بقلم : أكرم عطاالله
لا أحد يعرف ما هو السر الذي يجعل حركة حماس طوال سنوات تصر على التواجد في معبر مغلق وتتحمل مسئولية اعتقال مليونين من البشر، وفي حالة دفاع دائمة عن النفس لأن المعبر لن يفتح طالما بقيت تديره الحركة، تلك معادلة تحققت أمامنا بالرغم من كل المحاولات السابقة الا أن النتيجة أن المعبر سيبقى مغلقاً في ظل وجودها ولم يدعوها ذلك للتفكير حتى .
ولا أحد يعرف لماذا أيضاً تصر القاهرة على اغلاقه بهذا الشكل غير المفهوم وغير المبرر، فهنا تتفاقم كارثة لا مثيل لها تستدعي شفقة كل الكون تجاه هذا التجمع البشري الذي يتزايد في منطقة صغيرة ومزدحمة ولا تستطيع أن توفر أدنى متطلبات الحياة الانسانية اذا ما أغلقت، بل وتتحول المأساة الى نوع من التراجيديا التي تملأ قصص الحزن منها كل البيوت، صحيح أن وجود حركة حماس مخالف للاتفاقيات في ادارة المعبر ولكن على الأقل كان المعبر مفتوحاً للحالات الانسانية في عصر الرئيس مبارك وكذلك المجلس العسكري أما الآن فقد انغلق تماماً.
ولا أحد يعرف ما السر في عدم تدخل السلطة في التخفيف عن الكارثة المتفاقمة رغم ادراكنا لما قامت به حركة حماس، لكن بالنهاية فان مواطني قطاع غزة هم رعايا السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها مسؤولة عن كل الفلسطينيين في الداخل والشتات التي كانت تقدم لهم العون في ظل تواجد الاحتلال عندما كانت في تونس لم تدخر جهداً للتخفيف عن معاناتهم، وكلنا يعرف أن السلطة اذا طلبت من مصر شيء من هذا القبيل بامكان ايجاد حل وسط، ودائماً عندما يفتح المعبر في أوقات متباعدة يقول الناطقون باسم الرئاسة أنه فتح بناء على طلب الرئيس فهل هم يورطون الرئيس؟ طالما أنه يفتح عندما يطلب فلماذا لا يطلب دائماً؟؟ إذا كان الأمر بهذه البساطة.
كيف يمكن أن نقنع كل هؤلاء أن الكارثة أكبر من هذا الصراع على السلطة؟ وأكبر كثيراً من تحقيق ارادات باتت لا تعني شيئاً في سوق السياسة عندما تنكسر ارادة المواطن، كيف يمكن أن نقنعهم بأن حياتنا الطبيعية أهم كثيراً من مصالحهم وصراعاتهم وكراسيهم؟ وأن مستقبل أبناءنا أهم أيضاً من تحقق مستقبل أبنائهم؟ هل رأيتم ابن مسئول يعمل سائق تاكسي أو عامل بناء مثلاً؟ أو يدور بشهاداته العلمية على المؤسسات باحثاً عن فرصة عمل؟ فكروا في المسألة.
السلطة في العالم العربي تعني الثروة والامتيازات وحين تصبح تلك على حساب المواطن وأن يدفع ثمنها وأن تبقى مجموعة محددة تحتكر السلطة والمال والامتيازات وتحدث شللاً في النظام السياسي وتمنع الانتخابات بهذا الشكل فانها تضع نفسها في صدام مع المواطن، هكذا حدث في تونس وفي مصر وفي غيرها من الدول، وقد جربنا كثيراً الكتابة والنصح وطالبنا بالانتخابات وليس هناك من يسمع لأن الآذان أغلقت والعيون أصيبت بالعمى ولا ترى الا ما تريد نجد أنفسنا أمام دائرة مغلقة لا بد من كسرها.
الوضع الفلسطيني برمته يشهد انهيار لا مثيل له هنا في غزة يعبر عن نفسه بتفاصيل يوميات أي مواطن لا يجد غير الشكوى، وفي الضفة كانت أحداث نابلس تنذر بناقوس الخطر لكن في الضفة ظل المعبر مفتوحاً فحينما تتحول حياة المواطن الى جحيم بامكانه الهروب ولكن في غزة تصارعوا على السلطة وكسروا سلم النجاة لمن أراد الهرب ومنذ سنوات يتحاورون شكلاً على الانقاذ، لكن كل المتحاورين البعيدين عن معاناة المواطن لا يعيشون هم وأبنائهم لحظة الضغط التي تستدعي البحث عن مخرج، رأينا كيف يسافرون عندما يقررون.
الحقيقة أن الشعوب التي تعرضت لظلم وقهر من حكامها تحركت وثارت وتمكنت من احداث التغيير عندما شعرت أن الحكام يريدون تأبيد وجودهم في السلطة، نحن لا نريد أن نقلب نظام الحكم لكن نريد منه ايجاد حل لمعبر رفح وبعدها لا مانع من أن يستمر صراع الفصائل خمسة عقود أخرى اذا ما كان هناك متسع للرحيل عن الوطن وتركه لهم يتصارعون حينها يمكن أن نتحمل صراعهم أما أن نكون ضحيته ونقبل فهذا عار علينا نحن..!