شمس نيوز / متابعة خاصة
أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، الدكتور محمد الهندي أن هناك غياب لاستراتيجية وطنية جامعة تستجيب للمخاطر والتغييرات السريعة، مشيراً إلى أن ذلك يتجلى في فشل كل جولات المصالحة الفلسطينية.
وقال الهندي خلال ندوة عقدها مركز مسارات لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية مساء اليوم الأربعاء "إن القضية الفلسطينية ومنذ أوسلو تفتقر لاستراتيجية وطنية جامعة، ويتجلى ذلك في فشل كل جولات المصالحة، وتجاوز الانقسام الذي يتجذر مع الوقت".
وأضاف "يوجد تعمد في غياب أي تقييم لما أطلق عليه المسيرة السياسية بعد أكثر من 20 عاماً".
وأوضح الهندي أن السلطة الفلسطينية أصبحت أسيرة للعملية السياسية "لأنها ركبت أساساً نتيجة لهذه العملية"، لافتاً إلى أنها فقدت القدرة على اشتقاق برنامج سياسي يستجيب لأي تغييرات "وأخذت معها منظمة التحرير التي يتم التفاوض باسمها"، حسب تعبيره.
وتابع "كما انعكس هذا الاستسلام للعملية السياسية في غياب البرنامج السياسي على حركة فتح إلى حد كبير"، لافتاً في الوقت ذاته إلى عجز فرنسا وأوروبا عن القيام بأي دور في المنطقة بعد فشل المبادرة الفرنسية.
وعلى مستوى الفصائل الفلسطينية، بيّن الدكتور الهندي أن المشاكل البنيوية التنظيمية بدأت تظهر وتعصف ببعض الفصائل "مما جعلها نهبا لصراعات داخلية وإقليمية، بعد أن أكدت أنه لا بديل عن المفاوضات المباشرة".
وذكر القيادي في الجهاد الإسلامي أن هناك جملة من التغيرات العميقة في هذه البيئة المتحولة دولياً وإقليمياً وفلسطينياً، مبيناً أن ضعف الدول العربية وتفكك جزء منها هو على وقع صراعات طائفية ومذهبية وقومية وقبلية.
وأشار إلى أنه من بين هذه التغيرات التهديد التقليدي لإسرائيل من جانب الجيوش الدول العربية "الذي اختفى تقريباً"، مردفاً بالقول "رغم أن إسرائيل كمشروع هيمنة تمثل تهديداً استراتيجياً لكل دول المنطقة بما فيها الدول العربية المعتدلة، فإن تطور الصراع في المنطقة شكل لها فرصة غير مسبوقة لتطوير منظومة علاقات وثيقة مع الدول العربية".
وزاد الدكتور الهندي "ومن بين هذه التغيرات فشل المسيرة السياسية بين السلطة وإسرائيل، لم يمنع توثيق العلاقات والتعاون الأمني بين إسرائيل والدول التي وقعت سلام معها"، موضحاً ظهور تنظيمات لا ترتكز على الدولة القطرية أو القومية في المنطقة.
كما وشدد على أن ضعف السلطة الفلسطينية وفقدان الدعم العربي الرسمي يمكن إسرائيل من استغلال الظروف الدولية والإقليمية المواتية لفرض حلاً نهائاً عبر مفاوضات مباشرة مع السلطة، منوهاً إلى أن اتفاق السلطة مع إسرائيل يشكل مدخلا للأخيرة لجني ثمار التطبيع مع الدول العربية.
واستمر بالقول "في حال توفر غطاء دولي لإسرائيل فإنه يمكّنها من اتخاذ خطوات أحادية قوية على الأرض تفرض من خلالها الحل المناسب لها في خطوة استباقية"، على حد قوله.
وطالب الهندي بعدم العودة إلى المفاوضات المباشرة وعدم التوقيع على أي اتفاق نهائي مهما كانت الضغوطات والتداعيات، مؤكداً أن السلطة الفلسطينية تفقد اليوم كل أوراق القوة.
ولفت إلى أن فتح تعصف بها اليوم مشاكل داخلية وتتعرض لضغوطات عربية متعددة تحت مبرر تحقيق المصالحة الداخلية، أو ترتيبات لمرحلة ما بعد رئيس السلطة عباس، مجدداً تأكيده على أن الوقت الذي نعيشه لا يصلح لتسوية نهائية للقضية الفلسطينية.
وقال عضو المكتب السياسي للجهاد "كل الجهد الذي يبذل اليوم في المبادرات والتعديلات واستئناف المفاوضات المباشرة، يتم على قاعدة حصار قوى الشعب الفلسطيني وعلى الأخص برنامج المقاومة وفي قلبها الانتفاضة"، مشدداً على ضرورة الحفاظ على القضية الفلسطينية فوق المحاور التي تتشكل في الإقليم، لتبقى رافعة للأمة تضبط البوصلة في اتجاه العدو المركزي للأمة، إسرائيل".
ودعا إلى تفعيل الانتفاضة لتصبح شعبية بامتياز "فالتمسك بها يمثل طرف الخيط في نظم مفردات القوة لدى الشعب الفلسطيني".
وأضاف الهندي "لا بد من انجاز ملف المصالحة والأساس هنا تحديد هدف المصالحة ببناء استراتيجية وطنية لإدارة الصراع في المرحلة القادمة، وليس الهدف الانتخابات أو الحكومة أو المحاصصة"، مشيراً إلى أن هذا يستدعي الاعتراف بالوقائع الموجودة على الأرض.
وزاد بالقول "لا يغيب عن بالنا أن كل هذه العوامل والسياسات لا تعمل إذا كان الشعب الفلسطيني محبطاً ويائساً وفاقداً للأمل في قياداته، ولذلك فإن دعم صموده اليوم وإعطائه الأمل يجب أن يقف على رأس سلم السياسات الفلسطينية".