قائمة الموقع

خبر لا تفتحوا معبر رفح..!

2016-07-28T14:44:39+03:00

بقلم: أكرم عطالله

وماذا يعني أن يُحكم على مليونين من البشر بالسجن المفتوح إلى ما لا نهاية ؟ ماذا يعني أن يحكم عليهم بانعدام الأمل وانعدام الأفق وانعدام الحياة حتى ؟ ماذا يعني أن يتوقف قطاع غزة عن الاتصال بالعالم الخارجي، ويتحول إلى قرية معزولة منسية؟ ماذا يعني ألا يتمكن الأبناء من السفر للتعليم؟ ماذا يعني أن ينهش السرطان والفشل الكلوي وأمراض لا تعد ولا تحصى؟ ماذا يعني كل ذلك ما دامت القوة المتصارعة تحقق ذاتها ومصالحها ومواقعها ورواتبها ومراتبها ورفاهيتها ..؟

صحيح أن كل هذا على حساب آلام وقوت الشعب ولكن هكذا درجت العادة في جميع دول العالم الثالث كانت القيادة تعيش رفاهيتها فوق كل تلك الآلام. ماذا يهم لو توقفت الحياة في غزة؟ وهي كذلك منذ عقد، لم يكن هناك مشكلة بالنسبة للعالم ولا حتى مشكلة لدى القيادات الفلسطينية، لأن لا أحد فكر بالبحث عن حلول ترقيعية حتى، كم كانت مشكلة كبيرة عندما حدث تباطؤ للإجراءات على المعبر الذي يربط بين الضفة والأردن.. كم كانت المعاناة مدعاة لحزن وشفقة سكان القطاع على إخوانهم في الضفة، لكن القيادة لم تسكت هددت باتخاذ اجراءات كل احترام.

لكن غزة كوكب آخر وسكانها لا يستحقون الحياة وحركة حماس ليس لديها نية لإبداء أية مرونة للانسحاب من المعبر، وهو الشرط اللازم لفتحه، وهذا بات واضحا لأنه أغلق يوم سيطرتها عليه، أما السلطة الفلسطينية وكلنا يعرف أنها لو طلبت من القاهرة إبداء مرونة على حركة المعبر لا أحد يشك في استجابة القاهرة، هكذا هو الأمر بلا أية محاولات يقوم بها أطراف الخصومة لإقناعنا ببراءة موكليهم من دم غزة وآلامها.

هذا الشرق البائس مخترع الاستبداد حافل بروايات استعباد الشعوب واحتقارها، في احتفالات الملوك القديمة كانت الشعوب تصطف يوما كاملا تحت لهيب الشمس الحارقة حين يمر الملك .. ليس مهما معاناة الملايين ولا عرقها المتصبب ومن يموت بضربة شمس، المهم أن يبتسم الملك، وفي مصر القديمة كانت تلقى العذارى في النيل قربانا للملوك.. ليس مهما عواطف الأهل ولا حياة البشر بل أن يرضى الملك، وكثير من قصص الذل والموت من أجل رفاهية الملوك.

المهم أن ملوكنا بخير.. يأكلون ويشربون ويحكمون ويقررون ويديرون ويضحكون ويمرحون ويسافرون، وأبناءهم الأمراء بخير لا ينقصهم شيء، يتعلمون بلا قلق على قسط الجامعات بل وفي أفضل الجامعات، وإن مرضوا ففي أفضل المستشفيات هذا على الأقل ما يطمئننا قليلا ويجعلنا نتجرع كل هذا الألم وكل هذه المعاناة وكل هذا الإذلال.

غزة التي كانت مسرح الصراع على السلطة بين الفلسطينيين لا تشكل سوى 1% من مساحة فلسطين، فماذا لو ضاع هذا الجزء الذي لا يذكر؟ لا شيء، صحيح أنه يضم 15% من الشعب الفلسطيني ولكن هؤلاء يبدو أنهم أصبحوا بالنسبة لحركة حماس وحتى للقيادة الفلسطينية مادة لانتصار كل منهم على الآخر في لعبة السلطة البائسة التي انهزمنا فيها جميعا، وليست تلك العنتريات والشعارات الكبيرة سوى غطاء الشعور بالفشل الذريع لقضية انحدرت إلى هذا المستوى وانحدر بها أهلها.

إذا كانت السلطة تنتظر من حركة حماس أن تبدي أية مرونة فإنها ستنتظر طويلا ،بل أنها ستسجل فشلا في قراءة عقل الحركة التي ربطت نفسها بالإسلام وتعتبر أن أي تراجع هو تراجع للإسلام، وتموت كل حماس وكل ساكني غزة دونه، هكذا هو الأمر، وإذا كانت حركة حماس تنتظر أية مرونة من السلطة ستضطر للانتظار طويلا لأنها لا تعرف أن كل هذه المعاناة الهائلة في غزة لا تساوي شيئا بالنسبة لها، بل تنتظر أن تتحول تلك إلى مادة للثورة على حماس.

باختصار نحن لسنا آدميين بالنسبة للمتصارعين، لسنا سوى مادة عمل ليس أكثر، يجري استغلال عواطفنا ودمنا ودموعنا وأمراضنا وآلامنا في بورصة الحكم التي يحاول الذين يعيشون امتيازاته إقناعنا بأعتى ما أوتوا من بلاغة وجهورية الصوت بأن حياتنا مثالية، ولشهادة التاريخ كأسير سابق عاش السجون فإن هذا أفضل سجن أراه في حياتي ، ولكن كيف نقنع الآخرين؟

اخبار ذات صلة