شمس نيوز / عبدالله عبيد
ازدادت جرائم القتل في قطاع غزة الفترة الأخيرة، والتي أثارت حالة من الصدمة وسط مخاوف من وقوع مزيد من هذه الحالات، في ظل الواقع الاقتصادي المتردي نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع والانقسام الفلسطيني الداخلي .
في ظل ازدياد حالات القتل في غزة ازدادت حدة مطالبات أهالي المغدورين بتطبيق حكم الإعدام على القتلة الذين ارتكبوا جرائم قتل متنوعة بحق أبنائهم ، لتطبيق القانون والحد من الجريمة وجعل حكم الإعدام فيه العبرة لمن يحاول ارتكاب جرائم قتل جديدة.
ساجد شراب نجل الحاج المغدور أمين شراب الذي قُتل عام 2013 بمدينة خانيونس، طالب الجهات المسؤولة المتنفذة في غزة الإسراع بالقصاص ضد قتلة والده، مؤكداً على ضرورة أن يأخذ القانون مجراه في قضايا القتل.
وأشار شراب خلال حديثه لـ"شمس نيوز" إلى أن المتورطين الثلاثة في قتل والده قد حكم عليهم منذ أن تم الإمساك بهم ، موضحاً أن واحد منهم فقط حكم عليه بالإعدام والآخرين بالمؤبد، مطالباً بحكم إعدامهم جميعاً وبشكل سريع.
وأضاف " هم ثلاثة أشخاص قاموا بقتل أبي واحد منهم حكم عليه بالإعدام والاثنين الآخرين حكما مؤبد، ونحن نطالب منذ أن قضية القتل بإعدامهم الثلاثة، لأنه في حال تمت المماطلة سنأخذ ثأرنا بأيدينا".
ارتكاب جرائم
وفي هذا السياق، حذر كامل المصري، ابن عم الشاب المغدور محمد المصري الذي قتل في إبريل الماضي بعد العثور عليه مدفونا لمدة أسبوع في خانيونس، من عدم تطبيق القانون عقوبة الإعدام بحق مرتكبي جرائم القتل في غزة.
وقال المصري لمراسل "شمس نيوز": القتل في غزة يزداد يوماً عن الآخر ولا رادع له، وفي حال لم يتم تنفيذ العقوبات على المجرمين سيقدم آخرين على ارتكاب جرائم قتل أخرى"، مشيراً أيضاً إلى أن أهالي المغدورين سيتطرقون إلى أخذ القصاص بأيديهم.
وأضاف: أتمنى أن تخرج عقوبة الإعدام عن المناكفات السياسية بين فتح وحماس، وأن يصدر الرئيس عباس مرسوماً بتنفيذ حكم الإعدام على المجرمين بأسرع وقت حتى يتم ردعهم، وبالنهاية نحن نطالب بالقصاص وليس بقرار سياسي"، على حد تعبيره.
وقال أحمد بحر النائب الأول لرئاسة المجلس التشريعي:"سندرس الموضوع بكل أبعاده للوصل للأحكام العادلة وتطبيقها في ظل تخلى الرئيس محمود عباس عن التنفيذ والمصادقة على حكم الإعدام"، واعداً العائلات بدراسة الموضوع وأخذه على محمل الجد.
مصادقة الرئيس
الخبير في القانون الدولي، صلاح عبد العاطي يؤكد عدم جواز إصدار أي قرار إعدام بحق مرتكبي جرائم على خلاف القانون دون مصادقة الرئيس محمود عباس.
وقال عبد العاطي لـ"شمس نيوز": إن "تنفيذ عقوبة الإعدام تتطلب مصادقة الرئيس عباس الذي يملك حق المصادقة وحق العفو"، مشدداً على ضرورة العمل وسوياً من أجل الحد من جرائم القتل.
وأضاف " لا بد النظر أيضاً والأخذ بعين الاعتبار الأسباب التي دفعت مرتكبي جرائم القتل إلى القتل"، لافتاً إلى أن هذه الجرائم تزداد يوماً عن الآخر "وقد تزداد أكثر خلال الفترة القادمة، في ظل تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي".
وطالب عبد العاطي بتطبيق مبدأ سيادة القانون وحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تتسبب في وقوع مثل هذه الجرائم، مشدداً على ضرورة إنهاء الانقسام السياسي وضمان تشكيل حكومة وحدة وطنية وضمان عمل وعودة المجلس التشريعي وضمان استقلالية السلطة القضائية لتحقيق مبدأ سيادة القانون.
13 حكماً بالإعدام
من جهتها طالبت حركة حماس الجهات التنفيذية في غزة وضع الآلية لتنفيذ أحكام الإعدام بحق المحكومين بالإعدام بعد استكمال كافة الإجراءات القانونية والقضائية والشرعية.
حيث قال اسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي خلال لقائه الوجهاء والمخاتير في غزة ، حاملين عريضة تطالب بتنفيذ أحكام الإعدام الأسبوع الماضي: " هذه العريضة سوف يتم تنفيذ ما جاء فيها من نداء ومن مطالبة، الأمر يتعلق بأرواح وبحكم إعدام، لكن يجب أن يكون قد استكمل كل الإجراءات القانونية القضائية التي يكون مفادها أن هذا الحكم صحيح ونافذ ويبقى على السلطة التنفيذية تنفيذ هذه الأحكام".
وذكر أن هناك 13 حكم إعدام جاهزة في المحاكم البدائية والاستئناف والعدل والنقض وأقرت بكل العملية القانونية القضائية، وأضاف " الموضوع متعلق بأمن المجتمع الداخلي وأمن العائلات وأعراضها، أنا أضم صوتي كرئيس لحماس في غزة إلى صوتكم وأدعو الجهات التنفيذية في غزة أن تضع الآلية لتنفيذ هذه الأحكام".
أما حركة فتح فقد اعتبرت إعلان "هنية" بتنفيذ جملة من الإعدامات في القطاع في الوقت القريب، أحكاما خارجة على القانون، ستؤدي إلى مشاكل في المجتمع الفلسطيني ومزيد من سفك الدماء.
وقال جمال محيسن، عضو اللجنة المركزية لفتح: إن أحكام حماس بالإعدام خارجة على القانون"، منوهاً إلى أن تنفيذها سيخلق مشاكل في المجتمع الفلسطيني، وترفع مستوى حالات الثأر والقتل وحدة النزاعات الداخلية"، داعياً للحفاظ على النسيج المجتمعي الفلسطيني.
وأضاف محيسن:" لا يجوز لأي حزب من الأحزاب أخذ القانون بيده، ومصادرة صلاحيات حكومة الوفاق الوطني"، مبيناً أن القانون الأساسي قد ربط تنفيذ أحكام الإعدام بموافقة رئيس السلطة.
مناكفات سياسية
القيادي في حركة الجهاد الإسلامي د. سمير زقوت دعا حركتي فتح وحماس إبعاد الأمور الشرعية والقانونية عن المناكفات السياسية، مبيّناً أن جرائم القتل في غزة بحاجة إلى رادع لتفادي انتشارها.
وقال زقوت لـ"شمس نيوز": لا يستطيع قطاع غزة أن يبقى رهينة للمناكفات السياسية، لأنه لا يمكن لهؤلاء الذين يعتدون على حرمات الناس ويقتلون النفس أن يبقوا دون تطبيق القانون والقصاص"، مشدداً على أن الإنسان الذي يقتل نفساً قصاصه القتل.
واستشهد بقوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا"، موضحاً أن الله حددّ في كتابه العزيز أنه لا خيرة في أي أمر قضاه الله والرسول " والقصاص أمره الله تعالى علينا".
وأضاف " لا يمكن أن ننتظر عشرات السنين كي تقوم الجهات المختصة تنفيذ حكم الإعدام على إنسان اعتدى على غيره وقتل"، لافتاً إلى أن القصاص يجب أن يكون وارداً "وعلى القائمين على مسألة الحكم أن يقوموا بتنفيذ هذه الأحكام".
وأوضح القيادي في الجهاد أنه في حال لم يوقع الرئيس عباس على حكم الإعدام، فعلي المجلس التشريعي أن يقوم تكييف القانون بحيث يسمح بالقصاص من مثل هؤلاء المجرمين"، كما قال زقوت.
بديلاً عن التوقيع
وكان النائب بالتشريعي مشير المصري كشف عن أن المجلس التشريعي "بصدد بلورة موقف قانوني يجد بديلًا في ظل غياب الرئيس محمود عباس؛ وإصراره على عدم التوقيع على تنفيذ الأحكام القضائية بقطاع غزة".
وقال المصري: إن المجلس سيجد الخيار البديل للتنفيذ الأسّلم لتلك الأحكام؛ ولاسيما أن العديد منها أخذت كل درجات التقاضي وتم الانتهاء منها بشكل نهائي"، لافتاً إلى أن توقيع عباس على الأحكام القضائية "ما هو إلا أمر شكلي"، وتنفيذ القانون وإمضاء الأحكام القضائية هو الخيار الأسلم للحفاظ على الأمن المجتمعي.
وعقبت حكومة التوافق على تصريحات بعض قيادة حماس إلى أن توقيع عباس على الأحكام القضائية "ما هو إلا أمر شكلي"، وتنفيذ القانون وإمضاء الأحكام القضائية هو الخيار الأسلم للحفاظ على الأمن المجتمعي. حيث قال الناطق باسمها، يوسف المحمود "هناك ضمانات شديدة لعقوبة الإعدام في القوانين الفلسطينية، وذلك لأن المشرع الفلسطيني قد تعامل بجدية مع قضايا حقوق الإنسان، وضمان المحاكمة العادلة، وهذه العقوبة شرعها القانون الأساسي لغايات ردع المجرمين الخطرين على المجتمع، ومن الممكن للمحاكم أن تحكم بها في مواجهة جرائم جنائية حصرية شديدة الخطورة، إلا أن تنفيذ هذا الحكم يتطلب مسألتين الأولى المراجعة القضائية حيث يستأنف حكم الإعدام تلقائياً حتى لو لم يتقدم الخصوم بذلك، والضمانة الثانية هي ألا يتم تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد التصديق عليه من رئيس الدولة".
وأضاف المحمود، أنه من المستحيل توافر الشروط والضمانات القانونية للحكم بعقوبة الإعدام أو ضمانات تنفيذه في قطاع غزة، لأسباب متعددة تتعلق بعدم إنهاء ما ترتب على واقع الانقسام، وأن المحاكم في غزة ما زالت لا تتبع مجلس القضاء الأعلى الفلسطيني، والنيابة العامة في غزة لا تتبع النائب العام الفلسطيني، وكذلك فإن الشرطة ومراكز الإصلاح والتأهيل في غزة لا تتبع الشرطة الفلسطينية الرسمية، والمسألة الأخرى وهي مسألة دستورية في غاية الأهمية أنه لا يجوز تنفيذ أحكام الإعدام إلا بعد التصديق عليها من رئيس الدولة".
القانون الأساس
اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تؤكد بأن الكلمة الفصل في قضية الإعدام تكون للقانون، حيث عد عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، المحامي غسان الشكعة القانون هو الأساس في هذه القضية.
وقال الشكعة خلال حديثه لـ"شمس نيوز": شاهدت بعض التصريحات التي تقول بأن الرئيس أبو مازن لا يريد التوقيع على عقوبة الإعدام، وأنا أعتبر أن القانون هو الذي يحكم الرئيس ويحكمنا جميعاً".
وأضاف " هناك قاعدة قانونية شرعية تقول (لا اجتهاد في معرض النص)، وبالتالي نعم يجب اللجوء للقانون، وإن كان الرئيس لا يريد التوقيع يعلّق الموضوع على ذمته وهو من يتحمل مسؤوليته"، حسب تعبيره.
ومن ناحية شرعية، يقول الشيخ الداعية ماهر السوسي جاء في نص القرآن " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، وما بينه نص القرآن وسنة الرسول لا يمكن الاستغناء عنه، ويجب العمل به".
وأضاف السوسي خلال حديثه لـ"شمس نيوز": في حكم الشرع والدين القاتل يقتل وهذا ما نصه القرآن الكريم، وهناك أحاديث كثيرة توضح القصاص"، مشدداً على ضرورة قتل من يقتًل عمداً.
وطالب الشيخ الداعية الجهات المختصة بضرورة تطبيق حكم الله في هذه القضية، مضيفاً " لأن شرع الله في القاتل عمداً القتل".