شمس نيوز / عبدالله عبيد
"العصا والجزرة" خطة قديمة جديدة، قام باقتراحها مجددا وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان، ونشأت فكرتها ما بعد انتفاضة القدس في تشرين الأول من العام الماضي، للتعامل مع الأوضاع في الضفة الغربية، وترتكز أساسا إلى تقسيم الأراضي الفلسطينية لمناطق ساخنة وباردة، وجاءت بعد فشل الاحتلال الذريع في القضاء على الانتفاضة الثالثة.
مراقبون للشأن الفلسطيني والإسرائيلي، استبعدوا، خلال لقاءات منفصلة لـ"شمس نيوز"، إمكانية تنفيذ هذه الخطة خلال الفترة الحالية بالصورة التي يريدها ليبرمان لأسباب عديدة، مؤكدين في الوقت ذاته على أن "العصا والجزرة" ليست إلا محاولة لابتزاز السلطة للضغط عليها أكثر.
وكان ليبرمان قد صرح أنه بصدد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على خطة "العصا والجزرة" للتعامل مع الفلسطينيين، خاصةً طبقة رجال الأعمال والأكاديميين، بهدف تشجيع "المعتدلين" منهم، وبناء الجيرة الحسنة، إضافةً لوقف العمليات"، وفق تعبيره.
وتقيم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وفقا لهذه السياسة موقعا إخباريا إلكترونيا ينطق باللغة العربية بتمويل قدره 10 ملايين شيكل، تجري إدارته من قبل "مكتب منسق شؤون الحكومة في الضفة الغربية" لكن لم يتم حتى الآن تحديد هوية محرر هذا الموقع.
وقال ليبرمان "سنتبنى سياسة تفاضلية في منطقة "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية) وستكون "هناك ثلاثة مبادئ أساسية تقوم عليها سياسة العصا والجزرة، الأول هو تقديم الجزر وإشهار العصا، الحوار مع الجمهور الفلسطيني".
إمكانية تنفيذها
المختص بالشأن الإسرائيلي، وديع أبو نصار، في حديثه لـ "شمس نيوز"، يرى بأن الاحتلال لديه إمكانيات لتنفيذ هذه الخطة، خصوصاً وأن ليبرمان "واضع هذه الخطة" مسئولا عن الجيش الإسرائيلي والذي يسيطر على الغالبية العظمى من أراضي الضفة الغربية.
وقال أبو نصار"من ناحية الإمكانية إسرائيل دائماً لديها إمكانيات تؤهلها لتنفيذ ما تطرحه، خصوصاً وأن ليبرمان هو المسؤول عن الجيش المسيطر على أغلب أراضي الضفة"، منوهاً إلى أن هناك أدوات عديدة بين يدي ليبرمان لتنفيذ خطته.
وذكر أن ليبرمان سيفشل في تنفيذ خطة "العصا والجزرة" لسببين وهما: أن "هذه الخطة تظهر عدم فهم لدى ليبرمان ومن وضعوا معه تلك الخطة لحقيقة وطبيعة الوضع الفلسطيني، لأن الفلسطيني لا يبحث فقط عن عيش كريم بل يبحث عن حرية".
وأضاف "الأمر الثاني أن هناك الكثير من العراقيل والمعوقات على الأرض التي من شأنها تعطيل موضوع الخطة، سواء من السلطة الفلسطينية أو الفصائل أو من خلال جهات فلسطينية أخرى مناوئة لها، وحتى جهات إسرائيلية ترى بأن الخطة غير مقبولة كالمستوطنين أو حتى اليساريين"، حسب أقوال أبو نصار.
ويريد ليبرمان في خطته تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق ساخنة وباردة، المناطق الساخنة هي تلك التي يخرج منها منفذون لعمليات المقاومة، سكان هذه المناطق سيعانون من سياسيات الإغلاق والعقاب الجماعي.
أما المناطق التي سماها بـ"الباردة"، فهي المناطق الهادئة أمنياً حسب تعبيره، حيث ستشهد هذه المناطق حرية حركة، ومشاريع تطويرية في قطاعات مختلفة مثل إقامة ملاعب لكرة القدم ومناطق صناعية، وغيرها من المشاريع التطويرية.
قديمة جديدة
أما المحلل السياسي، إياد البرغوثي فقد اعتبر أن خطة "العصا والجزرة" خطة قديمة جديدة استعملتها إسرائيل منذ بداية انتفاضة القدس، موضحاً أن الاحتلال يحاول ابتزاز الفلسطينيين من خلال هذه الخطة للضغط عليهم أكثر، خصوصاً أن السلطة الفلسطينية في حالة ضعف بسبب الوضع العربي العام، أو بسبب الظروف الفلسطينية الداخلية.
وأشار البرغوثي إلى أن ليبرمان واضح في سياسته الأكثر "يمينية وفاشية" تجاه الفلسطينيين، مشدداً على أن موقعه في الحكومة الإسرائيليه الآن وتوليه حقيبة وزارة الجيش تجعله يخرج من تصريحاته إلى عمل سياسي على أرض الواقع، "وبالتالي فإن زاد الأمر تعقيداً سيزيد من ناحية كمية وليس من ناحية كيفية".
وحول إمكانية تنفيذ هذه الخطة، قال "إن ليبرمان يحاول من خلال خطته إيجاد بديل عن السلطة الفلسطينية وفي حال تم ذلك تغيرت الأوضاع"، مؤكداً أن (إسرائيل) لن تذهب في إيجاد بديل عن السلطة القائمة "لأن هناك أمورا مشتركة بينهما وطريقة واضحة للتعامل معها".
وتابع المحلل البرغوثي "إذا بحثت إسرائيل عن بديل فهذا يعني "إحياء السلطة بشكلها القديم أي بشكل منظمة التحرير، الأمر الذي لن يكون في صالح إسرائيل"، لافتاً إلى أن الاحتلال يحاول الحفاظ على الوضع القائم بالحد الأدنى للقوة، على حد تعبيره.
وعن التعامل مع خطة ليبرمان، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، كل متعامل معها "عميلا وخارجا عن القانون والصف الوطني"، وجدد مجدلاني التأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، داعياً إلى مقاومة خطة ليبرمان وعدم الانجرار وراء دعواته.
تعاون محدود
وفي ذات السياق، استبعد المختص بالشأن الإسرائيلي أبو نصار تأييدا علنياً لهذه الخطة من أي جهة فلسطينية، مستدركاً "لكن قد يكون هناك تعاون محدود من بعض العائلات والناشطين هنا وهناك".
وأردف أبو نصار قائلاً: " يريد ليبرمان فلسطينيين يبحثون عن لقمة عيش هنا وهناك وليس عن مكاتب سياسية، والسلطة الفلسطينية بكل ضعفها لا يمكن أن توافق على مثل هذا التوجه".
وخرجت ردود فعل غاضبة من جانب قيادة الاحتلال تجاه خطة "العصا والجزرة"، خاصة فيما يتعلق بالقسم الذي يزعم فيه ليبرمان منح "الجزر"، بمعنى تسهيلات للفلسطينيين، خصوصاً في المنطقة "ج".
وقال عضو الكنيست، المستوطن يؤاف كيش، من حزب الليكود: إن "ليبرمان ارتبك وجزراته هي عُصي للاستيطان اليهودي، إذ لا يعقل أن يتم هدم (البؤرة الاستيطانية العشوائية) عامونا، وتبييض البناء العربي غير القانوني".
كما قال رئيس مجلس الكتلة الاستيطانية "غوش عتصيون"، دافيدي بيرل: "نرحب بقرار إعطاء امتيازات وتسهيلات للسكان العرب الذين لا يدعمون الإرهاب، ومن الجهة الأخرى تنفيذ خطوات عقابية تجاه السكان الذين تخرج من بينهم عمليات خلال موجة الإرهاب الأخيرة".