شمس نيوز/ عبدالله مغاري
منذ تلك اللحظة التي هٌجر فيها الفلسطينيون من ديارهم, حُكم عليهم تداخُل السياسة في كافة دهاليز حياتهم, لتصبح حديث المهاجرين في خيام اللجوء, وحديث من اتخذوا على عاتقهم رسم طريق العودة, إلى أن أصبحت السياسة أبرز اهتمامات الفلسطينيين, خلال بداية هذه المرحلة التي أضاعهم فيها صناع القرار, بطريقٍ مليئةٍ بالمنعطفات والمشكلات السياسية التي عمقها الانقسام.
زمن الانقسام هذا الزمن الذي يعتبره الكثيرون الأكثر سوادا بتاريخهم, ففيه خابت آمالهم بكل شيء, حتى بالسياسة نفسها, فباتوا يعزفون عن متابعتها أو الاهتمام بها, بل أصبحت تشكل لهم مصدر إزعاج لا مفر منه, كيف لا بعدما باتوا لا يشاهدون انجازاً مما يُدّعى فيها.
ماذا حدث؟ ولماذا لم يعد المواطن الفلسطيني يستمع بآذان صاغيةٍ لما يقوله صناع القرار؟ خاصة طرفا الانقسام, ولما لم يعد الشباب يهرعون لزيادة وعيهم السياسي كما السابق؟, هل فعلا لأن الكذب بات السمة الغالبة لخطابات هؤلاء الساسة كما يقول المواطنون, وأي هاوية تنتظر شعباً بدأ يترك السياسة جانباً.
لم تعد تهمنا!
الخريج الجامعي محمد غريب, يشير إلى أنه كان من المهتمين بمتابعة الأخبار والقضايا السياسية, قبل أن يصاب بالإحباط ويشعر بفقدان الثقة بكل ما يقوله صناع القرار, لينفر بعدها حتى عن سماع أخبار السياسة.
وقال غريب لـ"شمس نيوز"، كنت من المهتمين جدا بمتابعة الأخبار السياسية في المرحلة الجامعية, وأيضا بعد تخرجي بعام على أمل الحصول على وظيفة إذا حدثت انفراجة سياسية ومصالحة فلسطينية, ولكن بعد التسويف والكذب الذي استنبطته من الحكومتين, ما عدت أهتم إطلاقا للأخبار السياسية" لافتاً إلى أنه لا يحاول في الوقت الحالي زيادة وعيه السياسي, وأن كل همومه تتمحور اليوم في توفير لقمة العيش له ولأسرته.
أما الشاب آدم حمد فيؤكد لمراسل "شمس نيوز" على أن هناك تراجعا في مستوى اهتمامه بالأخبار والقضايا السياسية, مشيرا إلى أن هذا التراجع ناجم عن شعوره بعدم جدوى كل الخطوات السياسية التي يقوم بها أصحاب القرار, خاصة قضية إنهاء الانقسام, معبراً عن استيائه من التصريحات الإعلامية للسياسيين والذين وصفهم بـ"المستخفين بعقول الشباب".
اهتمامات اخرى
ويشير الشاب محمد غريب إلى أن فقدانه الثقة بالسياسة وشعوره بالملل من القضايا السياسية, دفعه للاهتمام بأمور وقضايا أخرى, ليقول "اهتم حاليا بمتابعة الرياضة والأخبار المجتمعية الأخرى, بالإضافة إلى أني ابحث في الانترنت عن طرق جديدة للهجرة لأي دولة أجنبية للعمل ومن ثم العودة في حال تحسن الحال".
أما الفتاة نجلاء عطية فتشير إلى أنها وبعد أن قامت باتخاذ قرارا بعدم متابعة القضايا السياسية, أصبحت تهتم بمتابعة القضايا الأخرى البعيدة عن السياسة, لتقول في حديثها لـ"شمس نيوز" لم أعد أهتم بالسياسة, اليوم أنا أقضي وقتي بمتابعة المسلسلات, وإن أردت تصفح الانترنت أبتعد عن السياسة, وأهتم فقط بالأزياء والموضة أو بأمورٍ ثقافيةٍ أخرى, أنا غير مستعدة لسماع أكاذيب الساسة من جديد".
تهديد جديد
الخبير النفسي د. فضل أبو هين يعزو سبب عزوف المجتمع الفلسطيني والشباب على وجه التحديد عن الاهتمام بالأمور والقضايا السياسية, إلى فقدان الثقة بالسياسة واعتبارهم أنها السبب الرئيس وراء الواقع الصعب الذي يمر به الشعب الفلسطيني.
وقال أبو هين لـ"شمس نيوز": الشعب الفلسطيني شعب سياسي، إن لم يتدخل بالسياسة فإن السياسة تتدخل فيه, لكنه فقد الثقة بها، وأصبحت تعني له الإحباط والمناكفات وانعدام الجدوى, فهي تجر بأذهان الشباب الإحباط والفشل, لذلك عند الحديث عن أي قضية سياسية لا نجد من يتفاعل".
وأشار الخبير النفسي إلى خطورة توقف نبض الحياة السياسية عند الشباب على كافة الأصعدة والمستويات, لافتا إلى أن انسلاخ السياسة عن التركيبة المجتمعية يهدد مستقبل المجتمع مضيفاً "يجب أن نكون مجتمعاً متوازناً يحتوي على كل الفئات ولا يستغني عن احد, لكن السياسة هي التي صنعت الإحباط وأصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهل الشباب، وهذا يشير إلى خطر فقدان الوعي السياسي عند المجتمع".
ولفت الخبير النفسي أبو هين إلى خطورة أخرى تكمن في أن "انتماء الشباب الفلسطيني للأحزاب أصبح مرهوناً بمدى الفائدة المادية منها", مشددا على أن ذلك يؤدي إلى إنتاج فئة مزيفة ومزورة لا تنتمي للواقع السياسي بشكل مهني وصحيح.