شمس نيوز / عبدالله عبيد
بدأت الفصائل الفلسطينية تجهيز نفسها استعداداً لانتخابات الهيئات والمجالس المحلية المقررة في الثامن من تشرين أول المقبل، وبدأت معها الحملات الإعلامية سواء من خلال صفحات التواصل الاجتماعي أو عبر الإذاعات المحلية أو شاشات التلفزة.
هذه الحملات بعض منها كانت تحريضية بشكل مباشر، خصوصاً التي تستخدمها الحركتين المنقسمتين "فتح وحماس"، وذلك من خلال تحميل كلا منهما المسؤولية على الآخر، وتضليل الرأي العام لإثبات أنه الأفضل وذات الكفاءة العالية، دون مراعاة شروط الدعاية الانتخابية.
إذ تمثل الانتخابات المحلية أهمية كبيرة للشعب الفلسطيني، لأنها ستكون الأولى منذ الانتخابات التي أقيمت عام 2006، حيث تسود حالة من تبادل الاتهامات بين حركتي فتح وحماس الفترة الراهنة حول تأجيل الانتخابات.
شروط الانتخابات
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، الدكتور إبراهيم أبراش فقد اعتبر الانتخابات آلية من آليات الممارسة الديمقراطية، موضحاً أنه "حتى تؤدي الانتخابات أُكلها وتحقق الاستقرار وتخرج النظام السياسي من مأزقه تحتاج إلى عدة شروط".
وذكر أبراش خلال حديثه لـ"شمس نيوز" أن هذه الشروط تتمثل في التوافق على المرجعيات الوطنية، وتحديد الهدف من الانتخابات مع الالتزام بنتائجها، مشيراً إلى أن كل هذه الشروط غير متوفرة في الحالة الفلسطينية.
وقال: "قانون الانتخابات عندما وضع آليات تطبيقه في مناطق السلطة السلطة الفلسطينية، على اعتبار أنها وحدة جغرافيا وسياسية واحدة أي تخضع لسلطة وحكومة واحدة، مستدركاً "لكن الآن يوجد سلطتين وحكومتين في غزة وفي الضفة، حيث هناك برامج متعارضة ومتناقضة وكل هذا الأمر يجعل الانتخابات شكل من المغامرة السياسية".
خطابات تحريضية
وأضاف " نلاحظ وجود احتقان عند حركتي فتح وحماس وصل إلى مرحلة كسر العظم، لأن كل منهما لا يريد أن يلجأ إلى انتخابات محلية خدماتية، ولكن يريد أن يثبت حضوره السياسي وأن الطرف الثاني هو الطرف الفاشل والخاسر"، على حد تعبير أبراش.
وأكد أن وجود درجة من التحريض والخطاب التشهيري يتعارض مع قانون الانتخابات؛ لأنه يضع قواعد وأسس للحملة الانتخابية، ، مبيّناً أن من شروط الحملة الانتخابية عدم استعمال الدين في عملية التعبئة السياسية وعدم تخوين وتكفير الطرف الثاني، بالإضافة إلى الالتزام بقواعد الأخلاق والآداب "وكل هذا غير متوفر عندنا".
ولفت د. أبراش إلى أن الحركتين تستعملان خطاباً لاستفزاز كل منهما الآخر ليدفعه للخروج من الانتخابات وبهذا يعني تعطيل العملية الانتخابية، "وأعتقد أن الطرفين دخل الانتخابات ليس عن قناعة ولكن من خلال ضغوط خارجية، أو لأن عند كل طرف يريد أن يحرج الطرف الثاني من خلال موافقته على الانتخابات".
وكانت لجنة الانتخابات المركزية أعلنت موعد إجراء الانتخابات المحلية في الثامن من أكتوبر/تشرين أول من العام الجاري، وجرى توقيع ميثاق شرف بين جميع الفصائل والأحزاب السياسية الفلسطينية برعاية لجنة الانتخابات ينص على الامتناع عن التشهير والقذف والشتم، والابتعاد عن إثارة النعرات أو استغلال المشاعر الدينية أو الطائفية والقبلية والإقليمية والعائلية أو العنصرية بين فئات المواطنين مع ضرورة إلزام المرشحين بالامتناع عن التعرض المادي للحملة الانتخابية للغير، سواء كان ذلك بال بالتخريب أو التمزيق أو إلصاق الصور والشعارات فوق صور وشعارات الآخرين، فيما تعهدت الفصائل بتنفيذ كافة بنود الميثاق.
إشكاليات كبرى
ويؤكد المحلل السياسي، ناجي شراب أن أحد نقائض الانتخابات القادمة أنها تأتي في بيئة الانقسام السياسي، وهذا يعني التشكيك والرفض بين حركتي فتح وحماس، مضيفاً "ورأينا هذا الأمر في تصريحات من الطرفين، وهناك فتاوى ورسومات وانتقادات لمواقف سياسية في غير مكانها".
ويرى شراب خلال حديثه لـ"شمس نيوز" أن الانتخابات تسير بين حماس وفتح فقط، باعتبارهما القوتين الرئيسيتين، مشيراً إلى أن أحد الإشكاليات الكبرى أن ماهية الانتخابات ومفهومها مغيب؛ لأن كل منهما ينظر إليها على أنها مجرد عملية فوز واثبات وجود وتأكيد على شرعية، دون الاخذ باعتبارها شرعية وأنها تعني منظومة قيم لتصحيح الوضع سياسي قائم".
وتابع " التخوفات من نتيجة الانتخابات قد تدفع كل طرف أن يستبق نتيجة الانتخابات وهنا تكمن المشكلة الكبرى، ولا بد أن ترضىان بهذه النتيجة"، متسائلاً في الوقت ذاته إلى أي مدى لدى حماس وفتح الاستعداد للقبول بنتائج الانتخابات؟
توافقية تشاركية
وأوضح المحلل السياسي أن كل طرف يحاول أن يقول للآخر أنه سبب البلاء والمعاناة، مردفاً بالقول " لكن ما نأمله في هذه الانتخابات أن تصحح الوضع السياسي القائم، وأن تأتي بنتائج توافقية تشاركية".
وقال "علينا أن نتعامل بالانتخابات كأمر واقع وأن نوفر لها الضمانات، وأن نعمل على تصحيح بعض المفاهيم وبعض القيم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية، لأن الفترة المتبقية فترة قصيرة جداً وليست كافية لتصحيح مفاهيم غرستها حالة الانقسام، وهذا ما يثير القلق والشك في هذه الانتخابات".
الجدير بالذكر، أن آخر انتخابات بلدية في فلسطين جرت عام 2012، وشملت هيئات محلية في الضفة فقط؛ حيث رفضت حركة "حماس" المشاركة فيها، ومنعت إجراءها في قطاع غزة.