شمس نيوز/جنيف
وثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره الرئيس في جنيف، اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي نحو ثلاثة آلاف طفل فلسطيني سنويا، مبينا أن نسبة كبيرة منهم تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 15 عاما فقط.
ودعا المرصد في تقرير أصدره حول الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأطفال الفلسطينيين، المجتمع الدولي إلى "عدم إغماض عينيه عن هذا الخرق الفاضح لاتفاقيات حقوق الإنسان".
ولفت التقرير إلى أنه تم بالفيديو توثيق عشرات الشهادات لأطفال اعتقلوا خلال الشهور الأولى من العام 2014، مشيرا إلى أن 75% من الأطفال الذين تحتجزهم السلطات الإسرائيلية يتعرضون للتعذيب الجسدي، ويقدم 25 % منهم إلى المحاكمة العسكرية.
وأشار إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي داهمت على مدى ثلاثة أسابيع أكثر من 1500 منزل فلسطيني ومحال تجارية، وقامت باعتقال أكثر من 600 فلسطيني.
وذكر المستشار القانوني للمرصد الأورومتوسطي إحسان عادل أن "قوات شرطة وجيش الاحتلال تقتحم المنازل في منتصف الليل واعتقال الشباب من الشوارع دون إخبارهم ما هي تهمتهم أو إبلاغ ذويهم، كما هو منصوص عليه بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية".
وعرض التقرير بشكلٍ تفصيلي معاناة الأطفال من سلسلة متواصلة من الانتهاكات، تبدأ من اعتقال العديد منهم تعسفيا، أو على خلفية أعمال سلمية مشروعة وفق القانون الدولي، في مخالفة لاتفاقية حقوق الطفل - والتي كان الجانب الإسرائيلي قد صادق عليها عام 1991.
كما سرد التقرير مجموعة من الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بحق الأطفال خلال عملية الاعتقال بحد ذاتها، والكيفية التي يتم بها، "حيث يداهم الاحتلال في الغالب بيوت الأطفال بعد منتصف الليل وهم نيام، ويرافق تلك المداهمات عادةً مجموعة من الإجراءات التي تملأ الخوف في نفس الطفل وعائلته، دون مبرر واضح أو حاجة أمنية فعلية، مثل اقتحام بيت الطفل بأعداد كبيرة من الجنود بعد تفجير الباب والدخول على الطفل وهو نائم في سريره على حين غرّة".
وبين تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تعرّض أغلب الأطفال المعتقلين لتهديد وتعذيب جسدي بالضرب خلال التحقيق، وتلجأ السلطات الإسرائيلية المسؤولة عن التحقيق إلى استخدام "أسلوب العزل" ضد واحد من كل خمسة أطفال تقوم باحتجازهم، كوسيلة للضغط على الطفل أثناء التحقيق، والذي قد يمتد من عشرة أيام في المتوسط ويصل إلى ثلاثين يوماً في بعض الحالات.
وخلال فترة "العزل"، يوضح التقرير المتضمن شهادات حية، قيام سلطات التحقيق بوضع الطفل وحيداً في "زنازين" ضيقة المساحة، ولا تسمح لأي أحد بمقابلته، بما في ذلك - في بعض الأحيان- محاميه، كما أن جدران الزنازين ملوَّنة باللون الرمادي وتحتوي على نتوءات تجعل من الصعب على الطفل الاستناد إلى الحائط.
ولفت المستشار إحسان عادل النظر إلى توافق بين نتائج دراسة المرصد الأورمتوسطي ونتائج دراسة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" أُجريت في فبراير من العام 2013 والتي أوضحت أن "المعاملة السيئة للأطفال الذين يتعرضون لنظام الاحتجاز العسكري الإسرائيلي ظاهرة على نطاق واسع ومُمنهج ومُنظم خلال العملية".
وتطرق التقرير إلى الإجراءات المُنافية للقانون الدولي التي تسلكها السلطات الإسرائيلية باحتجاز الأطفال في الجانب الإسرائيلي، مما يحرم ذويهم من إمكانية زيارتهم أو حضور محاكمتهم، إضافةً إلى حرمان الأطفال من حضور محاميهم خلال المحاكمة من خلال عقدها في داخل إسرائيل ومنع المحاميين من الدخول.
وخلص التقرير إلى أن السلطات الإسرائيلية "لا تعبأ بطفولة هؤلاء الأطفال الفلسطينيين، ولا بحقهم في العيش بأمان"، مؤكدا أن "الأوامر والأنظمة العسكرية التي يخضع لها الفلسطينيون، والتي تسري على الأطفال بطبيعة الحال، تتضمن مخالفات جوهرية للقانون الدولي، مثل مخالفة تجريمها لأفعال تعد من الحقوق الطبيعية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتشديدها العقاب على أفعال ومخالفات بسيطة".
وأوصى المرصد الأورومتوسطي، في نهاية التقرير الجهات الدولية والحقوقية، "بضرورة العمل على وقف هذه الانتهاكات بحق الأطفال الفلسطينيين"، مؤكدا على ضرورة أن تقوم السلطات الإسرائيلية بعقد محاكمات الأطفال داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإعطاء الفرصة لذويهم ومحاميهم للالتقاء بهم ومرافقتهم أثناء الاستجواب أو التحقيق، وضمان عدم تعرضهم للتعذيب، وتعويضهم تعويضا عادلا في الحالات التي يثبت فيها أن اعتقالهم كان تعسفيا.
ودعا المرصد الأورومتوسطي من خلال تقريره الدول الموقّعة على اتفاقيات جنيف والمؤسسات الدولية ذات العلاقة "لإيقاع أكبر ضغط ممكن على إسرائيل بما يتضمن حرمانها من الاتفاقات المالية والمساعدات كي توقف انتهاكاتها لحقوق الإنسان بشكل فوري".
من جانبها؛ قالت ساندرا أوين، الباحثة في قسم السياسة في المرصد الأومتوسطي، "إن عدد القتلى الفلسطينيين من الأطفال منذ عام 2000 حتى الشهر الحالي بلغ 1406 أطفال، بينهم 263 طفلا تحت سن 8 سنوات، فيما بلغ عدد من هم تحت سن 15 سنة نحو 450 طفلا".