شمس نيوز / عبدالله عبيد
لم يكن المواطن أبو أسعد سيف، يتوقع أن تكون الرحلة التي اصطحب فيها أبناءه للاستجمام على شاطئ بحر غزة، ستنتهي بما لا يحمد عقباه، فقد ختم يومه بنقل طفله "خالد" إلى المستشفى على وجه السرعة، بعد أن أصابته سخونة طرحته في الفراش بسبب استحمامه في مياه البحر الملوثة.
ورغم أن شاطئ البحر هو المتنفس الوحيد لسكان قطاع غزة المحاصر، خاصة مع اشتداد درجات الحرارة تزامنا مع عطلة المدارس والجامعات، إلا أن سلطة جودة البيئة حذرت من كارثة بيئية، سيغلق على أثرها البحر خلال أيام أمام المصطافين بسبب ارتفاع درجة التلوث.
وقالت سلطة جودة البيئة في بيان صحفي، إنها تتابع بشديد الأسف ازدياد وتوسع تلوث مياه بحر غزة يوما بعد يوم نتيجة ضخ عشرات الآلاف من الأمتار المكعبة من المياه العادمة غير المعالجة.
وأضافت: حذرنا منذ ثلاثة أسابيع من أن تلوث مياه الشاطئ بلغ أقصى مدىً له منذ سنوات، وزادت نسبة طول الشاطئ الملوث عن 50%" منبهة إلى أن السباحة باتت في أجزاء واسعة منه تشكل خطرا كبيرا على صحة المصطافين، إضافة إلى تلويث البيئة البحرية وتسميم الثروة السمكية".
لا يوجد أماكن ترفيه
وقال المواطن "سيف" لـ"شمس نيوز": لم أكن أعلم أن بحر غزة ملوث بهذا الشكل، ولو كنت أعلم ذلك لما ذهبت إليه، ولما جرى لطفلي ما جرى".
وأشار إلى أنه بعد مغادرتهم البحر ووصولهم للبيت بعد ثلاث ساعات، أصيب ابنه برجفة في جسده، وارتفعت درجة حرارته بشكل كبير. وتابع بالقول: نقلته بسرعة إلى المستشفى، وبحمد الله أجرى له الأطباء الفحوصات وأعطوه العلاجات اللازمة".
وشدد المواطن أبو أسعد على أنه لن يذهب إلى البحر مرة ثانية، بسبب تلوث المياه وكثرة حالات الغرق، مبينا أنه لا يوجد في قطاع غزة مكان للترفيه عن المواطنين سوى شاطئ البحر.
فحص عينات
من جهته، أوضح مسئول المختبر البيئي بسلطة جودة البيئة عطية البرش، أن السلطة فحصت عينات من مياه شواطئ شمال قطاع غزة وحتى جنوبه، وتبيّن أن هناك تلوثاً بلغت نسبته حوالي 50% في شواطئ غزة.
وقال البرش لـ"شمس نيوز": نسبة تلوث شواطئ بحر غزة أعلى من السنة الماضية، حيث كانت في العام الماضي وصلت إلى (10-20%)، مشيراً إلى أن سلطة جودة البيئة، وبالتعاون مع وزارة الصحة، تقوم بتطبيق المواصفات الفلسطينية لمياه الاستحمام الشاطئية.
وأرجع سبب ارتفاع نسبة تلوث الشاطئ إلى تصريف المياه العادمة "مياه الصرف الصحي"، غير المعالجة إلى البحر بشكل مباشر، مضيفاً: يتم تصريف 110 آلاف متر مكعب بشكل مباشر يومياً، من المياه العادمة غير المعالجة في شواطئ بحر غزة".
وأكد البرش أن مياه شواطئ قطاع غزة الملوثة، أصبحت مستودعاً للأمراض الوبائية، وقد تسبب العديد من الأمراض للمصطافين، مطالباً المستجمين بضرورة اتباع التعليمات الإرشادية والابتعاد عن المناطق الملوثة.
خطير جداً
في هذا السياق، قال خالد الطيبي، رئيس قسم مراقبة المياه بوزارة الصحة الفلسطينية، لـ"شمس نيوز" إن "تلوث مياه البحر أمر خطير جداً، وممكن أن يمتد خطره إلى صحة المواطنين بالدرجة الأولى، خاصة فئة الأطفال وصغار السن".
وأضاف الطيبي: نسبة التلوث 50% ليست مركزة في مكان واحد وإنما موزعة في ستة نقاط"، موضحاً أنهم قاموا بمخاطبة الجهات التشغيلية ومطالبتهم بضرورة وضع لافتات إرشادية للدلالة على المناطق الملوثة، ومنع السباحة فيها.
وبيّن أن المناطق الستة الملوثة في بحر قطاع غزةتبدأ من مقابل "معسكر الشاطئ تجاه المشتل وحتى حوض ميناء غزة"، والنقطة الثانية "حوض ميناء غزة" والثالثة "مقابل محررة نيتساريم"، والرابعة مقابل "وادي غزة" والنقطة الخامسة مقابل "محررات خان يونس"، والنقطة السادسة مقابل "رفح الحدود".
وأشار الطيبي إلى أن المشكلة كبيرة وظروف حصار غزة والإغلاق وقطع الكهرباء ساهمت بشكل كبير جداً في هذه المشكلة، مؤكدا توقف محطات معالجة المياه بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
ويعاني سكان قطاع غزة من أزمة كبيرة في الكهرباء منذ أكثر من 7 سنوات عقب قصف طائرات الاحتلال لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة صيف عام 2006، ويقطع التيار يوميا ثماني ساعات عن كل بيت، وقد تمتد ساعات القطع لأكثر من 12 ساعة .