة العبرية لموقع "جيرزواليم بوست" أوضح رئيس الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يدلين أن مظاهر التقاء المصالح بين إسرائيل وبعض الدول العربية التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع تل أبيب باتت غير مسبوقة. ويرى رئيس هيئة أركان قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي سابقا الجنرال تسفيكا أن التقاء المصالح بين إسرائيل من جهة ودول معسكر الاعتدال في العالم العربي من جهة أخرى وفر لإسرائيل ظروفا مثالية للإقدام على إسقاط حكم حركة حماس في غزة والقضاء عليها تماما.

ومما لا شك فيه أن أحد المخاوف التي أثارها الربيع العربي لدى صناع القرار في تل أبيب هو الخوف من إمكانية المس باستقرار نظام الحكم في الأردن الذي يوصف في تل أبيب بأنه أهم حلفاء إسرائيل الإقليميين.

وقد عبر دوري غولد -المستشار السياسي لنتنياهو- في مقال نشره في صحيفة "اسرائيل اليوم" عن هذا الموقف بصراحة. وفي مقال نشره في "هآرتس" اختار الوزير الإسرائيلي الأسبق الجنرال أفرايم سنيها الحديث عن دور التعاون الأمني والتنسيق الاستخباري مع الأردن في حماية "الأمن القومي" الإسرائيلي، مؤكدا أن آلاف الإسرائيليين "مدينون ببقائهم على قيد الحياة للجهود التي بذلتها المخابرات الأردنية".

وقد اعتبر وزير القضاء الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين أن وجود النظام الأردني على الحدود الشرقية لإسرائيل يمثل "أكبر نعمة تحظى بها الدولة اليهودية ".

وفي مقال نشره موقع صحيفة "إسرائيل اليوم" هاجم بيلين بشدة النخب اليمينية الإسرائيلية التي تطالب بتحويل المملكة الأردنية إلى دولة فلسطينية، مشيرا إلى أن وجود النظام الأردني الحالي يمثل مصلحة إستراتيجية لإسرائيل.

عودة الربيع

على الرغم من أن النخب السياسية والإعلامية في إسرائيل ترى أن الواقع السياسي والأمني الذي أرساه الانقلاب في مصر واستعصاء الأوضاع في سوريا والتقاء المصالح مع "محور الاعتدال" قد منح تل أبيب هامش تحرك واسع في كل الجبهات تقريبا فإن هناك من يحذر من أن المنطقة تقف على رمال متحركة، وأن عدم الاستقرار في مصر والمنطقة بشكل عام يمكن أن يجلب مفاجآت كارثية لإسرائيل.

إن أكثر ما يعكس المخاوف الإسرائيلية من المستقبل هو ما جاء في التقييم الإستراتيجي لعام 2014، والذي أعدته الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية: شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) والمخابرات الخارجية (الموساد) والمخابرات الداخلية (الشاباك)، فقد أشار التقرير بشكل واضح إلى أن حالة عدم الاستقرار في المنطقة يمكن أن تستمر لوقت طويل، ويمكن أن تفضي إلى تحولات سلبية تنسف التحولات "الإيجابية" التي استفادت منها إسرائيل.

وقد كان الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال عاموس يادلين أكثر وضوحا في تفصيل مخاوفه من المستقبل، حيث أشار إلى أنه سيكون من الصعب على الشعب المصري تقبل حكم ""دكتاتورية عسكرية" بعدما تنفست الجماهير المصرية رائحة الحرية.

وفي مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" حذر يادلين من مغبة ركون إسرائيل للتطورات في مصر وعدم وضع خطط لمواجهة سيناريوهات أكثر خطورة على الجبهتين المصرية والسورية، على حد سواء.

وينقل المعلق العسكري لصحيفة "معاريف" عمير رايبوبورت عن مصدر كبير في الاستخبارات الإسرائيلية قوله "نحن نعيش أوضاعا معقدة وبيئة إقليمية مستحيلة، فالتحولات التي كانت تستغرق سنين وحتى عقودا، يمكن أن تحدث الآن في أيام وحتى في ساعات".

اخبار ذات صلة