غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر عن خارطة الطريق العربية وأزمة دحلان!

بقلم: أكرم عطاالله

لعبة السياسة هي لعبة المصالح أولاً وليس من الغريب أن تلعب الشخصية منها الدور الأبرز في مكونات السياسة الداخلية، وتلك المصالح غالباً ما يتم تغليفها بلغة الوطن والمصلحة العامة، لكن الحقيقة التي يعرفها الجميع في حالتنا الفلسطينية بعد هذا المشهد المكلل بالانقسامات هو أن كل ما يحدث لدينا هو أن الفصائل فشلت في توزيع السلطة أو تقاسمها، يبدو أن السلطة الصغيرة  نظراً لحجمها لم تعد قادرة على تلبية رغبات هذا الكم الكبير ممن يرون في أنفسهم أحقية امتيازاتها.

عندما تفشل التوازنات السياسية في توزيع السلطة والثروة تصبح الصراعات والخلافات هي الشكل الوحيد للتعبير عن ذلك الفشل، هذا حدث في الدول العربية التي عاشت سنوات الاضطراب الأخيرة ووصلت الى حد تدميرها، يبدو أننا لم نكن استثناء لأن ما حدث لدينا هو نسخة مصغرة لما حدث في الاقليم وليس للانقسام  عندنا تفسير أبعد كثيراً من هذا بالاضافة لعوامل أخرى فقد اندلعت الأزمة عندما فشلت الأطراف من تنفيذ اتفاق مكة الذي عجز عن اعادة توزيع القوة في وزارة الداخلية.

خلافاً آخر لم يكن بالحسبان هو الذي حدث داخل حركة فتح وأدى الى فصل عضو لجنتها المركزية السابق محمد دحلان، ولأن فتح عمود الخيمة في المشروع الوطني كثيرون تمنوا أن ينتهي دحلان وأن يختفي عن الخارطة السياسية وتبقى فتح موحدة، ولكن ذلك لم يحدث اذ ظهر الرجل في كثير من الأماكن، انتخابات البلدية 2012، وحسناً أنه قرر دعم الحركة في الانتخابات الحالية واِلا لظهرت أزمة حقيقية، وفي كل انتخابات الأقاليم تحديداً في قطاع غزة في كل مرة يحصي الفتحاويون كم فاز من مؤيدي دحلان لتظهر أن هناك أزمة حقيقية لدى الحركة أو ما يشبه الانقسام الذي لا يريد أن يراه الكثيرون لكنه حقيقة واضحة.

كثيرون حرضوا الرئيس أبو مازن على النائب دحلان ودفعوا باتجاه اقصاءه عن المشهد السياسي، كثيرون من أصحاب المصالح أحدثوا وقيعة بين الرجلين واستمروا في النفخ لضمان احتكار السلطة والحركة في يد مجموعة تستفيد من غياب الرجل المفصول، وهكذا باتت فتح تعيش أزمة في كثير من الموافع مصحوبة بحالة من الشك والريبة كل من الآخر، وبالمقابل سعى كثير من الانشقاقيين  لتحريض النائب دحلان على رفع وتيرة الخصومة مع الرئيس ودفعه باتجاه تشكيل حزب سياسي منافس لحركة فتح يمكنهم من الدخول للنظام السياسي.

ظلت المسألة معلقة وتجد تعبيراتها في كل ما يتعلق بالحركة سواء انتخابات محلية أو حتى تنظيمية تضاف هذه الى الانقسام الأكبر بين حركتي فتح وحماس والذي لم يتمكن الفلسطينيون من اِنهائه، تلك الانقسامات بدت التعبير الأبرز عن أزمتنا الكبرى لم نسجل لأنفسنا نجاحاً سوى في الخلافات والصراعات ولا مشهد واحد للوحدة، الصراع عادة ما  ينتهي بانقسام أبديا وظهر أننا نعرف كيف ننقسم ولكن لا نعرف كيف نتوحد.

هذا الأمر استدعى تدخلاً عربياً نشرت خريطة طريق بالأمس، الحقيقة أن وضعنا الداخلي أصبح بحاجة الى رعاية عربية لأننا أنتجنا كل هذا الفشل التشظي ولو كان المشهد على غير ذلك لما تدخلت العواصم،  الحقيقة يجب أن نقدم الشكر للدول العربية التي هالها هذا المشهد الفلسطيني الآخذ بالتراجع دون حساسية كبيرة فالتدخل العربي هنا لا يتعلق بفرض خطة سياسية أو اتفاق قسري يتعلق بالوطن ويمس بالثوابت، المسألة تتعلق بمصالحات وقد كان هناك تجارب عربية بالتدخل معنا في حل الخلاف بين حركتي فتح وحماس وقبلنا بذلك، لماذا أثيرت كل هذه الحساسية عندما تعلق الأمر بحركة فتح؟ يبدو أن من حرض الرئيس أبو مازن منذ البداية لازال يقوم بدوره لأن الخلاف اتسع والخصومة أصبحت أكبر وكثيرون بنوا مصالحهم على أن هذا هو الثابت في حركة فتح، بالاضافة الى أن هناك أطراف بدأت تستعد لوراثة الرئيس ولا يتوقع أن تقبل بمنافس جديد يعود للظهور بعد ابعاده والاخطر أن هناك من بدأ باحياء نزعات جهوية لتعزيز موقفه أو بالأحرى موقعه.

اِن الحساسية المفرطة من التدخلات العربية هي حالة مبالغ فيها والا ماذا كانت اتفاقيات مكة وصنعاء والقاهرة والدوحة؟ أليست تدخل في الملف الفلسطيني، الرئيس أبو مازن هو عمود الخيمة الذي يمثل الحالة الأبدية للنظام السياسي الفلسطيني بامكانه وحده أن يقطع الطريق على العواصم وتدخلاتها اذا ما بدأ مع الكل الوطني بلملمة الحالة المبعثرة التي لا تسر صديق،  ربما لهذا تدخل الأصدقاء ولا تغيظ عدو،  بالعكس هي مدعاة للفرح في تل أبيب فماذا لا نتصالح؟  المبادرة العربية المنشورة خارطة طريق معقولة،  لا ضير بأن نسير بها ولا ينتقص من كبريائنا ولا قرارنا كما يقول المحرضون والمستفيدون من انقساماتنا على الأقل بالنسبة لنا في غزة فان بها نصاً يتحدث عن فتح معبر رفح هذا الشهر.

علينا ان نتذكر أننا عندما تُركنا وحدنا لم ننتج سوى الانقسامات والشتائم وأننا عندما تُركنا أظهرنا عجزاً فاضحاً في ادارة صراعاتنا وأن التدخل العربي قد بدأ من 2006 في محاولة مصالحتنا قبل أن نسجل الفشل الكبير، هكذا نحن علينا ان ننظر لأنفسنا قبل أن نرفع شعارات تغطية للمصالح الصغيرة على حساب الوطن والمواطن الذي انسحق وسط ترف الصراعات كفى ادعاء..!!

المقال يعبر عن رأي الكاتب

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".