شمس نيوز / ولاء فروانة
تصوير: حسن الجدي
في نصف صندوق مفتوح مثبت بنهاية الدراجة النارية كما يفعل الكثير في غزة، ينقلون عليها حاجياتهم، وضع المواطن عماد الشريف ثلاثة من أبنائه، متراصين إلى جانب بعضهم البعض.
مشهد صدم المارة ودفع بعضهم للطلب منه إنزالهم، خوفا عليهم من الحمولة الزائدة على الدراجة؛ لكن تريث قليلاً، فأطفاله لا يمتلكون أطرافاً سفلية، وثلاثتهم بنصف جسد، وقد أجبر على نقلهم بواسطة الدراجة لعدم تمكنهم من الحركة أو المشي.
بابتسامته الحزينة يستأذن أبو محمد من مراسل "شمس نيوز" كي لا يؤخر أطفاله عن مدرستهم، فعليه أن يوصلهم ويحملهم إلى مقاعدهم داخل صفهم الدراسي ثم يعود أدراجه إلى المنزل أو إلى عمله، يقول والدهم:"معاناتي تتجدد يومياً، أحمد الله على كل حال، رزقني بخمسة أطفال ثلاثة منهم يعانون من تشوه خلقي منذ الولادة فهم بدون أطراف سفلية، وأيضاً يوجد نقص وتشوهات في أصابع أيديهم.
ويقول الوالد إن المنزل غير مجهز للعيش خاصة إن كان سكانه من ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد عُرّش بالصفيح على الطابق الرابع، قطع القماش وبعض ألواح الصفيح "الزينكو" وضعت لحماية أطفاله الصغار من أشعة الشمس الساطعة، والارتفاع الكبير لدرجات الحرارة خلال فصل الصيف، ولا يوجد به بلاط يُسهّل عليه مهمتهم في الزحف.
أنصاف أجساد!
سجود صاحبة التسع سنوات، ومحمد 8 سنوات، والرضيع أنس الذي لم يتجاوز العشرة أشهر، يعانون من إعاقة وجدت منذ ولادتهم، وهي عدم اكتمال نمو أجسادهم، دون وجود للجزء السفلي، مع نقص في نمو بعض الأطراف العلوية.
ويقول الشريف بأن الأطباء أرجعوا سبب إصابة أبنائه بهذا الأمر لعامل وراثي، لكن بعض الأطباء لم يؤكدوا ذلك.
فقر ومعاناة
يضيف والدهم: "دخلي لا يسمح أن أُلبي لهم كل ما يحتاجون، فأنا أعمل مع أخي يومين في الأسبوع موزعا لأنابيب الغاز، ولا أستطيع الغياب عن المنزل لوقت طويل، فعليّ أن أنقل أبنائي على الدرج، وأن أهتم بشؤونهم الخاصة مع والدتهم في المنزل، وصعوبة الحال وتردي الأوضاع الاقتصادية جعلني أشعر بالخوف والقلق على مستقبلهم".
وتابع أبو محمد وهو ينظر إلى طفله الأصغر أنس الذي يجلس في حضن أمه، بأنه يعاني من انغلاق فتحة الشرج، وتم إجراء عملية له في مشافي القطاع، فُتحت خلالها فتحة في بطنه، ويحتاج إلى عملية أخرى أكثر صعوبة لم تُقرر بعد، ويخشى أن يًجريها لطفله في القطاع، فسمع عن حالات مماثلة كثيرة لم تكلل عملياتهم بالنجاح هنا، لذلك يحتاج لتكاليف مادية كبيرة حسب قوله.
وإن اضطر الأطفال التحرك في غياب والدهم فيزحفون على أيديهم عند النزول أو الصعود على سلم البناية الطويل في حي الشابورة بمدينة رفح جنوب القطاع، وصولاً إلى منزلهم.
وأشار الشريف إلى أنه لم يتلقَّ أية مساعدة تعينه وأطفاله من أي جهة كانت حتى الجمعيات التي ترعى المعاقين، أغلقت الباب في وجهه، وتتحجج دوماً بأنها لم تحصل على دعم عند توجههِ إليها، وكان يأمل بأن تمده بالحفاضات والحليب!
وختم أبو محمد قوله بأنه يطالب ببناء بيتٍ يؤويه مع أطفاله، يكون مؤهّلا للتعاطي مع حالتهم الصعبة، كما أشار إلى أن أبناءه بحاجة لرعاية طبية خاصة ربما تساهم في التقليل من معاناتهم، كتركيب أطراف صناعية لأطفاله يتم زراعتها وتركيبها في الخارج.