قائمة الموقع

خبر داخل "الصفيح الأبيض" أمراض جلدية اخفت ملامح الطفولة

2016-08-25T11:58:57+03:00

شمس نيوز/ منى حجازي

بعد مرور عامين على ذكرى الحرب الأخيرة على قطاع غزّة، كان وما زال أثرها يحفر قساوته على وجوه الغزيّين، سكّان "الكرافانات" نموذجًا.

 "بيوت" من الصفيح بالكاد لا تصلح للعيش الآدمي، أجبرت آلاف العائلات على اللجوء إليها بعدما دمّرت "إسرائيل" منازلهم خلال الحرب.

ظنّوا أنّ محاولة العيش في هذه البيوت لن تأخذ وقتًا طويلًا، خصوصًا بعد تعهّد الدول بالتبرّع لصالح دعم إعمار القطاع، ولكن تمرّ السنين من دون جدوى. فلهيب الصيف وبرد الشتاء كما انتشار الحشرات التي تنهش أجساد الصّغار منهم والكبار لم تشفع لسكّان الكرافانات للسّعي نحو نجدتهم وإعادة إعمار منازلهم.

تعطل شبكات الصرف الصحي القريبة من مكان التجمع وسط البلدة في شمال قطاع غزة، جعل المشكلات الصحية والنفسية أبرز وأخطر ما تواجه تلك التجمعات، بعد انتشار البعوض والحشرات التي تأكل أجسادهم أكلًا.

إلى الخارج

رضا المصري، أم لثلاثة أطفال، تشرح لمراسلة "شمس نيوز"شيئًا من المعاناة في توفير العلاج لأطفالها، كما جاراتها اللاتي لم يترددن في مشاركتها الحديث، حول الأمراض المتفشيّة بينهن وبين عائلاتهن، منها أمراض الحساسية والجدري والبقع الحمراء التي طغت على أجساد أطفالهن، بسبب مادة "البلاتين" الموجودة في الكرافانات، والتي تتحلل مع الحرارة وتسبب لهم ضيق التنفس ومشكلات في القفص الصدري، تجبرهم على الهروب خارجًا.

بعلو صوتها، قاطعت آمنة نصير حديث المصري قائلة: "بالكاد انتهيت من معالجة أحد أبنائي إلا وظهر المرض على ابني الثاني ليعاني من ذات المرض، لا أدوية ولا رعاية ولا مال يوفر لنا العلاج الكامل، زوجي لا يعمل وليس باستطاعتنا توفير العلاج المضاد للحساسيّة"

بدوره، يشتكي ناصر الكفارنة، من انتشار الحشرات والقوارض بشكل كبير، مع انتشار النفايات وتراكمها، الأمر الذي أدى إلى انتشار الروائح الكريهة بالمنطقة، إلى جانب الأمراض الجلدية والتنفسية بين السكان.

نبذل جهوداً لكن ..!

وبخصوص رأي البلدية، يؤكّد يونس غالية مدير قسم البيئة في بلدة بيت حانون،لـ"شمس نيوز" على أن طواقم البلدية تبذل كل ما تستطيع فعله من أعمال صيانة وترميم لشبكات الصرف الصحي القريبة من أماكن تجمع الكرافانات، موضحاً أن الاحتلال قد دمر بشكل كبير البنية التحتية للبلدة خلال الحرب.

ويطالب الجهات المعنية والحقوقية، التدخل العاجل لإنقاذ حياة الناس والأطفال خصوصًا، من الحشرات الضارة والقوارض المنتشرة في اماكن التجمعات، بسبب المياه العادمة وتجمع النفايات.

المتجول بين الكرافات، يجد أن أكثر المصابين بالأمراض الجلدية هم من فئة الأطفال. طفوح جلدية حمراء، وحبوب حمراء تسبب "الحكة" المصاحب بخروج الدم، وتلون الجلد للأسود والأزرق بسبب نقص العناية والنظافة.

مواد سامة

ويوضح زياد أبو دقة المختص في الامراض الجلدية، أن أسباب انتشار الأمراض الجلدية عند سكان الكرافانات والمناطق الحدودية، بسبب استخدام الاحتلال الإسرائيلي موادًا سامة.

ويشير أبو دقة في حديثه لـ"شمس نيوز" إلى أن الطفح الجلدي وتقشر البشرة والحساسية جاءت نتيجة تفاعل المواد المتفجرة  التي ألقتها إسرائيل مع الجو الحار في المناطق الحدودية وعلى المزارع، وبيوت الصفيح.

 ويرجح أبو دقة استخدم الاحتلال للمواد الكيماوية كالفسفور الأبيض واليورانيوم غير المخصب.

بشكل مستمر

أمّا عن دور وزارة الصحة، يقول أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحّة في لـ"شمس نيوز"، أن مشافي غزة تستقبل ما يقارب من 300 إلى 400 حالة شهريًا، ما بين مصابين بالحمى وبالأمراض الجلدية وجميعهم من سكان الكرافانات.

ويرجع إلى أن الأموال التشغيلية لوزارة الصحة المخصّصة من رام الله تمنعهم من إعداد جولات صحية على الكرافانات كون تلك الأموال لا تغطي علاج آلاف المرضى، غير أن الأدوية لا تكفي حتى نهاية الشهر.

 ويردف: "كل فترة ليست بقليلة، نحاول إعداد جولة ومراقبة صحية على هؤلاء الموتى الأحياء".

وفي إحصاءات وزارة مجموع مرضى الأمراض الجلدية عام 2015، قارب المائة ألف مريض، بزيادة حوالي أكثر من 5 آلاف مريض جديد عن عام 2014.

كما بينت أن كل طبيب في غزة يعالج قرابة 500 مريض شهرياً، بفارق كبير جداً عن المعدل الطبيعي المتعارف عليه في الأوساط الطبية بأن يعالج الطبيب 20 مريضاً في الشهر.

نهشت جلودهم وعقولهم

وعن الأمراض النفسية، يعلق الطبيب النفسي وأخصائي الأعصاب محمد أبو السبح: "المشكلة الأعمق ليس في توفير منازل مستقبلا لهؤلاء المواطنين، بل هي كيف يمكننا انتشالهم من الأمراض التي نهشت عقولهم ونفسيتهم التي أصبحت من قوسين أو ادنى محطمة".

ويوضح خلال حديثه لـمراسلتنا أن هناك ثغرات ووباء نفسي استوطن هؤلاء السكان خلال العامين الأخيرين لهم، قائلًا:" عدم الشعور بالأمان، والافتقار للخصوصية، وتقطع علاقتهم الاجتماعية، والنظر إلي أنفسهم أنهم أصبحوا عالة على المجتمع، عوامل جميعها تحول هؤلاء المواطنين إلى مرضى نفسين من الدرجة الأولى".

ويرى أبو السبح أن تأهيل وإعداد مؤسسات وورشات نفسية وتهيئة جيش من الأطباء والخبراء النفسيين ضروري لإنقاذ سكان الكرافانات قبل وقوعهم في وحل " الجنون". ويؤكّد أن جميهم دون استثناء يعانون من اضطرابات نفسية.

ويذكر أن اسرائيل دمّرت أكثر من 1120وحدة سكنية خلال حرب 2014، ما أجبر السكّان على القبول بـ"بيوت الصفيح" كحل بديل ومؤقت إلى أن تتم إعادة إعمار قطاع غزّة.

 

اخبار ذات صلة