مذهب الرحمة ودفع الشقاء الإنساني
إبراهيم العجلوني
يلتمس «المذهب الإنساني» الحق في القرآن الكريم وفي السيرة النبوية المشرفة.. وهو بهذه المرجعية يرى إلى انسجام الإنسان مع الكون بما هو مهاد مسخر له، وبما هو كون مسبح لله تعالى، فما ثمة صراع مع الطبيعة وما ثم كفران بالله، وما ثم انحياز إلى الأرض في مواجهة السماء أو (بلغة المذهب الإنساني الأوروبي) انحياز إلى الإنسان في مواجهة الله، أو إلى الزمن في مواجهة الأبدي، أو ما شئت من ثنائيات أساسها الصراع بين الكنيسة والعلم من جهة، وبينها وبين الملوك من جهة أخرى.
الإنسان، في التنزيل الكريم، الذي لا ريب فيه، مجهول خليفة في الأرض. وهو مكون من عنصرين: الأول من مادة الكون والثاني – وهو الأكثر جوهرية وأهمية – من روح الله. ولذا فهو «مكرّم» ومفضل على غيره من الكائنات.
ثم انه ذو إرادة حُرّة يسأل عما تتأدى إليه من أعمال.
وهذه المزايا كلها غير محصورة في فرد أو فئة أو شعب أو عرق، فهي موزعة بالقسطاس بين بني آدم جميعا.
فإذا ما روعي ذلك كله، وروعيت معه الرحم الإنسانية الجامعة، وروعي أن الرسل الكرام جميعا (من ذكروا في القرآن ومن لم يذكروا) واتباعهم (امة واحدة) كما جاء في القرآن الكريم؛ ثم نظر المعتبرون فيما اقامه الهدي النبوي من أُنموذج أخلاقي قوامه «الرحمة للعالمين» فان للعربي أن ينادي بمذهب إنساني إسلامي متكامل العناصر، وان يدعو البشرية كلها إلى تمثله. وان يدفع به، مع أهل الخير والفطر السليمة في الأرض، الشقاء الإنساني الذي تظاهرت القوى غير الاخلاقية على توطين ظلماته في مشارقها ومغاربها.
إن تكريم الإنسان، حيثما كان، ومن آية امة كان، ودفع الشقاء عنه، وإقامة العدل والرحمة بين الإفراد والجماعات والشعوب، كل أولئك معطيات للمذهب الإنساني الذي ندعو إليه في ضوء آيات القرآن الكريم وفي ضوء السيرة النبوية المطهرة.
بقي أن نرتفع إلى هذا السمت، وان نكون أهلا لهذه المهمة، وان نمتلك شرف أن نكون على هدى وبصيرة «قُرآنيين».