شمس نيوز / عبدالله عبيد
أسابيع قليلة وتدخل انتفاضة القدس عامها الثاني، رغم المحاولات الكثيرة لاحتوائها أو الالتفاف عليها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والذي خرج رئيس وزراء حكومته بنيامين نتنياهو مدعيا في ابريل الماضي, أن الأساليب والسياسات الأمنية التي اتبعتها حكومته تمكنت من وقف الانتفاضة،ولكن الميدان عكس خلاف ذلك .
ففي ظل التغيرات التي طرأت خلال انتفاضة القدس، فتارة يكون هناك تصاعد في العمليات التي ينفذها الشبان الفلسطينيين وتارة أخرى تتراجع وتيرتها بشكل كبير، فعدم ثبات مؤشر الأحداث والمواجهات في هذه الانتفاضة، جعلت المراقبين والمحللين السياسيين عاجزين عن دراسة حالتها بشكل جيد.
محللون ومراقبون خلال أحاديث منفصلة مع "شمس نيوز"، رأوا أنه من الصعب تقييم علمي جيد لانتفاضة القدس، وذلك لأن العمليات التي يقوم بتنفيذها الشبان الفلسطينيين تكون في أغلبها فردية، ولا تتعامل مع سياسات تنظيمية، مشددين على أن الانتفاضة بحاجة إلى قيادة وطنية موحدة، وبرنامج جدي مشترك يجمع عليها أطراف العمل الوطني الفلسطيني.
تحرك المشاعر
أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، البروفسور عبد الستار قاسم، أكد بأن عمليات الطعن التي ينفذها الشبان في مدن الضفة الغربية ومدينة القدس، قد تزايدت مع تزايد قتل الفلسطينيين، مشيراً إلى أن حدة قتل الفلسطينيين من قبل الجنود الإسرائيليين والمستوطنين ازدادت الآونة الأخيرة.
وقال قاسم في حديثه لـ"شمس نيوز"، إن الجرائم التي يرتكبها الإسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني من إعدامات وقتل بدم بارد بالإضافة إلى الاعتقالات والمداهمات وهدم البيوت، ولّدت شعور بالإهانة والضعف والخذلان، حرّك المشاعر الوطنية لدى الشبان للقيام بتنفيذ عمليات طعن وإطلاق نار ضد الإسرائيليين.
وبحسب المحلل السياسي، فإن البيئة الوطنية والسياسية في الضفة الغربية لا تساعد على تأجيج انتفاضة، الأمر الذي يضع الكثير من العراقيل أمام العمل الوطني، مبيّناً أن السلطة الفلسطينية لم تقم عبر السنتين السابقتين، لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني بحيث تتوفر بيئة صالحة للعمل الوطني بالضفة .
وتصاعدت خلال الأيام الماضية وتيرة "انتفاضة القدس" بعد حادثة إعدام ثلاثة فلسطينيين في مدينة الخليل ورابع يحمل الجنسية الأردنية في مدينة القدس المحتلة الجمعة الماضية، حيث قام عدد من الشبان الفلسطيني بتفعيل عمليات دهس وطعن ضد جنود الاحتلال رداً على حادثة الإعدام.
ردّات فعل
ومن وجهة نظر المحلل السياسي، محسن أبو رمضان فإن ما يحدث هو ردات فعل انفعالية لا تتوافق مع شروط الانتفاضة، مطالباً بإعادة تقييم لما يحدث بالضفة الغربية والقدس من قبل الفصائل الفلسطينية لتطوير هذه الردات إلى انتفاضة واسعة.
ويرى أبو رمضان خلال حديثه لـ"شمس نيوز"، أن الانتفاضة بحاجة إلى قيادة وطنية موحدة وبرنامج مشترك يجمع عليها أطراف العمل الوطني الفلسطيني، بالإضافة إلى أشكال متفق عليها من النضال وخاصة المقاومة الشعبية وهذا من شروط الانتفاضة، حسب تعبيره.
وأشار إلى أن الإجراءات الإسرائيلية من استيطان وتهويد بالقدس وغيرها، تولّد حالة من الاحتقان وردود فعل عاطفية وانفعالية من الفلسطينيين باتجاه مقاومة هذه الإجراءات، مستدركاً "لكنها لا ترتقي إلى مرحلة الانتفاضة، لأننا نتحدث عن موجات ترتفع وتنخفض بناء على الاستفزاز الإسرائيلي للفلسطينيين".
الفعل المستدام
وأضاف: "لا نستطيع أن نتحدث عن ما يحدث فعل مستدام، لأن المستدام عبارة عن الفعل المتواصل والشعبي، وهو الذي يصنف بالمفهوم العلمي في إطار الانتفاضة، وما دون ذلك لا يمكن تصنيفه".
واعتبر المحلل أبو رمضان، أن السلطة الفلسطينية ضعيفة بشكل كبير وفي وضع صعب، للتحرك نحو الانتفاضة لاستمرارها، موضحاً أنها "لا تستطيع أن تكون جزء من هذا الفعل إلا إذا استطاعت أن تدير ظهرها لاتفاق أوسلو وملحقاته واستحقاقاته".
وأردف قائلاً: "أما الفصائل فتتفاوت مستوى تفاعلها مع هذه الردود الانفعالية التي تتم من قبل الشبان، فهناك من يدعمها ويشجعها وهناك غير مبالي لها، لأنه يعتبرها مجرد هبات فقط".
وانطلقت شرارة انتفاضة القدس في الأول من أكتوبر بعد تمادي الاحتلال الإسرائيلي في جرائمه ضد المسجد الأقصى المبارك، عبر اقتحامه بشكل يومي بأعداد كبيرة، إضافة إلى تصاعد جرائم الاحتلال والمستوطنين ضد المواطنين الفلسطينيين في مدن الضفة المحتلة.